حكومة إقليم دارفور.. تحديات جسام تعترض آمال مناوي!

 

تقرير- فاطمة علي

يمثل إقليم دارفور منطقة صراعات مستمرة، نظرًا لحدود الإقليم المفتوحة على عدد من الدول ومساحته الشاسعة فضلاً عن وجود عدد كبير من القبائل التي تتمتع بامتدادات وعلاقات اجتماعية داخل دول أفريقية أخرى، ولهذا فإن الإقليم عادة ما يتأثر بأي صراع يقع داخل أي دولة مباشرة، وفي التاريخ القريب تأثر إقليم دارفور بالصراع التشادي ـ التشادي والصراع الليبي ـ الليبي، والصراع التشادي ـ الليبي حول شريط أوزو الحدودي، والصراعات في أفريقيا الوسطى كما تأثر كثيرًا بالصراعات الداخلية إذ شهد إقليم دارفور صراعات بين الرعاة والمزارعين، وصراعات قبلية كانت بداية للحرب فالتركيبة القبلية والنزاع على الموارد الطبيعية الشحيحة كانت وراء أغلب النزاعات، وغالبًا ما يتم احتواؤها وتسويتها من خلال النظم والأعراف القبلية السائدة كل تلك تمثل تحديات كبيرة أمام الحكومة الانتقالية التي أخذت على عاتقها تحقيق السلام كمبدأ وشعار لثورة ديسمبر.

نظام الحكم

ظل نظام الحكم في إقليم دارفور مثار شد وجذب متواصل خاصة بعد أن عمدت الحكومة السابقة على تقسيم الإقليم إلى ولايات ومحليات يغلب عليها الطابع القبلي لذا فقد كان نظام الحكم واحداً من القضايا الشائكة التي تمت مناقشتها في اتفاقية سلام جوبا والتي أقرت أن يحكم الإقليم بنظام الحكم الإقليمي على أن يكون للحركات المسلحة التي وقعت على الاتفاق قصب السبق في حكم الإقليم وفقاً للمحاصصة التي أعطت حركات الكفاح المسلح حصة 40% من السلطة .

تفلتات

رغم تعيين رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي حاكمًا على إقليم دارفور وتنصيبه وفق مرسوم جمهوري أصدره رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلا أن حدة التفلتات والنزاعات المسلحة في دارفور لم تبرد بعد، فالواقع يقول إن حدة التوترات الأمنية تزايدت في أعقاب أحداث ومنازعات شهدتها ولاية شمال دارفور الأيام الماضية بين القوات المشتركة ورعاة في منطقة كولقي، سقط فيها ضحايا وجرحى، وبحسب ما ذكر أحد أعيان المنطقة تحدث لـ(الصيحة) فإن النزاعات المستمرة بين المزارعين والرعاة نتجت بسبب الزراعة في مسارات الرعاة وحرق المخلفات بعد الزراعة ما تسبب في إتلاف المراعي، داعياً لحسم مثل هذه التفلتات وسيادة حكم القانون والامتثال لقرارات الدولة مشيراً إلى أن حفظ الأمن والاستقرار يجب أن يكون على رأس اهتمامات حاكم إقليم دارفور الجديد .

ويرى خبراء أن الترتيبات الأمنية تمثل تحدياً كبيراً أمام أطراف العملية السلمية، فيما يرى خبراء ومراقبون أن تغيير الأوضاع بعد الاتفاق المتوج بتعيين الحاكم، مشيرين أنه أكثر شخص مثير للجدل وأكثرهم نظرة لمستقبل السلام في دارفور، ويجيء بإجماع كبير بين مكونات دارفور .

الترتيبات الأمنية

مواطنون تحدثوا لـ(الصيحة) أشاروا إلى أن الحركات المسلحة تفتقر للقوة العسكرية، رغم إصرارها إنفاذ الترتيبات الأمنية بصورة مفصلة لكل حركة لضمان حقهم في الالتحاق بالجيش ليصبح جيشا قومياً، وأشاروا إلى أنه على الرغم من أن الحكومة أعطت الحركات المسلحة جعلاً كبيراً في قوام تشكيل القوة المشتركة التي يبلغ قوامها (20) ألف جندي لحماية المدنيين وتوفير الأمن لعودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم وتأمين الموسم الزراعي، بجانب مهمة الفصل بين أطراف النزاعات المسلحة وجمع السلاح، بعد خروج بعثة يوناميد، إلا أنهم ورغم مرور 10 أشهر من توقيع اتفاق السلام لم يتمكنوا من تشكيل القوة لجهة عدم توفر التمويل، ويرى أن ذلك يزيد من مهام الحاكم.

مهام

شهد تنصيب مناوي حضوراً وتفاعلاً كبير من ولايات دارفور الخمس ومشاركة واسعة لقوى سياسية ومكونات من ولايات السودان عامة، لكن رغم ذلك، فإن إجماع أهل دارفور على الاتفاق يمثل تحدياً آخر أمام مناوي، إذ يرى مراقبون أن المجموعات الموقعة على الاتفاق تمثل اثنية واحدة، مشيرين إلى أن ذلك ربما يخلق نزاعات عند الحكم لكن مناوي عند تنصيبه قطع بأن حكومة الإقليم ستشكل من كافة مكونات دارفور دون إقصاء أحد خاصة في مقاعد المجلس التشريعي، وأبدى الحاكم تفاؤله بتحسّن الأوضاع، وأكد أن من أولوياته خلق أرضية تستوعب مشاريع تنموية وخدمية لجذب المستثمرين والتواصل مع الدول المانحة، وأكد مناوي نيته المضي قدماً في اتجاه وضع خطة لتأسيس حكومة الإقليم لمدة ستة أشهر، فيما تبقى من السنة المالية.

طريق ممهد

ربما يرى خبراء أن الطريق ممهد أمام مني أركو مناوي للعبور بإقليم دارفور من مشكلاته إلى بر الأمان والاستقرار إذ يستبعد القيادي بحركة تحرير السودان مختار بحر الدين في حديث لـ(الصيحة) وجود إشكاليات في علاقة الحكم، مشيرا إلى أن اتفاق جوبا حدد شكل الحكم ووضع إطار لذلك لحين مخرجات مؤتمر نظام الحكم المنتظر قيامه مستقبلاً، مضيفًا أن الوضع سيختلف بعد أن أصبحت دارفور أقليماً، مؤكدًا أن تلك كانت رغبة أطراف العملية السلمية لخلق أرضية للتعاون، وقال “قطعًا مناوي يمكنه صنع الفارق”، مشيرًا لما لديه من علاقات خارجية تدعم الإقليم، وأشار إلى أن مشروع فتح التجارة الحدودية مع دول الجوار سيخلق بيئة جيدة للاستثمار.

آمال

تقول القيادية بمكتب المرأة بحركة العدل والمساواة عائشة محمدين لـ(الصيحة)، إن حاكم دارفور يجب أن يبدأ في توفير الأمن أولاً، وتوفير العيش الكريم للمواطن الذي عانى كثيراً، ونادت بضرورة العدالة في تقسيم موارد الإقليم ودعت لمعالجة جذور الأزمات التي تخلق النزاعات خاصة في المناطق الطرفية للإقليم مشيرة إلى أن هناك مجموعات لا تريد استقرار الإقليم مشددة على فرض هيبة الدولة بالقانون .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى