يحطمون الأرقام القياسية بالحضور الجماهيري عقد الجلاد.. الخروج عن (الهرجلة المنظمة) بتقديم موسيقى منضبطة!!

 

أرقام قياسية:

ستة وثلاثون عاماً يصعب فيها تحقيق النجاح اليومي.. ولكنهم إلى الآن يحطمون الأرقام القياسية بالحضور الجماهيري. على قلة آلاتهم الموسيقية إلا أنهم يقدمون فناً أقل ما نقول عنه إنه (السهل الممتنع).. فالحكمة في التجويد وليس في تعدد وكثرة آلات أدائهم متفرد في تقديم ألحان مدوزنة.. وملتزمة بالزمن الموسيقي.. أياً كان نوع الأداء (تسجيل أو مباشر) خرجوا عن المألوف في تقديم ألحان مستهلكة كما هو معروف لدى الموسيقى السودانية..

الهرجلة المنظمة:

فهم ثاروا ضد الموسيقى السودانية في الخروج عن (الهرجلة المنظمة) بتقديم موسيقى منضبطة وملتزمة بالزمن الموسيقي.. تعاملوا مع شعراء يصعب التغني بأشعارهم (محجوب شريف، القدال، هاشم صديق، يحيى فضل الله، حميد، جمال عبد الرحيم) اختيارهم للأشعار.. يعكس لنا مضمون الرسالة السامية التي وضعت على كتف المجموعة.. رسالة أقل ما يمكن أن نسميها هي رسالة إنسانية.

ملامسة الهم اليومي:

هذه الجماهيرية الطاغية كان سببها هو ملامسة الهم اليومي واللسان السوداني الذي يطرق القلب بكل عفوية.. وعقد الجلاد حتى على مستوى التأليف اللحني للأغنيات نجدها طرقت شكلاً مغايراً لم يعتمد على زخم الموسيقى والآلات بل كان الاعتماد على الصوت البشري وهو الأداة الأساسية لتوصيل الفكرة وليس الآلات الموسيقية.. لهذا نجد هذا التنوع الجمالي في الأصوات المؤدية في شكل وتكوين وتركيبة الفرقة..

حضور جميل:

عقد الجلاد ظلت طيلة السنين الماضية تشكل حضوراً جميلاً وعلى كافة الأصعدة وهي اليوم تعد واحدة من المنظمات التي تساعد وتبني وتعمر وتسافر لأماكن الحروب وهي لها رحلات عديدة للجنوب تبشر بالسلام وكذلك في دارفور كانت لها مساهمتها وقبل أيام حفل لأطفال المايقوما وحفل لصالح أسرة الفنان الراحل عبد المنعم الخالدي.. كلها تفاصيل تؤكد أننا أمام حالة أكبر من فكرة الغناء فهي أشبه برسول الإنسانية الذي يتخذ الغناء وسيلته للمخاطبة والوصول..

مشاريع فكرية:

عقد الجلاد وعبر تاريخها الطويل قدمت العديد من الأغنيات التي كانت أشبه بالمشاريع الفكرية والتجربة بحد ذاتها ككل مثلت تكثيفا لحالة شعورية فيها الكثير من البساطة والقدرة على المعايشة والتعايش مع الهم اليومي.. ولكن الملاحظ أن الفرقة في الفترة الأخيرة لم تقدم أي عمل غنائي محسوس الأثر رغم أن الفرقة أنتجت أغاني جديدة ولكنها ليست في مقام الأغنيات القديمة التي شكلت الملمح الأساسي للفرقة..

روح المجموعة:

في عقد الجلاد روح المجموعة طاغٍ على روح الذات.. والفضل في ذلك يرجع لقادة المجموعة السابقين (عثمان النو و شمت محمد نور) فقد غاب منهم من غاب.. وظلت عقد الجلاد بنفس الرائحة الزكية والألق المعهود.. مجموعة لم تعرف التأثر لغياب الفرد.. مجموعة كتب لها النجاح على مدار ستة وثلاثين عاماً.. نجاح عام يفوق العام الذي سبقه.. على الرغم من وفرة العوائق والشماعات التي تعلل بها مبدعو بلادي…

شح الإمكانيات:

لم يعرفوا معنى كلمة (شح الإمكانيات).. رؤيتهم تعدت إشكالية الحكم المسبق من قبل المستمع.. أمام كل هذه العوائق أعلنوا الثورة بأسلحة (أورغ – عود – باص جيتار – جيتار – طبول وآلات إيقاعية) فكسبوا المعركة وواصلوا القتال أمام البارجة الأكبر والأعتى وهي (أذن المستمع السوداني في هذا الزمان)، قدمت عقد الجلاد على الأقل تجربة جادة مقتفية آثار كل الفنانين والموسيقيين السودانيين الذين تعاملوا مع هذا الضرب من الممارسة الاجتماعية بجدية، وتاريخنا يحفظ لهؤلاء الفنانين المكان الأسمى منذ الخليل حتى مصطفى سيد أحمد وأبو عركي البخيت. غنائية بتلك المواصفات عصية على التشتت والانقسام والانشطار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى