وزير الصناعة إبراهيم الشيخ لـ(الصيحة):

 

البحث عن أثر للصناعة خلال (5)  أشهر لا يخلو من تجنٍّ

مسؤولية تشغيل المصانع المتوقفة تنعقد على أصحابها

الجيش هو جيش الدولة والمحافظة عليه وعلى كياناته واجب للجميع

صدّقنا عشرات المصانع الجديدة سترى النور قريباً

وزير الصناعة  ليس مطلوباً منه الطرق على أبواب اصحاب المصانع المتوقفة لإعادة تشغيلها  

ندير حواراً مع قادة المصانع العسكرية لتوظيف الصناعات المدنية فيها لخدمة الاقتصاد الكلي

نركز جهدنا الآن على إعادة تأهيل مصانع السكر الحكومية الأربعة

حوار ـ محجوب عثمان

في العقد السادس من القرن الماضي وحتى نهاية القرن كانت عبارة “صنع في السودان” تزين العديد من المنتجات التي تملأ السوق الوطني حد الكفاية وتفيض لتصل الى دول الجوار بل ان بعض المنتجين كان يضع عبارة “فخر الصناعة السودانية” على المنتج لتأكيد ان المنتج سوداني الصنع.. لم تكن تلك الصناعات من نوع الصناعة الثقيلة وكانت في أغلبها صناعة تحويلية لمنتجات سودانية ذراعية وطبيعية، غير انها نفسها تدهورت بفعل العديد من العوامل لدرجة ان الصناعة السودانية القديمة وصلت مرحلة الإضمحلال ولكن في المقابل نشأت صناعات حديثة مثل تجميع السيارات وصناعة الحديد والسراميك الا انها نفسها واجهتها العديد من التحديات التي ادت لتوقف بعضها بينما لا يزال البعض الآخر يصارع من أجل البقاء.. أسئلة عديدة ألقينا بها في بريد وزير الصناعة إبراهيم الشيخ، وكانت حصيلتنا الإجابات التالية.

ـ بداية دعنا نقول مرحبا بك وكل عام وأنت بألف خير.

مرحباً بكم وكل عام والشعب السوداني البطل بألف خير وأعاننا الله على تلبية طموحاته وتحقيق أهداف ثورته المجيدة التي مهرها الشعب بدمائه وازال عن الوطن كابوس جثم على صدرها طويلاً.

ـ دعنا نسأل عن المصانع المتوقفة وأسباب توقفها؟

كثيراً ما نسمع عن مصانع متوقفة وأخرى في الطريق للتوقف ويحمل الجميع مسئولية تشغيلها أو إعادة تشغيلها لوزير الصناعة لكن لم يصل أحد إلى حقيقة توقف تلك المصانع وأسباب توقفها فتلك المصانع متوقفة لأسباب عديدة لا دخل لوزارة الصناعة فيها وليس للوزارة يد لإعادة تشغيلها.

ـ كيف.. أليس من واجب وزارة الصناعة أن تعمل على تشغيل وتطوير المصانع؟

بالتأكيد.. لكن معظم المصانع المتوقفة متوقفة لأسباب لا دخل للوزارة بها مثل أن يكون هناك مصنع توفي صاحبه وتركه للورثة الذين لم يتفقوا حوله ولم يحسموا امرهم في مصيره ولم يقطعوا بإعادة تشغيله او انصرافهم عنه… وهناك مصانع اخرى متهالكة اكل عليها الدهر وشرب وصارت ماكيناتها من التاريخ ولم يعد أصحابها يحفلون بمهنة الصناعة او لم تعد لديهم رغبة في تجديدها وهناك مصانع اخرى معروضة للبيع كأرض أكثر من كونها مصنعا بمعنى ان قيمة الأرض اصبحت الآن لدى صاحب الصناعة اكثر من قيمة المصنع نفسه.

ـ أليست هذه المصانع مملوكة للدولة؟

كل هذه المصانع مملوكة للقطاع الخاص ما يعني ان مبادرة تشغيلها تقع على مسئولية أصحابها وعندها يمكن للوزارة ان تتدخل كجهة حكومية رسمية بتسهيل خطوات اعادتها للحياة، ولا اظن ان وزير الصناعة مطلوب منه الطرق على أبواب اصحاب هذه المصانع بحثاً عنهم ودعوتهم لاعادة تشغيلها.

ـ هل هذه دعوة لأصحاب المصانع من الوزارة لمساعدتهم في إعادة تشغيلها؟

نعم لكن من المهم جداً إرادة اصحاب هذه المصانع ورغبتهم في إعادة تشغيلها ونفض التراب عنها والبحث عن مقومات تشغيلها في الجهات ذات الصلة بعدها يأتي دور الحكومة ولكن ليس قبلاً.

ـ البعض يرى أن وزارة الصناعة الآن لا تهتم بالصناعة من واقع عدم وجود اي خطوات على الأرض؟

على العكس وزارة الصناعة الآن تسير في عدة اتجاهات فالوزارة أولاً تولي اهتماماً كبيراً بالمصانع القائمة وعاملة الآن بتذليل كل الصعاب التي تعتري أداءها ونحن بالطبع نعلم أن الطريق طويل جداً وشاق للوصول إلى ذلك لكن نوقن بأن هذا الطريق الشاق يبدأ بخطوة التخطيط السليم والإرادة السياسية وعلى الأقل التخطيط متاح والإرادة السياسية قائمة للمضي قدماً في هذا الطريق ثم أن هناك عشرات المصانع الجديدة تم تصديقها للقطاع الخاص وجار إنشاؤها وستري النور قريباً.

ـ معروف ان الصناعة امر شاق وأنها تحتاج الى مقومات كبيرة لنجاحها فهل نمتلك في الوقت الراهن مقومات لنجاح الصناعة؟

بالطبع الصناعة تحتاج إلى مقومات كبيرة وربما الآن يتم توفير تلك المقومات فالصناعة تحتاج الى طاقة هائلة لا تتوفر الآن ولكن جاري العمل على توفيرها.. والصناعة تحتاج لرؤوس أموال ضخمة وتمويل كبير لهذا نعمل على بناء وانشاء صناديق ومحافظ  تمويل لها وتهيئة المناخ اللازم لنهضتها.

ـ ألا ترى ان الصناعة تحتاج الى تهيئة المناخ الملائم وإزالة التقاطعات القانونية وإقالة عثرات التحويلات الخارجية وغيرها من النقاط التي تعتمد على الحكومة بشكل مباشر؟

بالطبع ومن أجل ذلك عدلت الحكومة قانون الاستثمار وقامت باجازة قانون الشراكة مع القطاع الخاص وعملت علي رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع الحصار الدولي الذي كان مضروبا عليه والآن وعبر جهود الاصدقاء يتم الغاء الديون الخارجية وتأهيل السودان لتلقي القروض من جديد لإعادة بناء البنية التحتيه اللازمه للموانئ والطاقة والإتصالات كل ذلك يمضي وفي البال ان الصناعة ستكون اكبر المستفيدين منه كون الذي يتم سيشجع على جذب رؤوس الأموال المحلية الخاصة والأجنبية .

ـ هناك من تفاءل بتقلدك منصب وزير الصناعة لكنهم عادوا الآن ليقولوا إنك لم تضف جديداً؟

البحث عن اثر للصناعة خلال خمسة أشهر هي عمر تجربتي في وزارة الصناعه لا يخلو من تجنّ عليّ تحديدا لكننا نعمل الآن وبالتأكيد سيكون عملنا مرئيا بعد حين لأن العمل في الصناعة لا يتم بين ليلة وضحاها ونحن لا نرفض النقد ولكن نأمل دائما في توخي الموضوعية فيما يصدر تجاهنا من قول ونقد.

ـ ما الذي سيظهر هل هناك عمل يتم خلف الكواليس سيكون له اثر في نهضة الصناعة؟

نركز جهدنا الآن على إعادة تأهيل مصانع السكر الحكومية الأربعة في عدة محاور في المزرعة والمصنع ونعمل على إعادة تشغيل سكر النيل الأبيض بتوفير التمويل وزيادة رأس المال وكذلك نركز على الحفاظ على اداء مصنع سكر كنانه الراهن ومن ثم رفع الإنتاجية فيه وتطويره.

ومن جانب آخر العمل يجري الآن بجد لقيام مدن صناعية للنسيج والجلود وهو أمر يتطلب توفير البنية الأساسية من ماء وكهرباء وطرق أولا ومن ثم فتح الأبواب للمستثمرين باعتبار أن المادة الخام تتوفر بحجم كبير سواء كان القطن الذي يجري الجهد عبر وزارة الزراعه لزراعة ٢٥٠ ألف فدان منه هذا الموسم وكذلك الجلود.

ـ على ذكر الجلود، الصناعة لا تستفيد من خام الجلود على كثافته وتوفره في السودان وفي البال تجربة جلود الأضاحي التي خلقت العام الماضي أزمة بيئية في الخرطوم؟

بالتأكيد من يتجول في الخرطوم يلحظ ان هذا العام لم يكن مثل العام الماضي فقد اعددنا حملة مبكرة لجمع جلود الأضاحي أيام عيد الأضحي المبارك تم الاعداد لها جيدا واتت ثمارها بان تم جمع كميات مهولة من الجلود خلال أيام العيد في مراكز محددة ساعد في ذلك شباب لجان المقاومة وحملة حنبنيهو وهؤلاء بالطبع لهم منا كل الشكر من واقع ان المساهمة في البناء الوطني تتطلب تضافر الجميع.

ـ هناك صناعات في الولايات هل تأخذونها معكم في خطة الوزارة؟

بالتأكيد الصناعة ليست في العاصمة فقط.. الآن قطعنا شوطا كبيرا في المسح الصناعي الذي يعتبر المحدد الأساسي لحجم البنية الصناعية في كل الولايات.

ـ كل هذه الجهود يمكن ان تصبح هباء منثورا ما لم تكن هناك ارادة قوية لتنفيذها ألا ترى ان البروقراطية والتكلس الذي يطبق على الخدمة المدنية والتي لا تستثنى منها وزارة الصناعة بالطبع يمكن ان يهزم هذه الطموحات؟

بالتأكيد الكادر البشري هو الآخر يحتاج لرفع قدراته بالتدريب والتأهيل ونحن لم نهمل ذلك ونسير به جنباً الى جنب مع خططنا تجاه الصناعة فنحن الآن نعمل على اعادة هيكلة وزارة الصناعة بهيكل وظيفي جديد بعد ان تمت اجازة قانون الصناعة مؤخراً.

ـ هناك منظمات وجهات دولية تطرح فرصاً لتدريب وتأهيل الكادر البشري اليس لديكم تواصل مع بعضها؟

نفتح آفاقاً للتعاون مع منظمات معنية بالتنمية الصناعية مثل اليونيدو  والهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي التي لها اسهامات عديدة في مجال الصناعة والتدريب المهني.

ـ هل هناك خطط لتطوير الصناعات الصغيرة فهي تعتبر عماد الإنتاج الصناعي لكثير من الدول؟

نشجع الصناعات الصغيرة بالتنسيق الكامل مع اتحاد الصناعات الصغيرة وكما تري هنالك جهود تجري مؤكد ان ثمراتها ويوم حصادها سيأتي لكن ليس بالعجالة التي تتوقون اليها.

ـ كثر الحديث عن المصانع التي يمتلكها الجيش ويدعو البعض لخروج القوات المسلحة من الانشطة غير المتعلقة بالدفاع فكيف تنظرون لمصانع القوات المسلحة؟

قمت خلال الفترة الماضية ولمدة شهر ونصف بالطواف على كل وحدات منظومة الصناعات الدفاعية وتعرفت عليها، بدءا من رئاسة المنظومة، ومن ثم مصانع، جياد، اليرموك الزرقاء الكدرو، والصافات، ووجدت أن المنظومة تزخر بكوادر بشرية ومقدرات مهولة مؤهلة من أجل مصلحة البلد، حيث تؤسس لصناعات متقدمة.

ومن خلال اسمها يتضح ان هذه المنظومة تعمل على الصناعات الدفاعية ولا تعمل في مجالات الصناعة الاخرى وعلى الجميع ان يعلم ان الجيش هو جيش الدولة وان المحافظة عليه وعلى كياناته واجب للجميع،  ونتطلع لأن تكون العلاقات بينه وبين كافة المكونات الأخرى معقولة ومقبولة ولا ننتقص من دوره وأن نسعى لكي نخلص لرؤية مشتركة تصب نتائجها في مصلحة الوطن.

ـ ولكن هناك من يرى انها لابد ان تكون تحت امرة الحكومة ورقابة الجهاز التشريعي كونها اموالاً عامة كيف يتم التعامل مع هذا الجانب؟

نحن الآن نجري حواراً مع قادة الجيش والمسؤولين عن تلك المصانع لتوظيف الصناعات المدنية فيها لخدمة الاقتصاد الكلي والدخل القومي وايلولة هذه المصانع لوزارة المالية مع إبقاءها تعمل بذات القدرات البشرية والمادية المتوفرة لها الآن نسعى من ذلك ان تكون كتابا مفتوحا وشفافا للجميع باخضاعها لسلطة المراجع العام والضرائب والجمارك والتنافس الحر في وظائفها واعتثقد أن هذا سيمكن من أن تظل هذه المؤسسات بضخامتها عاملة وتضخ في إطار الاقتصاد الكلي للبلاد.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى