في أول حوار له عقب توليه ولاية غرب دارفور خميس أبكر لـ(الصيحة): جئنا لخدمة المواطن وإذا لم يتحسّن الوضع سيكون لنا حديث

نحن في وضع استثنائي، لا يوجد طريق غير إنفاذ الاتفاق

الملف الإنساني والأمني أخطر الملفات

ليس كل إسلامي أو مؤتمر وطني مجرم والمصالحات مهمة لبناء السودان

سوء الإدارة وانتقام البعض سبب رئيس في الأزمة والشعب هو من دفع الثمن

رفاق خارج السلام يراقبون جدية الحكومة في إنفاذ الاتفاق

إنفاذاً لاتفاق سلام جوبا والذي خاطب جذور الأزمة السودانية، وبعد مفاوضات استمرت لمدة عام، وقع طرفا الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح اكتوبر الماضي على تنفيذ (٧) من البرتكولات، تصدر برتكول المشاركة في السلطة المشهد بتشكيل حكومة جديدة، وتعيين  حاكم إقليم دارفور، وأيضًا تعيين ثلاثة من ولاة الولايات وفق الاتفاق، وكانت ولاية غرب دارفور من نصيب رئيس التحالف السوداني خميس عبد الله أبكر.  (الصيحة) جلست إليه عقب تعيينه والياً لمعرفة رؤيته في كيفية إدارة شأن الولاية التي شهدت صراعات وأحداثاً أدت لتشريد ونزوح الآلاف من مواطنيها وأزهقت خلالها أرواح بريئة، وجهنا له محاور يدور إطارها العام في كيفية عمله لمواجهة التحديات الأمنية والإنسانية والاقتصادية بالولاية، وخرجنا منه بالإفادات التالية:

حوار: فاطمة علي سعيد

ـ كيف تسيرعملية تنفيذ اتفاق جوبا خاصة بعد البطء في بند الترتيبات الأمنية؟

الاتفاق يسير ببطء، وليس هناك تقدم، رغم انقضاء ٨ أشهر للتوقيع،  التقدم في الجانب السياسي، ونحن حتى الآن لم نتحدث عن الخدمة المدنية، وهو الأهم، ثانياً الترتيبات الأمنية صمام أمان الاتفاق نفسه، وعدم الاهتمام بالتنفيذ له مخاطر ومنها التفلتات الأمنية، لذلك بند الترتيبات الأمنية مهم ولابد من إنفاذه.

ـ كم نسبة ما تم إنفاذه؟

لا يوجد مقياس للاتفاق، ولدينا سبعة ملفات منها ملفات مهمة والتجزئة غير مفيدة لذلك لم نتقدم فيها خطوة. لدينا ملف الحواكير والعدالة والمصالحة وملف النازحين واللاجئين لم تتقدم، لذلك لا نستطيع القول إن هناك تقدماً، ونأمل أن يحدث تقدم حتى المصفوفة  تم تجديدها بتاريخ ١٥مايو، وحددنا داخلها أنه بعد ١٥ لابد من إنفاذ البند، لذلك في تلك الفترة  تم تنفيذ بند مشاركة  أطراف العملية السلمية في السلطة وأيضاً تعيين حاكم الإقليم،  وتعيين الولاة ولكن بقية الملفات ظلت عالقة.

ـ الجنينة شهدت أحداثاً دامية أدت إلى نزوح آلاف المواطنين والنازحين كيف يعمل الوالي لعودتهم وهو يمثل أحد التحديات؟

نتفهم الوضع الإنساني الموجود في الجنينة، فهو بصورة “بطالة” جداً والوضع الأمني، وكنا نعرف  هناك تحديات لذلك قررنا أن نوقع الاتفاق، ومن ثم  معالجة السلبيات الموجودة وشخصياً أدرك مستوى التحديات لذلك يجب أن نكون قدرها.

ـ ما هي أولوياتك كوالٍ والولاية عانت أحداثاً أدت للتشريد والنزوح؟

طبعاَ بعد الأحداث الأخيرة كل النازحين الآن نراهم  خارج المخيمات وسكنوا في المؤسسات الحكومية حتى المساجد، لذلك هذا عمل إنساني يجب أن نضعه ضمن الأولويات ومحاولة معالجته، يليه الوضع الأمني وهما ملفان في قمة الأولويات بالنسبة لي. وأحاول البدء فيهما، عندما نتحدث فيما يتعلق بالوضع الآن بالجنينة، أكبر من إمكانيات الولاية، لذلك  سنتحدث مع المركز، أضف لذلك التواصل مع المجتمع الإقليمي والدولي  للمساهمة كيفية  عودة النازحين لأماكنهم حتى تستطيع الولاية مباشرة عملها  من المؤسسات.

ـ الولاية تعاني من هشاشة أمنية كيف تعملون؟

هو أحد المسائل الصعبة، لكن إذا توفرت الإرادة ونحن لدينا إرادة، لذلك اخترنا أن نكون في تلك الولاية وندري التحديات، لذلك في جانب الهشاشة الأمنية لدينا ترتيبات أمنية، والتي تساعدنا في خلق استقرار أمني وفق   اتفاق  جوبا، ولا أرى تخوفاً، لكن مع البدء في تنفيذ الترتيبات الأمنية نستطيع تغيير الوضع للأفضل.

ـ لماذا بدأتم التبشير بالسلام من ولايات الجزيرة وسنار والقضارف وباعتبارك تمثل مسار دارفور؟

أنا أمثل دارفور نعم، لكن لدينا قضايا قومية متفقون حولها. لذلك انطلقت من مبدأ تلك القضايا وفق اتفاق سلام جوبا. وبالتالي السلام لا يعني دارفور وحدها وإنما السودان كله. نرى اضطرابات كثيرة في مناطق مختلفة، لذلك استهدفنا تلك الولايات بالتبشير بالسلام  ولا أرى أنه مخصص لجهة معينة، إنما للسودان.  وشرق السودان به وضع خاص ويحتاج تضافر جهود كل الناس، وهو أحد أهدافنا، واستمعنا للناس  وتحدثنا  معهم  والأهم لابد من رتق النسيج الاجتماعي، فالسلام السياسي تم  بتوقيع الاتفاق، والمهم في الامر السلام الاجتماعي، فنحن محتاجون أن نصل للناس في كل مكان.

ـ خلال الزيارة ماذا لمستم من المواطنين بتلك الولايات؟

لمسنا أن هناك معاناة حقيقية في التنمية والبنى التحتية  والصحة والتعليم، ووجدنا أن المواطن لا زال يعاني، وحملنا رسائل من المواطنين لحكومة المركز، واستطعنا أن نلتقي اتحاد المزارعين والرعاة  بولاية القضارف، وأكدوا أن هناك مخاطر حقيقية  وأنهم مقبلون على الخريف وتبقت أيام قليلة، وأن هناك انعداماً للجازولين، لا يوجد تنسيق بين المركز والولاية لإنجاح الزراعة هذا العام. ونفتكر أن القضارف مخزون استراتيجي للسودان، وإذا الدولة لم تهتم بالزراعة في القضارف فهذه كارثة وسوف تتسبب في المجاعة، وبالتالي حملنا رسائلهم ونوصلها للمركز.

ـ بعد تسلمك كوالٍ لغرب دارفور ماذا يحمل الوالي للإدارات الأهلية  بالولاية؟

فيما يتعلق بالإدارة الأهلية ووفق القانون نعرف أن الإدارة الأهلية تم تغييرها بقرار سياسي، سنسعى لتقنين الإدارة الأهلية وإصلاحها حتى تستطيع المساهمة مع الأجهزة الأمنية لتحقيق الأمن والاستقرار. لا يوجد طريق غير إنفاذ الاتفاق وأن لا عودة للحرب. ونحن في وضع استثنائي في ظل حكومة الثورة، لذلك نقول إن الثورة هي الضامن للاتفاق، وندري حدثت اتفاقيات كثيرة لم تنفذ  والشعب واعٍ ومتمسك بثورته، ولا عودة للخلف، لذلك أردد غير مستعدين للعودة للحرب ونسعى بقدر الإمكان إنفاذ الاتفاق.

ـ ظل بعض قادة الكفاح المسلح ينادون بإجراء مصالحة وطنية؟

لا أستطيع أن أقول مصالحة مع النظام السابق، ولكن التوافق السياسي، في دولة مثل السودان مهم، والانتقام لا يبني دولة، لذلك التوافق مهم  والمصالحة الوطنية مهمة، ولكن ليس خصماً على القانون. لا تستطيع القول إن كل من خدم المؤتمر الوطني هو أذنب، لذلك كل من ارتكب جريمة يجب محاكمته وفق القانون، وليس كل الناس الذين عملوا بالمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية مجرمين خلال الثلاثين عاماً، كذلك المصالحات مهمة وليس فوق القانون .

ـ الأزمة الاقتصادية تسببت في الخروج للشارع وعودة المتاريس رغم التفاؤل بتوقيع السلام ما المخرج لهذه الأزمات؟

نحن كنا متفائلين بعد التوقيع كما تفاءل الشعب، لكن الوضع الاقتصادي الذي حدث أدى لتراجع كبير، الشعب السوداني لا يستحق المعاناة، ونحن نعرف إمكانيات الدولة السودانية فهي كافية إذا وظفت الموارد بطريقة صحيحة. الشعب السوداني  عندما انتفض من أجل حياة كريمة وعيش كريم، ومن حق المواطن أن يطالب بوضع أفضل لإيجاد علاج أو مياه، فالأسعار ارتفعت أكثر مما كانت كما الصفوف. وتم اجتماع مطول مع أطراف العملية السلمية والوزراء الاقتصاديين، وأكدنا لهم عدم وجود مبرر للمعاناة و طمأنونا على أساس فترة أسبوع أو أسبوعين، صحيح لا يستطيع تخفيض الأسعار لكن السوق يجب أن يكون أفضل. نحن أتينا لخدمة المواطن وليس الحكومة. صحيح من خلال الحكومة نخدم المواطن وسوف نظل نراقب ونتابع لحين تحسين الوضع وإذا لم يتحسن سنتكلم.

ـ كيف تنظر للأزمة السودانية هل هي أزمة مالية أم إدارية؟

أولاً توفر شيئين أزمة إدارية موجودة وثانياً لا نسطيع القول بأنه لا توجد موارد، هي موجودة ولكن سوء الإدارة والآخرون يحاولون الانتقام وخلق الإشكالية وهي سبب رئيس جعل الشعب السوداني يدفع الثمن.

ـ كيف تعملون على تأمين الموسم الزراعي وعدم التصادم بين المزارعين والرعاة  بغرب دارفور خلال فصل الخريف؟

كنا ذاهبين قبل التعيين، ولدينا ترتيب وتنسيق مع الرعاة والمزارعين، ذهبنا لخلق عمل مشترك بين المزارع والراعي لتأمين الموسم الزراعي، وكل محتاج للاستفادة، لذلك سنعمل على تأمين الزراعة نفسها وهناك خطوات جديدة لإنجاح الزراعة هذا العام.

ـ الحدود ظلت مفتوحة بين الجنينة وتشاد رغم التفلتات، ما هي خطتكم لضبط الوضع؟

نعم، الحدود ظلت مفتوحة وستظل، لكن أنا أتوقع زيارة تشاد،  للمناقشة مع القيادة التشادية لتفعيل القوات المشتركة لحفظ الأمن وإن دعت لإضافة قوات وتجهيزها لتأمين الحدود وأحيانًا التداخل الحدودي بطريقة كبيرة من أسباب حدوث التفلتات وسوف نحسمه مع القيادة التشادية.

ـ هناك ملفات ولجان تحقيق منذ أحداث كريندق (١) حتى فوربرنقا هل ستحدث عدالة في ظل وجودك كوالٍ؟

نحن في الاتفاق لدينا بند العدالة الانتقالية، فلا نستطيع التقدم في الدولة دون عدالة، فبالتالي يجب أن تكون العدالة من أولوياتنا وسياساتنا في الولاية تحديدًا لأن  العدالة والقانون بالجنينة غير موجودين منذ زمن بعيد وهو ما أدى للانفلات. لذلك يجب تفعيل القانون بطريقة تصحيحية  لحفظ حق الناس وبقية الإجراءات ساهلة جداً.

ـ القرارات التي ستصدر للولاية هل تسلم لحاكم إقليم دارفور أم لحكومة المركز؟

لا، نحن في الاتفاق لدينا ولاية وحاكم، فيما يتعلق بالصلاحيات وتداخلها هناك مؤتمر الحكم يحدد العلاقة بين المركز والولاية وحاكم الإقليم، ونحن لم نقم المؤتمر ليحدد المستويات وكيف يكون نظام الحكم.

ـ ما هي الدعوة التي توجهها للرفاق خارج السلام والآن تجرى مفاوضات مع رئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو؟

قبل تقديم الدعوة للانضمام، هم يفتكرون أن الحكومة وقعت ولم تنفذ شيئاً ومن الصعب أن يوقعوا دون تنفيذ، لكن رسالتي لكل الرفاق إن الشعب السوداني يحتاج للسلام، تحديداً مناطق النزاع ويجب إسكات صوت البندقية ونتحاور حتى الوصول لوفاق سياسي، في دولة تسع الجميع وهذا لا يتم إذا ظل فرد واحد حاملاً للسلاح. ولذلك لا أتوقع وجود عبد الواحد  يكفي الوصول لسلام شامل، أنا أعرف حركات كثيرة موجودة محتاجة نتحاور معها للوصول لسلام،  وهذا لا يتم إلا بضم الآخرين خارج الاتفاق فهم يراقبون الآن هل الحكومة جادة في إنفاذ الاتفاق أم لا.

ـ ما الذي يميز اتفاق سلام جوبا وظللت تردد أن هناك اتفاقيات كثيرة وقعت ولم تنفذ وما الضامن لتنفيذ سلام جوبا، وهل الأزمة عدم توفر الثقة أم الإرادة السياسية؟

المسألة في المركز لا زال  هناك مركز وهامش، نحن نعمل على إزالة هذا الفهم. زمان في حكومات قابضة تسير الذي تريده لكن الآن الحكومة حكومة ثورة، بالتالي لا يوجد مبرر لعدم إنفاذ الاتفاقية. سابقآ لا يستطيع أحد الحديث عن عدم تنفيذ الاتفاق، لكن الآن الكل يتحدث حتى الشارع، ونحن في كل المنابر نردد عدم تنفيذ الاتفاق وحتى الذين وقعوا معنا يقولون الاتفاق لن ينفذ لعدم توفر تمويل وموارد، لكن هناك خطوات جديدة حدثت، المانحون  و”الترويكا” وبعض الدول التي تستطيع أن تدعم تنفيذ الاتفاق، ونتوقع في القريب العاجل أن يكون هناك تحسن في الموارد لتنفيذ الاتفاق، أهمها بند الترتيبات الأمنية.

ـ هل الأحداث التي وقعت بالجنينة الفترة الماضية سياسية أم صراع قبلي؟

أولاً، الأحداث التي تحدث بالجنينة من وقت لآخر ليست جديدة لكن متجددة، وهي سياسية أمنية ولكن يأتي الإخراج في شكل قبلي، ونحن نعرف طبيعة المشاكل حتى لا نسطيع القول هي أيادي النظام البائد وهو موجودة في أي ركن من الأركان، لكن هناك سياسة متبعة في الأحداث، فلذلك لا نجعل النظام البائد شماعة، إذا كان فقط هو المسؤول من الأحداث من هم وأين هم موجودون إذا الرئيس داخل السجن وأركانه والموظفون هم يفعلون فأين الحكومة، فالمسألة بها بعد أمني ولابد أن تقف.

ـ مبادرة التعايش السلمي المجتمعي التي طرحها التحالف السوداني هل ستعملون على مساندتها ليصبح حوارا معتمداً بالولاية؟

لا تنتهي المبادرة ونفعلها، وبادرنا بها وذاهبون أن يكون هناك قرار سياسي تستند عليه، والغرض منها حوار معتمد للوصول إلى حلول إذا كان  الناس ترى مشاكل قبلية، ونستطيع إنجاز ما يمكن بالحوار المجتمعي وعزل الأبرياء من تجار الحرب وندري من هم، ومن بعد الذهاب للمشاكل السياسية إذا وجدت، والآن نستطيع قيادة هذه المبادرة بالولاية بالحوار المجتمعي.

ـ الفترة الانتقالية ستنقضي بقيام انتخابات فهل التحالف السوداني سيتحول إلى حزب سياسي لخوض الانتخابات؟

نحن ما لدينا أهم من الانتخابات محتاجون للتحول من حركة مسلحة  لحزب سياسي، وهذا لا يتم  إلا بعد دخول قواتنا في  الترتيبات الأمنية، ومن ثم يصبح حزبا سياسياً  لممارسة سياسة، ويعبر عن رأيه، إن كان هناك انتخابات او تحالفات فلابد من دور سياسي .

ـ هل قوات التحالف السوداني جاهزة لتكوين القوة المشتركة لتأمين عودة النازحين لقراهم؟

جاهزون، والآن كثير من الاستتباب الأمني الموجود بغرب دارفور، بفضل  قواتنا، لذلك أول خطوة أعمل قوة مشتركة من الأجهزة الدولة الموجودة هناك بعد ذهابي الولاية بما فيها قوات التحالف.

ـ كيف تنظرون لدور قوات الدعم السريع وتأمين الموسم الزراعي بالولاية؟

قوات الدعم السريع دورها معروف، وهي جزء من أجهزة الدولة وتحتاج لتنسيق مع بقية الأجهزة الأمنية الأخرى للدولة، ونشركهم.

كلمة أخيرة؟

شكراً كثيراً، لكن رسالتي تنفيذ الاتفاق ومبادرة السلم المجتمعي تحتاج لدعم إعلامي، متأكد من عدم التقصير، وأن تكون الرسالة واضحة، نحن محتاجون سلام واستقرار والسلام للجميع، ووسائل الإعلام لكل السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى