وحيد علي عبد المجيد الأمير يعقوب التعايشي يكتب.. ازمة منهج وضمير

علينا أن نعترف أولاً أننا في أزمة حقيقية، هي أزمة أخلاق وأزمة المنهج والضمير والوطنية وأزمة حكم “سياسيين” وثقافة الاستقالة والاعتذار والاعتراف بالخطأ هي من آداب الأنظمة الديمقراطية التي تحترم شعوبها، تمر الأعوام في السودان من سيء إلى أسوأ ومن صراع إلى صراع، ونحن على مدة سنين التزمنا خطاً أخلاقياً يدعو ويقود ويؤدي إلى الأدب والتأدب وإلى رد الفضل إلى أهله، إلا أن أصوات تغبيش الوعي العام تصر على أن يظل الماء عكراً حتى تجد ضالتها في طينه. ولعل ما دفعني لقول ما سبق أن ننتظر نموراً من ورق أن تساهم في التغيير، وهو ما لم ولن ولا يحدث إطلاقاً وهذه الحكومة والتي لا تملك الشجاعة ولا القادة ولا الرغبة والطموح الذي يجعلها تقف جهراً مع التغيير.

ومن أكبر المآسي التي ظلت تهدد بلادنا وتعجز كل الجهود عن حلها هي عدم الصراحة والوضوح والشفافية وتمليك الشعب الحقيقة، ولا ينفع الشعب السوداني إلا الحقيقة.. والحقيقة دواء مر ولولا مرارة الدواء لما شفي المريض، أما الباطل فهو حلو كالشهد ولكنه مضر.. لمن فاتهم الاستماع.. تسيطر الحركة الشعبية مساحة واسعة جداً بولاية جنوب كردفان، الأمر الذي لا يعلمه الكثيرون “شر البلية ما يضحك”، وأن حاضرة ولاية جنوب كردفان كادوقلي وتتواجد الحركة الشعبية في كل الاتجاهات ما عدا الاتجاه الشمالي المؤدي إلى الدلنج ثم الأبيض.. ومن المناطق التي تقع تحت سيطرة الحركة الشعبية منطقة كادوا رئاسة الحركة الشعبية شرق كادوقلي، وكذلك المناطق الجنوبية لمدينة كادوقلي والمناطق غرب الدلنج، وتقيم الحركة الشعبية في هذه المناطق نظاماً إدارياً يديره المفوض لكل منطقة، كما يدرس نظاماً تعليمياً مستقلاً عن نظام جمهورية السودان، حيث يطبق المنهج الكيني في التعليم. والسؤال هو على ماذا تفاوض الحكومة؟!! هل تتفاوض على ما تبقى من ولاية جنوب كردفان أم ماذا؟!! أم تتفاوض على السلام أم اتفاق السلام؟!! وعلينا أن ندرك ونفرق بين “السلام” و”اتفاق السلام” وهناك فرق بين “اتفاق السلام” وبين “السلام” ، نرجو أن تلتزم أطراف السلام بما توقع عليه في وثائق السلام. والطلبة الذين درسوا المنهج الكيني هل يكون ولاءهم لجمهورية السودان أم للحركة الشعبية أم لكينيا؟! وهل يجلسون لامتحان الشهادة السودانية؟! وهل يكون لهم نصيب في الجامعات السودانية والكلية الحربية وكلية الشرطة؟! وكيف يكون نسيجهم الاجتماعي والثقافي والعادات والتقاليد والانتماء للوطن؟ وإذا تم الاتفاق هل تستطيع الدولة أن تغير المنهج الكيني وإذا لم تستطع هل يكون هذا مؤشر لانفصال ولاية جنوب كردفان أم ماذا؟ وعبد العزيز الحلو من منطقة الفيض أم عبد الله التابعة لمحافظة رشاد بولاية جنوب كردفان، وهو من أسرة متدينة ووالده شيخ معروف بالورع في تلك المنطقة، وعبد العزيز خريج جامعة الخرطوم في نهاية السبعينيات ويتمتع بأخلاق رفيعة جداً. لست بدرجة من التفاؤل، فالتجربة علمتنا أن ما يحدث في دهاليز السياسة أحياناً كثيرة لا يبدو على حقيقته، وكثيراً طالبنا بإبداء حسن النية في التعاطي السياسي، ولقد تعلمت من زمان أن الأزمة لا توجد فجأة وإنما تنمو ببطء وتتمرحل وتكبر بعوامل التجاهل والإهمال والاستخفاف بعقول الناس. وهؤلاء يظنون أنهم أذكياء وحدهم، وأن الشعب السوداني مجرد كومبارس أو قطع ديكور في مسرح الحياة الذي يلعبون عليه ويقدمون مسرحياتهم الهزيلة، ويجب على الحكومة أن تكون واضحة وتملك الشعب الحقيقة، ومن أكبر التمنيات التي يطلبها الشعب السوداني أن يلطف الله ببلادنا ويهدي قادتها إلى توحيد كلمتهم ورأيهم ورؤيتهم إن كانت لهم رؤية أصلاً في كيفية إدارة البلاد وإخراجها من كبوتها وهاويتها، التي يسرف السياسيون في توسيعها وعجزهم وكسلهم في أن يقدموا ما يساهم في ردمها متشاغلين بهمومهم الخاصة، وتدافعهم نحو مصالحهم الضيقة مشياً على دماء أبناء الوطن من الأبرياء ومشكلة الوطن – الأخلاق والسياسيون فما عادت تجوز على الشعب ألاعيب السياسة وفهلوة الساسة. فإن غابت عنهم حقائق التطور السياسي من حولنا، فحقيقة أن شعبنا بات يدرك أن من سلمهم أمره لم يعد لديهم ما يقدمونه له، وهو مدرك لذلك والدرب الوحيد المتبقي الآن هو أن تخرج كل المنظومة السياسية من حياتنا هذا هو المطلوب بالضبط والغريب أننا لم نتعظ من الدرس القاسي ودرنا في ذات الدائرة نحمل أحلاماً بائسة وخطوات خجلى نحو أن نبقى أمة، وأيضاً خفافيش الظلام تأبى إلا أن يكون منطقنا الاختلاف فيما يوجب الاختلاف وما لا يوجب الاختلاف وتقصف بأمتنا الصراعات المعلن منها والمستتر والشعب يئن تحت وطأة الفقر والمرض والعوز والحاجات الحياتية المتلاحقة والأزمات التي لا تحصى ولا تعد، وشعبنا الصابر يرنو بعين صابرة وكأنه يقول لهم آها وبعدين.. إلا نقول (الرووب) ولم يقولوا شيئاً وإذا اعتقدوا أن الشعب ترهبه قنابل الغاز والسيطان، فعليهم أن يعيدوا حساباتهم وإلا كان غيرهم أشطر وأجدر بالبقاء !! قال لي أحدهم وهو ممكون جداً: إذاً ماذا؟!! وذهب بعيداً وهو يقول لي أريد أن أتقيأ.. ضحكت كثيراً وقلت له يا صديقي لقد تقيأت من قبل خمسين عاماً، أما آن الأوان لهذا الشعب أن يخرج، أما كفانا أيها الشعب صبراً وصمتاً وسكوتاً خلف هؤلاء.. وهتف صديقي وهو يقول عاش نضال الشعب السوداني.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى