الغالي شقيفات يكتب.. سد النهضة وسُوق المُبادرات

سد النهضة أو كما يُعرف سابقاً بسد الألفية، الذي بني على منطقة بني شنقول المتنازع عليها بين السودان وإثيوبيا على بُعد تسعة أميال من الحدود السودانية – الإثيوبية، وذكرت أن بني شنقول منطقة متنازع عليها لأنّ التاريخ يقول إنّها أرض سودانية، والسد أُقيم بالنيل الأزرق.

وتقول إثيوبيا إن الغرض من إنشاء السد هو توليد الطاقة الكهربائية وتعويض النقص الحاد في الطاقة ومن ثم تصدير الكهرباء إلى دول الجوار، التي بالطبع نحن منها، ومُتوقّع أن يكون أكبر مصدر للطاقة في إثيوبيا.
والسودان ظلّ بين موقفين، رافضٍ ومُؤيِّدٍ، وإثيوبيا سوف تقوم بملء السد دُون مُوافقة الأطراف، وتقول إنّه حيوي لتنميتها وتطويرها ويُوفِّر الطاقة الكهربائية لـ60% من السكان، بينما تقول مصر إنّه يُهدِّد تدفق المياه في نهر النيل، والحكومة السودانية لم تُوضِّح أسباب الرفض والتأييد للشعب السوداني الذي انقسم فيه الرأي العام بين رافضٍ ومُؤيِّدٍ، وبعد فشل المفاوضات التي جرت بواسطة الاتحاد الأفريقي بين مصر وإثيوبيا والسودان وأصبحت الحكومة تتحدّث عن السد والملء وتقول أنه بدون اتفاق يصبح مُهدِّد للأمن القومي.. وجاءت حرب الفشقة وهي أرض سودانية مُحتلة من قِبل إثيوبيا وحرّرت القوات المسلحة جزءاً كبيراً منها وسط تأييد شعبي لدور القوات المسلحة في التصدي للشفتة الإثيوبية التي ظلّت تقتل المُزارعين السودانيين.
ورغم التوتُّر المُتنامي بين الخرطوم وأديس أبابا، إلا أنّ إثيوبيا تقول إنّ السودان سوف يستفيد من سد النهضة، وبعد تصاعد الضغوط الدبلوماسية ودخول موسم الخريف، نشط سوق المُبادرات ووصل عددٍ من الوفود الدولية إلى الخرطوم بصدد حل أزمة سد النهضة، حيث طرح الرئيس الكنغولي فيليكس تشيسكيدي وهو رئيسٌ لدورة الاتحاد الأفريقي حالياً.. كما زار السودان السيد جيفري فليثمان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي وتناقش مع الرئيس البرهان وكذلك التقى نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي حول سد النهضة وكيفية الحل، واطلعه رئيس مجلس السيادة على رؤية السودان وموقفه، وقد سبقه الرئيس الإريتري أسياس أفورقي وطرح مُبادرة لحل مشاكل العلاقة بين السودان وإثيوبيا، خاصةً حول الحدود وسد النهضة وصولاً إلى التدخل الأكبر والواضح من دولة الإمارات العربية المتحدة، والآن أزمة سد النهضة بين الخرطوم وأديس أبابا أصبحت سُوقاً للمُبادرات ولم تصل إلى حلول حتى الآن ولم تُتوّج إلى مباحثات مباشرة بين الطرفين.

عُمُوماً.. في ظل صمت المُؤسّسات الإعلامية السودانية المنوط بها تبصير الرأي عن فوائد وأضرار ملء سد النهضة، خاصّةً الوزارات المعنية، ينتظر الشعب السوداني رؤية دولة المنبع إثيوبيا، والتي تقول بأن الملء الثاني سوف يتم في موسم الأمطار، وأن السودان لن يتضرر منه، والملء فرضته إثيوبيا بسياسة الأمر الواقع، والسيسي يُحذِّر ويقول إن السد يؤثر على الأمن ويُهدِّد مستقبل شعبه.. الشعب السوداني يُريد معرفة المزيد من أضرار وفوائد سد النهضة وحتى لو كان يُلطِّف الجو ويُغيِّر المناخ.

ومع المُبادرات العديدة المطروحة والساعية لإنهاء أزمة سد النهضة، يُمكن القول إنّ أزمة السد في طريقها إلى التدويل، خاصّةً إذا لم تنجح هذه المساعي، والشيء الإيجابي تمسُّك كل الأطراف بمبدأ الحوار وعلاقة حُسن الجوار، وفي خاتمة المطاف ستصل الأطراف إلى حلٍّ مُرضٍ للجميع وتستفيد شعوب المنطقة من مواردها البشرية والطبيعية، كما ستتغيّر الكثير من المفاهيم والنظرات لشعوب المنطقة لبعضها البعض كما حدث في العالم الأول.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى