آمال عباس تكتب : وقفات مهمة المساهمة الشعبية.. بين توزيع المكاسب وأعباء التقشف

(1)

المساهمة الشعبية: مبدأ اعتزمت تحقيقه ثورة مايو الاشتراكية التقدمية في مجال التنمية وإعادة صياغة الانسان السوداني الجديد.. نرتاد نحن مجموع الشعب آفاقاً جديدة وينتظرنا غد سعيد اذا أدركنا مهام هذه المرحلة الحاسمة بابعادها كلها..
ورثت ثورة مايو بكل أبعادها التقدمية وشعاراتها الثورية وتصوراتها الواضحة لاشراقة المستقبل.. ورثت مجتمعاً تحكمه العادات والتقاليد المتولدة من نظم سياسية مختلفة وتشكيلات اجتماعية متباينة.. وأفراد متشابهون في صفاتهم وأدواتهم.. التي يتقدمها الجهل والمرض والفقر.. ومن هنا كانت مهمة كانت مهمة التغيير عسيرة وصعبة وشاقة.. وكان البون شاسعاً بين الاحتياجات والامكانيات.. وبين المأمول والواقع.. ومما زاد الطين بلة سياسات الحكومات الوطنية التي تحقق على يديها الاستقلال السياسي.. فقد كانت تصدح وتغني في الليالى السياسية.. وتعد بالثراء والرخاء.. وبلبن الطير.. أيضاً دون أن تسلك الطريق الفعلي لذلك أو حتى تفكر فيه مجرد تفكير..
ونتيجة حتمية لذلك ومع أمراض التخلف تضخمت التوقعات والأحلام وارتسمت الصورة المشرقة في أذهان الجماهير.. واخذت ترى في كل انجاز يحقق وكل تحسن يطرأ على واقعها دون التصور والموعود به.
وعندما عجزت تلك الحكومات عن تحقيق أي شيء أدركت طلائع الجماهير بأنها قد خدعت وضللت وأدركت ان التحرر الوطني من الاستعمار لا يعني أعلام ترفرف في الهواء.. وسفارات تفتح في مختلف عواصم بلدان العالم.. وسلطات تنقل من “الخواجة” “لود البلد” أدركت هذه الجماهير بفطرتها ان الاستقلال مرتبط بالأرض وظروف العمل والمعيشة.. مرتبط بالقضاء على الجهل والمرض والجوع والحرمان مرتبط بالمساواة في الحقوق.. وحرية التعبير.. وظلت جذوة النضال متقدة في حركة النضال السوداني.. ولذلك كان انعطاف الجماهير واضحاً للثورة يوم أن حسمت طلائع القوات المسلحة أزمة الحكم لصالحها ويوم أن عبرت ثورة مايو منذ بياناتها الأولى عن احساس تحسه جماهير الشعب السوداني وان عجزت غالبيتها عن فلسفته وتسميته بمسميات علماء السياسة والاجتماع.. وهو في معناه البسيط وقوفاً مع التقدم ومع من يحاول ان يعطي التحرر والاستقلال عمقهما الاقتصادي والاجتماعي.. وبمعنى آخر مع الاشتراكية ومع من يعمل لتحقيقها..
قلت هذا لأن ثورة مايو جادة في العمل لإحداث التنمية ومصممة على تغيير وجه السودان.. ولأنها ثورة تقدمية.. مستهدفة من قبل قوى الاستعمار والتخلف.. تواجه مشاكل متعددة ومتشعبة.. وان أدركت منذ عامها الأول الواجبان المقدمان واللذان يتوقف على انجازهما نجاح القيادة وتحصينها ضد القوى المعادية للثورة في حماية الثورة ودعمها محلياً وعالمياً.
فالثورة توجت بعد مضي أربعة عشر عاماً من الاستقلال السياسي معنى التحرر.. بالتحرر الاقتصادي من سيطرة رؤوس الأموال الأجنبية وحولتها لمصلحة قوى الشعب العاملة بقرارات التأميم والمصادرة وهذا هو الواجب الأول.. وأقامت الديمقراطية الشعبية.. بوجييها الاجتماعي والسياسي.. فكان الاتحاد الاشتراكي ومجلس الشعب القومي.. وكانت المنظمات الجماهيرية والمنظمات الفئوية.. وهذا هو الواجب الثاني.
ومن هنا أصبحت جميع مهام التغيير والتنمية والدفاع عن الثورة ملقاة على عاتق هذه المؤسسات.. وعلى رأسها التنظيم السياسي الأوحد الاتحاد الاشتراكي السوداني “القائد الحقيقي لمعركة التحرر السياسي والاقتصادي والبناء الاشتراكي”.
هذه مقدمة لابد منها ونحن تتجدد أمامنا الواجبات وتتعاظم امامنا المسؤوليات.. وتتغير الدنيا من حولنا تغييراً سريعاً وجنونياً.. وتتأكد كل يوم الحقائق التي تزيد من مسؤوليتنا ومن أعبائنا كأمة حددت الطريق وحددت الهدف.. ورسمت الخطة وآمنت بضرورة تخطي المصاعب.
فالاستعمار مهما تودد الينا وابتسم في اوجهنا.. وأبدى رغبة المساعدة فإنه يفعل هذا الى حين ويتراجع ويتملص كلما كان تمسكنا قوياً بما آمنا به وتطلعنا اليه طويلاً.. فهو بالطبع لا يدم بدعم ولا قوى عوامل فنائه وتقليل أسواقه في العالم.. ومساعدة الأصدقاء والأشقاء مهما بلغت وكثرت لا تساوي متعة الراحة بعد التعب والسعادة بعد الشقاء وحلاوة طعم اللقمة الممهورة بالعرق والضنى والسهر والتفاني.
أقول هذا وفي ذهني صورة ملحة عظيمة لمشاريع التنمية ذات العائد السريع والبعيد المدى.. وفي ذهني جميع مصاعب الطريق بما فيها الانسان السودان ومجموعن أمراضه الاجتماعية وسلبية ممارساته في العمل العام.. وفي ذهني أيضاً الاتحاد الاشتراكي وروافده الاجتماعية.. وفي ذهني أيضاً الطلائع التي انتصرت على عوائق الماضي واستطعمت حلاوة العطاء والتضحية..
كل هذا كان بمناسبة ما يناقش الآن على جميع ساحات العمل الشعبي والرسمي.. بمناسبة ما يقال حول “المساهمة الشعبية وممارسات العمل السياسي على مستوى الاتحاد الاشتراكي.. وعلى مستوى روافده الاجتماعية والفئوية والحديث عن هذا يكون موضوع وقفتنا القادمة.
وجهة نظر:
الأخت آمال
“لسنا قطيعاً من النعاج” تحت هذا العنوان قرأت ما كتبتي متناولة موضوع الأحوال الشخصية ولما كان هذا الموضوع هو شغلي الشاغل وكان اهتمامي باعتبار انه من أولى قضايا المرأة التي تستوجب المزيد من النضال والعمل.. وعليه أجد نفسي متفقة معك الى حد بعيد وأضيف التالي:
ان اتحاد نساء السودان لم يسكت ابداً عن نوعية قاعدته بالايمان بالايمان بالله والالتزام بحدود الدين والتمسك باخلاقيات الاسلام والبعد عن الدخيل علينا وعلى تقاليدنا.. فنحن نؤمن بأن في الدين الخلاص من كل الشوائب التي علقت بمجتمعنا على مرور الحقب التي مررنا بها, ففي ديننا الحنيف والتمسك بأهدابه والسير وراء عدالته طريق الراحة الى النفوس المعذبة والقلقة بفعل نفوس جنحت عن معالم الدين وبعدت عن حقل الايمان فكان الظلم وكان الغبن. فان المسلم الحق لا يظلم وان المؤمن بالله واليوم الآخر لا يهضم لأحد حقاً, ولما كان الظلم قاسي والغبن مريراً.. وأمر من هذا وذاك انك لا تجد من يبعد عنك الظلم ويدفع دونك الغبن فلن تجد بعد ان سد امامك الطريق القويم سوى اللجوء الى الطرق الملتوية والأزقة التي تقود في النهاية الى الضياع.
ومن هنا كان واجب اتحاد نساء السودان ان يسعى الى معالجة أصل الداء وهو المطالبة بتطوير قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها الآن.. وما يتم بموجبها من ممارسات تجعل المرأة خائفة قلقة مهددة دائماً وأبداً بشبح الطلاق او الغدر.. او الحرمان من أطفالها.. اننا نعلم جميعاً بأن هناك المئات بل الآلاف اللواتيأوقعن سوء الطالع تحت رحمةتلكالقوانين والاجراءات التي تطول طولاً يدفع بهن الى براثن الدجل والدجالين.. ليسترجعن زوجاً تخلى أو ان يتحايلن بالفكي والبخرات الى العودة الى دار أفنت فيها الواحدة زهرة شبابها وفجأة وجدت نفسها مطرودة بكلمة واحدة من ذلك السيد الذي بيده مصيرها دون أن يكون هناك من يحميها فالأمر متروك له ان شاء ابقاها وإلا فمصيرها الى الضياع والحسرة والوقوع في براثن الدجالين لعلها تجد المحاية المفقودة وهذا طبعاً حيلة العاجز الغريق الذي يتعلق “بالقشة” وهي “قشة” هزيلة لا تنقذ ولا ترد حق ضاع.
اننا لو تابعنا قضايا المترددات على هؤلاء الدجالين لوجدنا ان الاغلبية منهن ضحايا الأحوال الشخصية. اذاً وجب علينا ان نوفر الطمأنينة والاستقرار للمرأة في ظل قوانين تحميها وترد لها حقوقها في بيتها لا مجرد خادمة يمكن الاستغناء عنها في أي وقت بمجرد كلمة يطلقها من جرد انسانيته ظلماً وعدواناً ولو كانت الزوجة بريئة.. ويتمسك بها احياناً ويبقيها رغم انفها سجناً واستبداداً حتى ولو كان طاغية فاسد الخلق.
اننا بتعديل هذه القوانين وحدها سنرد للمرأة حقوقها وتعود اليها الطمأنينة فتستقر في بيتها وتستغنى عن خدمات الفكي والدجل والدجالين فنحن هنا مطلبنا الأول هو تطوير قانون الأحوال الشخصية.
هذا ما أردت ان أدعم به كلامك يا اخت آمال ولدى العديد من الدراسات والبحوث في هذا الموضوع وسوف أواصل الكتابة لكان شاءالله.
أختك زينب مكي
اللجنة التنفيذية العليا لاتحاد نساء السودان
من التراث
جاء في كتاب منشورات المهدي للدكتور ابوسليم الآتي:
المهدي يوجه أنصاره غير المسجلين في الجيش النظامي للصرف من أمواله الخاصة ويوجه المعدمين الى طرف مخصوص في معسكره للصرف عليهم:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الوالي الكريم والصلاةعلى سيدنا محمد وآله مع التسليم.. وبعد.. فمن العبد المفتقر الى الله محمد المهدي بن السيد عبدالله الى أحبابه الواردين للهجرة والجهاد في سبيل الله.. أحبابي معلوم ان هذه الدار انما هي للتزود لدار القرار وللأهبة لللقاء الله الواحد المختار.. وتصفية القلب في هذه الحياة قبل الفوات.. وقد علمتم احبابي ان الله أمر عباده بالجهاد في سبيل الله بالنفس والمال ورغب في ذلك ترغيباً لا يتركه إلا الجهال. فاذا فهمتم ذلك احبابي.. فجميع الذي عنده شيء وان قل فلينفقه على نفسه وما يستطيع النفقة عليه وان بالايثار.. واياكم ثم اياكم من الادخار مع وجود المحاويج اهل الافتقار والضائع من الواردين للهجرة في سبيل الله.. ولم يجد ما ينفقه على نفسه لا كثير ولا قليل ولم يكن له أخ يقوم بنفقته ولم يكن اندرج في البوارق فليأت الى التبلدية وأي محل تكون فيه فليأت الى محل الفقراء الذي لم يكن لهم شيء مما ذكرنا.. اذا وجدنا شيئاً نحن واخواننا نعطيهم اياه ليزيلوا ضروراتهم.. ومن يكن عنده شيء لا يدخره عن النفقة على نفسه ومن عنده شيء وأدخره او هو ممن له ينفقه او مندرج بالبوارق فقد خاف قول الله تعالى “جاهدوا بأموالكم وأنفسكم” وصار ممن بخل بنفقة ماله على نفسه وأتى الى محل المحاويج في زيادة الدنيا فقد طرح من المجاهدين وكما انه بخل بماله يبخل بنفسه على الله ورسوله ولم يكن من الذين اشترى الله أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة.. والسلام.
14 ذو الحجة سنة 1300هـ
16 اكتوبر سنة 1883م
مربع شعر:
قال ود الفراش في الغزل:
قصيبة في العدار وأدبها نسم
طويل الليل علي والنوم مقسم
طريت في المنام بلا أم خدا موسم
من أمثالنا:
القرش الأبيض لليوم الأسود

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى