وحّدتهم الثورة وفرّقتهم السياسة..  الشيوعي والمهنيون والانتقالية.. تحوّلات في زمن الأزمة!

تقرير: أمنية مكاوي

مع طرح مبادرة رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك التي تم طرحها للقوى السياسية أمس الأول، كانت هناك ردود أفعال مختلفة ومغايرة من بعض القوى السياسية تجاه هذه المبادرة وتحديداً بعض القوى المنضمة تحت لواء الحرية والتغيير، وعصفت بها التقلبات لتختار طريقاً تقويمياً قاسياً على رفقاء الأمس، منها قوى تجمع المهنيين والحزب الشيوعي كأكثر الأقسام اعتراضاً على قرارات الحكومة الانتقالية لما يقع بينهم من اختلافات في الرأي، وفي الطريقة التي تدير بها الحكومة الانتقالية دفة الحكم في البلاد.. وقد رأت بعض هذه الأحزاب مبادرة السيد رئيس الوزراء من جانبين وهي إما (الرفض أو القبول)، فماذا رأت الأحزاب والقوى السياسية القريبة من الانتقالية، وهل تلك المواقف تعد نقطة ضعف ويمكنها فرملة قطار الانتقالية المنطلق بقوة نحو محطات الاستقرار التي يبحث عنها أم إن للانتقالية موقفاً آخر قد يعود بتلك القوى لداخل الحصن التغييري الكبير؟.

محنة المواقف

فهناك قوى سياسية أصبحت هي من تمتلك وجهة المعارضة لأكثر من حكومة أتت في البلاد، فالحزب الشيوعي السوداني ينادي برفضه اتجاهات الحكومة الانتقالية، وجاء تصريح لأحد قيادات الحزب البارزين حول القرارات التي أتى بها مجلس الوزراء خلال اجتماعه المغلق لمدة ثلاثة أيام السابقة، قائلاً إن القرارات التي اتخذتها الحكومة مؤخراً، نظرت لآثار الأزمة ولم تعالج الأسباب الحقيقية للأزمة والمتمثلة في سياسة البنك والصندوق الدوليين، مشيراً إلى أن القرارات أتت في الوقت بدل الضائع.. بينما وجه تجمع المهنيين السودانيين رسالة للحكومة الانتقالية بعد قرارات اجتماع مجلس الوزراء الأخير دعا فيها تجمّع المهنيين السودانيين، السلطة الانتقالية إلى اتّخاذ ما يلزم لضمان تعجيل تنفيذ الأحكام بحق المدانين، مطالبًا في الوقت ذاته بالإسراع في جلب بقية المجرمين ومن حرضوهم للمثول أمام العدالة. وأشار تجمّع المهنيين السودانيين إلى أنّ هناك ملفات كثيرة منذ 1989، تنتظر الإنصاف ومعاقبة المعتدين. وأضاف “ما زال قتلة الشهيد أحمد الخير لم يلقوا عقابهم بعد عام ونصف من إدانتهم”. وأوضح التجمّع في بيانه أنّ التسويف في تنفيذ هذه الأحكام لا معنى له ولا يؤدي إلاّ لمزيد من الاحتقان.

اتهام سياسي:

وعلى ذلك، وصف الحزب الشيوعي السوداني قرارات الحكومة بأنها مجرد تضليل للشعب، كما انتقد الحزب رفع الأجور للقطاع العام، وقال إن ذلك سيؤدي إلى زيادة التضخم، وأضاف أن القرارات، وإن كانت مؤقتة لحل الضائقة المعيشية ستصب الزيت على النار، وشدد على أن التقشف في الصرف الحكومي لن يُجدي ما لم يطل ميزانية الدفاع والأمن لجهة أنها الأكبر في الميزانية العامة.

وقال كمال كرار القيادي بالحزب الشيوعي لـ(الصيحة) إن هذه القرارات لا تجدي، فقط تعتبر (تحجيبة) لموكب 30 يونيو، وقال: نحنا على موقفنا حول إسقاط الحكومة الانتقالية، وإن هذه القرارات أتت لتضليل الشعب عن  إكمال هياكل السلطة التي ظل يطالب بها الشباب الثائر مثل المجلس التشريعي والمفوضيات التي تحتاجها الكثير من الولايات وعلى رأسها ولايات دارفور، وقال إن هنالك أجندات وتقاطع مصالح داخلية وخارجية، وأضاف كرار أن هنالك أصواتاً تتحدث عن تصحيح المسار، لكن نحن كحزب موقفنا واضح وهو إسقاط النظام لذلك استعجل الحكومة باتخاذ هذه القرارات نحن نقول لهم إن الحزب مع كلمة الشعب واحتياجاته لأنها ليست لديها القدرة على إنعاش ما يحتاجه المواطن والوطن نفسه وهذا ما لدي من قول.

سيناريوهات سياسية

واعتبر مراقبون سياسيون لـ(الصيحة) أنهم لن  يستبعدوا أن ترفض “قحت” والمكونات التي خارجها مبادرة رئيس الوزراء، لأن الأمر الآن انتصار لفريقين بالحرية والتغيير الأول مهيمن على القرارات والآخر جالس على الرصيف يتفاجأ بها عبر وسائل الإعلام، وقالوا: ربما تسللت إليهم قناعة بأن حمدوك استجاب للقوى التي اعتادت أن تجتمع معه عندما تنشب خلافات داخلية، مستدلين بالقوى التي ذهبت إليه وطالبته برفع الدعم عن الوقود وغيرها عندما عارضت بعض مكونات “قحت” القرار.

واعتبر محللون سياسيون أن تحالف الشيوعي والمهنيين الرافض للقرارات الأخيرة التي دفع بها مجلس الوزراء واستبشر بها بعض الشعب الذي يدعم الثورة خيراً وأن خروج المهنيين والشيوعي من “قحت” أتى بقرار الرفض لكن الحاكم هو الشعب والكلمة له، الأمر الذي أدى للتساؤل عن مواقف الحزب والتجمع (الشيوعي – المهنيين) بأنهما وجهان لعملة واحدة، أم إن المواقف تطابقت لتطابق رؤيتها حول الأزمة السودانية وموقف الحكومة الانتقالية تجاه معالجتها، الأمر الذي دفعهما لمخالفتها صراحة رغم أنهم بعض أولادها؟. وهل هما وجهان لعملة واحدة..؟

مواقف مريبة

فيما كان لرئيس حزب الأمة سعادة الفريق برمة ناصر موقفاً مغايراً حول خطوات الحكومة الانتقالية وإجراءاتها الأخيرة بجانب نتائج مقررات الاجتماع الأخير لمجلس وزرائها. وقال في تصريح لـ(الصيحة): هناك تساؤلات كثيرة تدور حول الذين ينتقدون خطوات ومقررات الانتقالية، فهل هؤلاء يريدون ديمقراطية أم دكتاتورية، مشيراً إلى أن الديمقراطية تأتي دوماً بالحق لكل من يريد تغيير رأيه وأن أخوتنا الشيوعيين والمهنيين يعبرون عن رأيهم بالطرق السلمية، بيد أنه لا يحق لهم إنكار ما يقدمه الطرف الآخر ولا يحق لهم تقديم تضليل حول ما تقدم الحكومة الانتقالية، لأن لا أحد طلب منهم رأياً، وأضاف برمة أن مطالب الشيوعي لإسقاط الحكومة من حقه لكن بطريقته أن يتدخل في اجتهادات ما تقدمه الانتقالية وتحالفاتها، لأن الكل هناك ينادي لنصرة نفسه، ونحن لا نرفض لأحد التعبير عما يراه لأننا نريد ديمقراطية وليس من الصعب وضع البرامج ولكن عقبات التنفيذ هي التي تحول دون التنفيذ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى