الوجود الأجنبي.. مخاطر تمس حياة السودانيين

 

تقرير: الطيب محمد خير

عادت قضية الوجود الأجنبي غير الشرعي بالسودان للواجهة عبر حديث لهيئة الجوازات والسجل المدني كشفت فيه عن وجود أجانب من جنسيات مختلفة دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية مُخالفين قانون الجوازات والهجرة عبر الحدود بالتهريب والإتجار بالبشر، ولم يوفقوا أوضاعهم، مشيرة لصعوبة التعرف عليهم لعدم وجود أوراق ثبوتية تخصهم لدى السلطات.

توعدت هيئة الجوازات بإطلاق حملات تجاه الأجانب المقيمين بطريقة غير شرعية لتوفيق أوضاعهم واستخراج بطاقة الرقم الأجنبي، مشيرة إلى أن معظم المخالفين يعملون في مهن هامشية، وبعض منهم قام بارتكاب جرائم، خاصّة سرقات المنازل، ورغم الجهد الكبير الذي تبذله الشرطة في الوصول لمرتكبي الجرائم من الأجانب للقبض عليهم، لكن تبقى الصعوبة في الوصول إليهم لعدم توافر عنوان لأي منهم لدى المخدم أو أيِّ بيانات، مما يجعل مُطاردة مُرتكبي جرائم السرقات في غاية الصعوبة.

تحرك مفاجئ

ويبدو واضحاً التحرك المفاجئ للسلطات تجاه ضبط الوجود الأجنبي كضرورة لا تقبل التأجيل مبعثه ظهور نوع جديد من الجريمة مرتبط بوجود الأجانب في السودان، جعل المسؤولين يتخوفون من خطورة وضع الأجانب غير المقنن كقضية تشكل هاجساً للحكومة دون إيجاد معالجة مثالية تضع حداً لتدفق الأجانب من كافة الجهات، باتخاذ خطوة حقيقية بوضع تشريعات تضبط وجود الأجانب وتقلل منه، إن لم يكن الحد من تدفقهم الذي أصبح يشكل خطراً كبيراً على المواطنين، وذلك من واقع أن الأجانب تجاوزوا عتبة تصنيفهم كلاجئين بمراحل من خلال منح عدد منهم الجنسيات السودانية، وأصبحوا يتمتعون بميزات المواطن السوداني، لاسيما على أيام نظام الرئيس المخلوع بانتهاجه سياسة الباب المفتوح التي فتحت أبواب البلاد مشرعة للأجانب لدخول الكثير منهم دون رقيب أو حسيب، مما خلق فوضى عارمة بسبب تدفق الأجانب الذين دخلوا سوق العمل دون وجود إحصائيات دقيقة تحصر وجودهم وشاركوا المواطن السوداني في كل ما يتصل بحياته الاقتصادية في الخدمات الصحية، التعليمية، والسكن والمواصلات، وبالتالي تضطر الدولة للصرف عليهم بصورة مباشرة أو غيره مما يعمق الأزمة الاقتصادية السودانية في ظل واقع اقتصادي متردٍّ معلوم للمجتمع الدولي الذي يغض الطرف عما يليه من مسؤولية تجاه هؤلاء الأجانب الذين دخلوا السودان في ظرف اقتصادي سيئ لا يمكن السودان من إستضافة هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين، فضلاً عن التأثير الواضح لهؤلاء اللاجئين على الأوضاع الأمنية الملامسة للأمن القومي، إذ أصبح من السهل استخدام الأجانب في ارتكاب جرائم السرقة، النهب، الاحتيال، غسيل الأموال، الإتجار بالبشر والأعضاء والتهريب والتزوير والشعوذة، فضلاً عن التهديد المباشر لحياة المواطنين في المدن والأحياء السودانية.

قرار لم يدم طويلاً

وفي قت سابق، أصدر وزير الصناعة والتجارة مدني عباس مدني السابق قراراً وزارياً منع الأجانب من ممارسة النشاط التجاري في مجالات التصدير والاستيراد إلا بموجب قانون الاستثمار أو اتفاقيات حكومية خاصة، وحظر القرار ممارستهم عمليات البيع والشراء سواء مباشرة أو عن طريق وسيط محلي في الأسواق المحلية، غير أن هذا القرار لم يدم العمل به طويلاً رغم الضجة التي أثارها عند صدوره.

سخرية خبير

وكان الخبير الإستراتيجي البروفسير محمد حسين أبو صالح قد نبه في وقت سابق إلى إن الوجود الأجنبي في السودان يمثل خطرًا ومهدداً للأمن القومي والهوية والإرث الثقافي في السودان، مع تنوع الجريمة بالشكل الذي لم يألفه المجتمع السوداني، بجانب دخول بعض العادات والممارسات الغريبة، وقال ساخراً من الوضع (سيأتي علينا يوم سنكون جالية محدودة العدد في الخرطوم).

الحاجة للتنظيم

قال الفريق شرطة كمال موسى الزين لـ(الصيحة)، إن الوجود الأجنبي في السودان أصبح ظاهرة واضحة للعيان في أي تقاطع مروري في العاصمة ومتزايد بسبب الحدود المفتوحة وغير المضبوطة بما يسهل دخول المتسللين من الجنسيات خاصة دول الجوار الذين وجودهم الآن بأعداد كبيرة في الأحياء ولا تستفيد الدولة منهم في شيء بل يسببون أزمة بمضايقاتهم للمواطنين في الخدمات المقدمة على قلتها، فضلاً عن المهددات الأمنية.

وأضاف الفريق كمال: يجب أن يكون هذا الوجود منظماً حسب حاجة الدولة للاستفادة منهم، وذلك بالاتجاه لتعديل القوانين والتشريعات الخاصة بضبط وجود هؤلاء الأجانب.

قوانين ضعيفة

وأشار الفريق كمال إلى وجود قسم في الشرطة مختص بالأجانب، لكن التشريعات والقوانين الموجودة حالياً ضعيفة خاصة ما يتعلق بالدائرة العقابية فيه، ما جعلها غير معمول بها، فضلًا عن الإمكانيات المتاحة لدائرة الأجانب في الشرطة لتمكنها من القيام بعملها بجانب أن انتشارها محدود في العاصمة الخرطوم، جود ليس له أثر إلا في مراقبة القادمين عبر المطار، وليس لها أفرع في الولايات وحتى في العاصمة، الحملات غير منتظمة في ظل وجود بعض المواطنين الذين يسهلون عملية دخول هؤلاء الاجانب التي تبدو بصورة واضحة في جرائم الاتجار بالبشر وتهريبهم التي يكاد يكون موجوداً بصورة مزعجة ولافت حتى لانتباه المجتمع الدولي في الهجرة غير الشرعية .

جرائم مستحدثة

وفي جانب المهددات الأمنية، قال الفريق كمال: هناك العديد من الجرائم المستحدثة والغربية على الشعب السوداني تجد في الغالب الأعم وراءها أجانب أقلها شبكات تزوير العملة والجرائم المنظمة في السرقات والخطف والقتل والدجل والشعوذة، وفوق هذا يشكلون مهدداً كبيراً للصحة بسبب عدم خضوعهم للإجراءات الصحية عند الدخول.

وقطع الفريق كمال بأن الإمكانيات المتوفرة الآن لشرطة الأجانب ضعيفة ولن تجدي نفعاً في مكافحة الظاهرة، مشدداً على ضرورة تضافر الجهود الرسمية بتوفير الإمكانيات والمعينات اللوجستية التي تمكن من  مراقبة الحدود بجانب وضع التشريعات والقوانين الرادعة وتوفير قوة كبيرة تعمل بصورة دائمة وليست حملات موسمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى