مقرر المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير كمال بولاد لـ(الصيحة):

تجربة الانتقال تمر بمخاض عسير
الثورة هدفت لوقف الاستبداد وإنهاء الشمولية وإشاعة الحريات
“توضيب” الميدان للتحول الديمقراطي أحد أهم أهداف الثورة
بطء العمل التنفيذي والسياسي ناتج عن التخريب الممنهج للنظام البائد
لجنة تفكيك التمكين إحدى عبقريات ثورة ديسمبر
مهمة بناء المجلس التشريعي لم تكن سهلة ولا أحد يرغب في تحمل مسؤولياته
لائحة المجلس المركزي ستُجاز في أول اجتماع بعد التوسعة
حوار: آثار كامل
عامان مضيا على الثورة وما زالت أهدافها وطموحات الشعب في انتظار التحقيق لتطبيق العدالة وإشاعة الحريات واستكمال هياكل السلطة، فالمشهد السياسي الآن تسوده حالة من الارتباك والتوتر والخلافات بين القوى السياسية المنضوية تحت مظلة “قوى الحرية والتغيير” الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، بجانب التهاب الصراعات القبلية في بعض الولايات، وجود حالة إحباط وتوهان وتشويش وسط الشارع بسبب ما يحدث رغم مرور مدة زمنية على الفترة الانتقالية، إلا أن التعقيدات لا تزال تشوب المشهد، وتطرح تحديات جمة على طريق الانسجام بين العسكر والمدنيين وتحديات من ناحية وضع سياسي واقتصادي غير مستقر.
ولكن مقرر المجلس المركزي كشف في حوار مع (الصيحة) عن خطوات إيجابية تعمل عليها الحكومة الانتقالية ربما تقلب بعض الموازين.
ـ هل ترى أداء المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير أفضل مما مضى من حيث الانسجام والاستعداد لحسم المهمات المتعلقة بالفترة الانتقالية؟
بالتأكيد، تجربة الانتقال تزداد كل يوم خبرة ونضجاً نتيجة التحول المستمر لكافة قوى الثورة من موقع المعارضة على مدار ثلاثة عقود إلى موقع البناء وتشييد دولة الوطن بديلاً لدولة الحزب الواحد المستبد، فالوضع الآن كله وضع انتقالي، لكن المجلس بعد الهيكلة الجديدة والتوسع نحو أطراف السلام وكافة القوى التي كونت المجلس والتزمت بقيادته ومن حاولت إصلاح مسيرته كلهم يعملون نحو تحقيق مهمات المرحلة الانتقالية وتحقيق شعارات الثورة المعبرة عن مطالب الشعب في هذه المرحلة.
ـ هناك أحاديث راجت في الفترة السابقة عن خلافات بين المكون العسكري والمدني ما مدى صحة ذلك؟
التجربة كلها تمر بمخاض عسير، والخلافات حول قضايا العمل اليومية والمعقدة أمر طبيعي، ولكن هنالك إرادة قوية للمضي قدماً في استكمال مهام المرحلة الانتقالية والعمل معاً في تجاوز الصعاب، ودون الالتزام بالوثيقة الدستورية والعمل المشترك ما بين كافة الشركاء من قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري وأطراف العملية السلمية لا نستطيع تجاوز تحديات هذه المرحلة الصعبة من عمر البلاد.
ـ هل حققت الثورة أهدافها فيما مضى منها من وقت؟
الثورة لا يمكن أن تحقق كافة أهدافها في المرحلة الانتقالية ولا التي تليها من عمر خيار الشعب الأول بعد أول انتخابات، الثورة عملية صيرورة ستظل مستمرة ولا تتوقف مهما كانت التحديات لأنها تعبير مكثف عن طموحات شعب عظيم في التطور والنهوض، ولكن بواكير أهدافها هي اللبنات الأساسية المتمثلة في وقف الاستبداد وإنهاء الشمولية، وإشاعة الحريات وإيقاف الحرب وبناء السلام والاستقرار ومواجهة تحديات الاقتصاد ومعيشة الناس والانفتاح على العالم (وتوضيب) الميدان للتحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة، ويجب أن تسير حكومة الثورة بإرادة جادة نحو هذا الطريق الذي بدأته إلى نهايات مرحلة الانتقال وتسليم شعلة المسير إلى خيار الشعب المنتخب.
ـ انفجرت خلافات كثيرة داخل قوى إعلان الحرية والتغيير وخرجت بعض الأحزاب والكتل من قوى التغيير ماذا يجري داخل التحالف؟
ما يجري مبذول للجميع، والآن كل الخطوات داخل الحرية والتغيير تمضي نحو الإصلاح الشامل في إطار الهيكل الجديد والذي يضم تمثيلاً لكافة القوى التي تواثقت على إعلان الحرية والتغيير بما فيها أطراف السلام، وهو مصمم على ثلاثة مستويات هيئة عامة تضم الجميع بمثابة مؤتمر عام ينعقد في مراحل متباعدة نسبيًا مثلًا كل ثلاثه أشهر، ثم مجلس مركزي يضم تمثيل أحزاب ومهنيين وقوى مدنية وهو صانع القرار، ومكتب تنفيذي أصغر لمتابعة القرارات وتنفيذها، والحوار مستمر مع كافة قوى الثورة حتى يتم التوافق على هيكل قوي يعبر عن هذه الأفكار ويستكمل مهام الانتقال ويدفع حكومة الثورة إلى المضي بإرادة كاملة وجادة لإنجاز هذه المهام لما تبقى من عمر الانتقال.
ـ هناك حديث عن بطء داء الجهاز التنفيذي لمجلس الوزراء خصوصاً في الجانب الاقتصادي، وهناك جدل مستمر بخصوص الخطط الإسعافية الاقتصادية؟
سيظل هذا الجدل مستمراً، طالما هنالك مدارس مختلفة في النظر إلى العملية الاقتصادية ومواجهة تحدياتها، أتفق مع أن هنالك بطئاً صاحب كل عملنا التنفيذي والسياسي وأعتقد السبب طبيعة المرحلة والتخريب الممنهج الذي مارسه النظام البائد في كافة مناحي الحياة السودانية، ولكن الآن هنالك إشراقات عديدة نأمل أن تتطور والأمل موجود وأكيد سوف يكبر ويتحول إلى واقع زاهٍ ومعاش طالما الإرادة كل يوم تقوى نحو المستقبل.
ـ ما هو موقف المجلس المركزي من تحقيق العدالة ومحاسبة رموز النظام البائد؟
عازم على المضي في هذا الأمر إلى آخر الشوط ولا مساومة في تحقيق العدالة وإرجاع حقوق الشعب المسروقة والمسلوبة، وهذا أهم شعارات وأهداف الثورة.
ـ دار جدل حول لجنة إزالة التمكين هل يرى بولاد كمقرر للمجلس بأن اللجنة لم تتجاوز حدودها وتعمل وفق القانون؟
لجنة تفكيك التمكين كانت إحدى عبقريات ثورة ديسمبر المجيدة في إعادة حقوق الشعب المسروقة، وأسست على ضوء قانون، أجازه المجلس السيادي، وفي وقت وجيز حققت إنجازات لا تنكر إلا لمن له غرض، وإعادة ممتلكات وأموال للدولة… ولكن ينقصها استكمال هيكلها بلجنة استئناف تحقق أهم أركان العدالة وهي حق الاستئناف أمام لجنة قانونية عادلة، ونعمل الآن بالتشاور مع الأطراف المعنية على قيام هذه اللجنة، ولكن التفكيك قامت بمهام عديدة، مما يعرضها لبعض الأخطاء التي تحتاج للمراجعة، وآخرها إشكال لجنة المعلمين التي قادت الثورة ضمن تجمع المهنيين في قضية اتحاد المعلمين، الذي اتخذت فيه قرارات واجبة المراجعة، وغيرها من القضايا التي تستوجب التفاهم معها باعتبارها شريكاً أصيلاً في الانتقال، حتى يستقر هذا القطاع الهام.
ـ هناك اتهامات بالتماطل في قيام المجلس التشريعي والتعطيل عمداً لتمرير قوانين وقرارات ضد الثورة؟
غير صحيح ولا أحد يسمح بقرارات ضد الثورة ولا حتى الشعب الذي أسقط النظام يقبل ذلك، وهذا الشعب واعٍ بكل ما يدور عملية اختيار مجلس يرمز لكل السودان وبمشاركة واسعة لكافة الولايات في ظل تعقيدات الواقع الحالي وطبيعة القوى السياسية المنهكة والخارجة من معارك كسر العظام مع نظام عقائدي استبد برأيه ثلاثة عقود، وكان سلاحه الأساسي شيطنة هذه القوى وتفتيتها، لم تكن مهمة بناء هذا المجلس التشريعي سهلة، كذلك لا يرغب أي طرف تحمل مسؤوليات المجلس التشريعي في المراقبة وسن القوانين ومحاسبة أجهزة الحكم في ظل هذا الظرف الصعب، ولكن عملية قبول كافة الأطراف للتمثيل أو السيناريو الذي يجب الاتفاق عليه لم يكن عملاً سهلًا ولكن على كل الحال الآن نستطيع أن نقول الخطى تمضي بجدية في إعلانه وإن شاء الله في أقرب وقت.
ـ المجلس المركزي لقوى التغيير أجرى سلسلة من اللقاءات مع كافة اطراف الفترة الانتقالية ما هي نتائح تلك اللقاءات التي بدأت من حميدتي؟
إحدى نتائجها هذا التوافق والتواضع على بناء كتلة الانتقال التي بدأت ملامحها تتضح، والآن هي في مرحلة استكمال وحدة ركائز الانتقال ثم الانتقال إلى الجوانب العملية.
ـ هل نتوقع عودة الحزب الشيوعي والأمة لقوى الحرية؟
حزب الأمة الآن هو عضو بكافة مستويات الهيكل الجديد، أما الحزب الشيوعي لا شك هو كان جزءاً أصيلاً في العمل على إسقاط النظام البائد وساهم ضمن كتلة قوى الإجماع في بناء اللبنات الأولى في تأسيس هذا الانتقال وساهم بفعالية في الوثيقة الدستورية التي قادت إلى هذه الهياكل القائمة اليوم، ولكنه في مرحلة آثر الخروج وأمل الحوار معه لم ينقطع من كافة القوى المؤسسة للانتقال اليوم، ويظل الأمل في مشاركته مهمات الانتقال مستمراً ومسنودًا برغبات جادة للحوار الجدي مع قياداته.
ـ البعض يرى أن ما يحدث من اجتماعات بين المكونين المدني والعسكري والحرية والتغيير مجرد تسويف وتخدير وتضليل؟
هذا غير صحيح وأمر مغرض.
ــ ماذا عن إجازة لائحة المجلس المركزي لتحالف قوى الحرية والتغيير؟
ستجاز في أول اجتماع موسع يضم كافة أعضائه بعد التوسعة.
ــ وهل تم تعديلها وفقاً لتوسعة هيكل المجلس من كافة الكتل المكونة له وعرضها على المجلس الذي أنشأها أول مرة؟
أكيد يتم التعديل وتقدم كما قلت للمجلس الموسع.
ــ تأخر قيام المؤتمر التأسيسي للحرية والتغيير حتى الآن لماذا؟
الرغبة في قيام هذا المؤتمر عند معظم القوى العاملة اليوم حاضره بقوة، وذلك بغرض المراجعة وتصحيح الأخطاء وبناء خارطة طريق لما تبقى من الفترة الانتقالية، ولكن الخطوة الأهم هي توحد الأطراف والاتفاق على هيكل يحتوي وينظم الجميع ثم الذهاب إلى المؤتمر لترصين مسار الانتقال حتى الوصول إلى نهاياته.
ـ ما يحدث في الشرق تحدٍّ لابد من التصدي له بمسؤولية كبيرة فما هي رؤية المجلس المركزي في حل تلك الأزمات ووقف نزيف الدم؟
ما يحدث في الشرق يحتاج اهتماما كبيراً لطبيعة المنطقة وأهميتها الاقتصادية والجغرافية، وللمظالم التاريخية لإنسان الشرق، ذهبنا إليه في وفد حكومي ضمن مبادرة من الإدارة الأهلية والتقينا نظاراً بزعامة الناظر محمد الأمين ترك وكان لقاء طيباً وحدد اللقاء جملة قضايا ضمنها مذكرة للسيد رئيس الوزراء، نأمل أن تجد الاهتمام الضروري، وأعتقد الأهم الذي يجب أن يقال توحيد القناة ومركز المعالجات والجدية والسرعة في التعامل مع القضية وكل مشكلة لها حلول إذا خلصت النوايا وتم تقليب مصلحة الوطن والمواطن واتقاء مسئوليته تجنب إزهاق الأرواح المجلس المركزي التقى عده أطراف من مكونات الشرق في أوقات مختلفة وكان أحد الضامنين لاتفاق “القلد” الأخير وشارك في صياغته.. وكان دومًا موقفه يستند على معالجة الأزمة من جذورها وهي مواجهة قضايا التخلف والسلم الاجتماعي، ونعتقد الآن هنالك إمكانية للمعالجة، وأرى كافة الأطراف تقبل الحوار بعيداً عن أجندة قوى الردة والنظام السابق والقوى الدولية التي لها أطماع ولا تريد استقراراً للسودان.
ـ ماذا عن تعيين الولاء وهل تمت مناقشة الترشيحات مع أطراف السلام والأطراف الأخرى؟
كُونت في المجلس المركزي لجنة لتقييم أداء الولاة المكلفين، ثم وضع معايير للعمل الولائي، وحتى الآن لم تقدم تقريرها، ولكنها تعمل بجد في أداء مهمتها، وتنسق مع السيد رئيس الوزراء.
ـ ما هي الرؤية التي يمكن أن تعبر بها البلاد خلال الفترة الانتقالية وصولًا إلى انتخابات حرة؟
ببساطة العمل بإخلاص لإنجاز مهمات الانتقال وهي استكمال السلام وخلق الاستقرار الاقتصادي الضروري لتأمين معاش الناس ثم العمل على قيام المؤتمر الدستوري الذي يحدد ملامح الدستور المتوافق عليه من كل السودانيين، والإجابة على سؤال كيف يحكم السودان، ثم مباشرة التعداد السكاني ثم التوافق على قانون انتخابات تجد فيه القوى الحية المشاركة في صنع القرار ومحاسبة المنفذين والاستعداد للتداول السلمي للسلطة، وأن يضع الناخب بكل اطمئنان صوته في صندوق الاقتراع لمن ينفذ برنامجه ويراعي مصالحه ومصلحة هذا الوطن الجميل والخالد بشعبه المعلم.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى