استئناف الملاحة النهرية  بين السودان وجنوب السودان  ..  تدابير قبل التنفيذ

 

تقريرـ عوضية سليمان

عدد من الأجندة حملتها حقيبة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك في زيارته الأخيرة لعاصمة جنوب السودان جوبا تنوعت ما بين الإقليمي الذي يحتويه إطار منظمة الإيقاد وما بين الملفات المشتركة بين البلدين والتي كانت ذات أبعاد مختلفة شملت أطر التعاون المشترك بين السودان وجنوب السودان فضلاً عن مناقشة ملفات السلام هنا وهناك.

ومن أبرز القضايا التي تطرقت إليها المباحثات كانت قضيتا النقل والتجارة بين البلدين وهي القضايا التي توجت مباحثاتها الفنية من الوزارات بتوقيع ثلاث مذكرات تفاهم متعلقة بالنقل والتجارة والبترول أعلنت عنها وزير الخارجية مريم الصادق المهدي بعد عودتها من دولة جنوب السودان.

فقد أعلنت مريم المهدي عن فتح أربعة معابر في الأول من أكتوبر المقبل بمدينة الجبلين فضلًا عن اتفاق بعودة سريان النقل النهري بين جوبا وكوستي عبر النيل الأبيض، وأكدت أن السودان ودولة جنوب السودان رجعا الى العمل باستراتيجية واحدة فيما يخص البترول بالبنى التحتية فيها يخص البترول للبلدين، وأكدت أن اللجنة الفنية ستعقد اجتماعاً في سبتمبر القادم بجنوب السودان حول الملفات التي تم بحثها حول النقل والتجارة.

ظروف ومشقة

وربما كانت أهم مخرجات الزيارة عودة النقل النهري بين جوبا وكوستي وفتح المعابر. ويرى الخبير في مجال النقل النهري المستشار الباقر أحمد أن دولة جنوب السودان تحتاج الى فتح المعابر أكثر من السودان موضحاً بأن الجنوب يعتمد على السودان في الذرة  وغيرها من الأغراض الأخرىى،  وقال لـ(الصيحة): كنا نعمل على نقل الذرة إلى الجنوب، وألزمنا أي جرار ذاهب إلى الجنوب بحمل  خمسة آلاف جوال ذرة، لافتًا إلى أن النقل النهري ذو فائدة كبيرة للجانبين خاصة وأن خط السكة حديد الممتد من أقصى شمال السودان يصل حتى مدينة واو وبعد الوصول إلى اويل تكون هناك مشقة في توصيل البضاعة بجانب أن  الظروف عادة ما تكون غير مساعدة ما يجعل النقل النهري الذي يمكنه تغطية كل الجنوب هو الأمثل للنقل.

وأشار إلى أن النقل النهري واحد من عدة طرق لنقل كميات كبيرة وأنواع كثيرة من البضائع يتم إرسالها إلى الجنوب خاصة مع امتداد الحدود بين البلدين لمساحات واسعة وكشف عن ثلاث مشاكل تواجه النقل النهري تتمثل في المناطق الضحلة وآخرها منطقة حجر الظليط،  مشيراً إلى أنه حجر صعب تجاوزه بالإضافة لوجود رمال وحصى في النيل الأبيض بكميات كبيرة في منطقة الرنك لا يمكن تجاوزها، لافتاً ألى أن كثافة الرمال المتحركة تمثل عوائق ملاحية تؤدي أحياناً إلى إغلاق ميناء جنوب السودان.

وقال: هنالك معضلة أخرى في النيل الأبيض بجنوب السودان تتمثل في عدم استقامة النهر ما يجعله يحتاج لفتح قنوات في حدود خمسة كيلومترات، مشيراً ألى أن منحنى واحداً في النيل الأبيض يمكن حال تتبع مسار النهر فيه أن تقطعه في 24 ساعة، بينما يمكن حفر قنال مختصر بطريق مستقيم لا يتجاوز 5 كيلومترات يمكن عبوره في أقل من ساعة.

مبيناً أن فتح الخط الملاحي بين الخرطوم  وجوبا يحتاج أولاً الى كثير من التدابير التي تجعل رحلاته ذات جدوى اقتصادية كبيرة فضلاً عن اختصار الوقت.

وأشار إلى معوقات أخرى في النقل البري تتمثل في وجود كباري عائمة لا تستطيع تحمل الشاحنات التي تحمل 70 طناً ما يجعل أصحايها مضطرين إلى التوقف في ملكال وتوزيعها على شاحنات أقل حمولة للعبور بها، وقال إن فتح الحددود ينشط بعض المدن سنار والقضارف وربك وكوستي إلى الأبيض ما يجعل هناك خارطة تجارية بينها ومدن جنوب السودان.

تحديات أمنية وسياسية

ورغم الإرادة الكبيرة لمعاودة نشاط النقل النهري بين الخرطوم وجوبا وفتح المعابر التجارية بين البلدين إلا أن هنالك تحديات جساماً تواجه تلك الإرادة، وأشار مدير مصلحة الملاحة النهرية د. معاوية علي خالد  إلى عدم وجود أي عراقيل فنية تعترض تسيير الرحلات النهرية بين مينائي كوستي وجوبا، لكنه أشار في حديث لـ(الصيحة) إلى أن قضية فتح المعابر دائماً ما ترتبط بالوضع السياسي بين البلدين، وفقال إن إغلاق المعابر تم وفق إجراءات أمنية أدت إلى قفل الحدود مع جنوب السودان، وأضاف “الآن وصلنا الى تفاهم مشترك لفتح المعابر عبر تفاهمات سياسية، أمنية، بموجب ذلك، تم فتح المعابر والخط الملاحي بين الدولتين شمال وجنوب”، مبيناً أن تلك الخطوة ستكون ذات عوائد كبيرة جداً بالنسبة للسودان ولجنوب السودان في تنشيط التجارة والتواصل وقال “الأمر كله إيجابي يصب في المصلحة المشتركة” وتوقع أن لا تكون هناك أي مشاكل يمكن أن تعترض فتح المعابر، فقط أشار لتحديات صيانة المواعين النهرية التي ربما تكون تأثرت بتوقف الملاحة لفترة طويلة.

وكانت الحكومة قد أعلنت الخميس، استئناف الرحلات النهرية مع دولة جنوب السودان، وذلك اعتباراً من تاريخ الأول من سبتمبر المقبل.

ودعت مصلحة الملاحة النهرية، شركات النقل النهري وأصحاب المراكب التي تعمل بالخط الملاحي بين البلدين والغرف التجارية والمؤسسات الخدمية داخل الميناء إلى “الاستعداد لاستئناف الرحلات بين البلدين”.

وذكرت مصلحة الملاحة أن ذلك “يأتي تحقيقاً لإرادة ورغبة الشعبين في الدولتين، في التواصل وتبادل المنافع التجارية والاقتصادية التي تعود بالفائدة لهما ووفاء وتنفيذاً لتوجيهات قيادة البلدين في إزالة كافة المعوقات التي تعترض فتح المعابر”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى