الناطق الرسمي لحركة جيش تحرير السودان محمد الناير لـ(الصيحة): النظام البائد وأجهزة استخباراته وجهات إقليمية ودولية لعبت أدوراً في أزمتنا..

حركتنا تنادي بسودان علماني ديمقراطي ليبرالي فيدرالي موحد

النازحون واللاجئون لم يكونوا طرفاً في المفاوضات والاتفاق السابق

يجب ألا يكون السودان أداة في أيدي الآخرين

أكد الناطق الرسمي لحركة تحرير السودان محمد عبد الرحمن الناير، أنهم ليسوا  طرفاً في اتفاق جوبا للسلام في السودان السابق،  وقال إن موقفهم لا ينبني على التفاوض وإنما قائم على مؤتمر حوار سوداني سوداني داخل الوطن تشارك فيه القوى السياسية والحركات الثورية والمجتمع المدني والشباب والنساء، والنازحون واللاجئون، والرعاة والمزارعون، والإدارات الأهلية والزعماء الدينيون، والمؤسسات العسكرية، ومكونات الحكومة الحالية، والأكاديميون والمفكروون والمبدعون وكافة مكونات السودان ما عدا النظام البائد وواجهاته، وذلك بهدف مخاطبة جذور الأزمة التأريخية والتوافق على حكومة مدنية من شخصيات مستقلة وليس محاصصات حزبية، تقود الفترة الإنتقالية لتحقيق أهداف وأجندة الثورة وتنفذ البرامج والمقررات التي يخرج بها مؤتمرالحوار.

حوار: أمنية مكاوي

ـ ما هى رؤيتكم للسلام الشامل؟

رؤيتنا لتحقيق سلام شامل وعادل ومستدام بالسودان تتمثل في مخاطبة جذور الأزمة التأريخية ومعالجة أسباب الحروب والنزاعات وبناء دولة مواطنة متساوية ودولة مؤسسات وسيادة القانون، وهذا لا يتم إلا بجلوس كل مكونات السودان السياسية والمدنية والعسكرية والشعبية عدا النظام البائد وواجهاته، في مؤتمر حوار سوداني سوداني داخل الوطن لمخاطبة هذه القضايا والتوافق على حكومة انتقالية مدنية من شخصيات مستقلة وليس محاصصات حزبية، لتقود عملية الانتقال الديمقراطي عبر البرامج والمقررات التي يخرج بها المؤتمر.

ـ ما هي أبرز القضايا التي تطالب بها حركة تحرير السودان للانخراط في التفاوض مع الحكومة الانتقالية؟

الحركة أوضحت موقفها حول التفاوض عبر المنهجية السابقة التي أوجدت 47 اتفاقاً جزئياً وثنائياً وانتهت جميعها بمحاصصات وتقاسم للسلطة والثروة وظلت الأزمة قائمة والسودان يعاني عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، ومثل هذه المفاوضات قد أثبتت فشلها وعجزها في حل الأزمة الوطنية بل خلقت أزمات جديدة، لذا يجب التفكير في منهج جديد يحقق السلام والاستقرار المنشود، وهذا المنهج الجديد هو الحوار بين كافة مكونات السودان على النحو الذي ذكرته آنفاً بدلاً عن مفاوضات ثنائية بين أقلية صفوية في الحكومة والمعارضة هدفها تقاسم السلطة والثروة وتغييب السواد الأعظم من الشعوب السودانية.

ـ هنالك العديد من الحركات التي تحمل اسم حركة تحرير السودان، ما هي أسباب التشظي والانشطار؟

الانشقاقات سمة لأزمة الممارسة السياسية في السودان منذ مؤتمر الخريجين العام حتى اليوم، ولا يخلو تنظيم سياسي أو حركة مسلحة لم تتعرض للانشقاقات، فالنظام البائد قد انشطر إلى شعبي ووطني والإصلاح الآن وغيرها من المسميات، وكذلك توجد عشرات الأجنحة المتناسلة من حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والمنشقين عن الشيوعي والبعث وغيره. فالأمر ليس ماركة مسجلة باسم حركة تحرير السودان، وأسباب الانشقاقات متعددة منها الذاتي والموضوعي، ولكن النظام البائد وأجهزة استخباراته وبعض الجهات الإقليمية والدولية قد لعبوا أدواراً رئيسة في أغلب هذه الانشقاقات التي حدثت ظناً منهم بأنهم يضعفون الحركة ويجبرونها على الاستسلام والتوقيع على اتفاقيات ثنائية وجزئية كالتي وقعت في أبوجا وسرت والدوحة وأروشا وغيرها.

ـ اتفاقية سلام جوبا تطرقت بصورة كبيرة لقضية النازحين واللاجئين التي أفردت لها بروتكولاً، وهي من ضمن القضايا الأساسية والمطالب الثابتة لحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، هل لديكم إضافات أو رأي حول هذه الحلول التي تمت؟

النازحون واللاجئون لم يكونوا طرفاً في مفاوضات واتفاق وقد أوضحوا ذلك في بياناتهم التي تصدر عن مؤسساتهم الشرعية التي تعبر عنهم وعن قضاياهم، وقد ذكروا أنهم لم يكلفوا أي جهة للتفاوض نيابةً عنهم في جوبا. وما تم في جوبا تفاوض بالوكالة واستغلال قضاياهم كرافعة سياسية لتحقيق مكاسب سلطوية وحزبية ضيقة لا علاقة لها بالقضية الجوهرية.

ـ هل يستطيع الذين فاوضوا ووقعوا باسم النازحين واللاجئين في سلام جوبا زيارة معسكر كلمة مثلاً أو غيره من المعسكرات للتبشير بما وقعوه نيابةً عن النازحين واللاجئين؟

النازحين واللاجئين هم أدرى بقضاياهم ومطالبهم، ومهمتنا في الحركة هي الدفاع عن قضاياهم وكل المحرومين والمسحوقين بالسودان. لن يكون هنالك سلام أو استقرار ما لم يتم الوفاء بكل مطالب النازحين واللاجئين، منها تسليم المطلوبين للجنائية الدولية ومحاكمة كافة المجرمين ونزع سلاح المليشيات الحكومية وطرد المستوطنين من أراضيهم وحواكيرهم وتعويضهم فردياً وجماعياً.

ـ من المعلوم أن حركة تحرير السودان هي حركة علمانية ومجتمع دارفور متدين، هل مطالبتكم بالعلمانية خاضع لرأي أصحاب المصلحة؟

أولاً: نحن نتحدث عن السودان وليس دارفور، ثانياً: من قال إن العلمانية ضد الدين أو أن مجتمع دارفور أو الشعب السوداني يرفضون العلمانية؟  إن الأديان هي قيم ومعتقدات الشعوب يجب احترامها وتقديرها، ويجب أن تكون الدولة على مسافة واحدة بين جميع الأديان، ويجب أن يكون هنالك فصل وأضح بين المؤسسات الدينية ومؤسسات الدولة، فالاعتقاد والتدين شأن يخص الفرد وهو علاقة فيما بينه وربه،  أما الدولة فتخص الجميع المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي والكجوري ومن لا دين له. إن الدولة الوطنية هي دولة علمانية بامتياز، ولن تكون هنالك مواطنة متساوية في دولة تنحاز أو تتبنى أي دين في وطن متعدد ومتنوع. ليس من مهام الدولة أو الحركات أو الأحزاب السياسية إدخال الناس إلى الجنة أو النار إنما طرح رؤى وأفكار ومشاريع سياسية لحل الأزمات والعمل على رخاء ورفاه الشعب وازدهاره وتطوره ونمائه في هذه الحياة الدنيا.

ـ السودان الآن في الاتجاه إلى حكم الأقاليم، ما هو رأيكم؟

الحركة تنادي بسودان علماني ديمقراطي ليبرالي فيدرالي موحد، فالفيدرالية (الحقيقية) هي النظام الأمثل لحكم السودان المترامي الأطراف، والنظام الأساسي للحركة لسنة 2011 تعديل 2014 قد أوضح الرؤية حول التقسيم الفيدرالي للإقاليم بالسودان، وهو منشور في المواقع الإلكترونية يمكن الرجوع إليه.

ـ ما هي رؤيتكم لحكم السودان ولأزمة الحكم ومهددات الوحدة؟

في الواقع لا توجد دولة سودانية بالمعنى المتعارف عليه عالمياً، ودولة ما بعد الاستعمار الحالية لم تقم على عقد اجتماعي بين جميع السودانيين وقد تم فرضها لخدمة أجندة استعمارية معلومة، وللأسف إن ما يسمى بالحكومات الوطنية سارت على نفس النهج الاستعماري ولم تسع لتأسيس وطن وفق عقد اجتماعي سليم والتوافق على مشروع وطني بل حاولوا فرض أجندتهم الصفوية للسيطرة والتحكم وفرض وحدة قسرية مما خلق نزاعات دامية منذ عام 1955م. لذا يجب علينا كسودانيين أن نعمل من أجل التأسيس لبناء وطن والتوافق على مشروع وطني والإجابة على أسئلة الهوية وعلاقة الدين بالدولة وكيف يحكم السودان؟

ـ كيف ترى علاقات السودان الخارجية والتقارب مع إسرائيل؟

يجب أن تكون علاقات السودان الخارجية مبنية على المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأن يخلق علاقات مع كافة دول العالم بما فيها إسرائيل، فلا توجد أي مشكلة بين الشعب السوداني والشعب الإسرائيلي ولا يوجد أي سبب موضوعي يجعل من إسرائيل عدواً للسودان، وهي لم تحتل أرضه ولم تتدخل في شئونه، ولكن للأسف أن أجندات الصفوة السياسية والقوى الإسلامية والعربية المغتربة عن السودان هي من خلقت هذه العداوة المتوهمة، فالصراع الإسرائيلي الفلسطيني شأن خاص بطرفيه ويجب ألا يكون السودان أداة في أيدي الآخرين يخوض حروباً وعداوات بالوكالة لا ناقة له فيها ولا جمل.

نحن أول تنظيم سياسي سوداني قام علناً بزيارة إسرائيل وفتح مكتباً في تل أبيب 2007م، وكسرنا الحظر الذي كانت تفرضه الحكومات السودانية عبثاً.

ـ ما هي رؤيتكم في إنشاء مجلس شركاء الفترة الانتقالية، وهل البلاد في حاجة لهذا الجسم؟

رأي الحركة كان واضحاً وصريحاً منذ اليوم الأول الذي اختطفت فيه الثورة ومع ذلك ومن أجل وطننا وشعبنا العظيم نعمل من أجل مساعدة هؤلاء المختطفين للخروج من هذا النفق المظلم وحالة انسداد الأفق السياسي وغياب الرؤية الوطنية الجامعة، والعودة إلى منصة تأسيس الثورة وتحقيق أهدافها بدلاً من الإصرار بالسير في هذا الطريق الذي لا محالة سيقود السودان إلى الهاوية.

ـ موقفكم من اتفاق جوبا، هل ستبنون عليه أم سيكون هناك إتفاق جديد مع الحكومة، وأين سيكون موقع اتفاق جوبا حينها؟

نحن لا نتحدث عن مفاوضات على أساس جوبا أو غيره ، إنما نتحدث عن مؤتمر حوار سوداني سوداني داخل الوطن تشارك فيه القوى السياسية والحركات الثورية والمجتمع المدني والشباب والنساء، والنازحون واللاجئين، والرعاة والمزارعون ، والإدارات الأهلية والزعماء الدينيون، والمؤسسات العسكرية، ومكونات الحكومة الحالية، والأكاديميون والمفكرون والمبدعون وكافة مكونات السودان ما عدا النظام البائد وواجهاته، وذلك بهدف مخاطبة جذور الأزمة التأريخية والتوافق على حكومة مدنية من شخصيات مستقلة وليس محاصصات حزبية، تقود الفترة الانتقالية لتحقيق أهداف وأجندة الثورة وتنفذ البرامج والمقررات التي يخرج بها مؤتمر الحوار.

في حالة الاتجاه للتفاوض مع الحكومة، هل سيكون مشتركاً مع الحركة الشعبية أم كلٍ على حدة؟

لا تفاوض مع الحكومة، إذا كنا منفردين أو مع مجموعة أخرى، لجهة أن التفاوض عبر المنهج القديم نتائجه معروفة ومحسومة ورأينا حوله واضح جداً، ليس هنالك من سبب يجعلنا نجرب المجرب مرة أخرى.

ـ هل هناك تقارب بينكم والحركة الشعبية، وهل من تنسيق حول أمر التفاوض مع الحكومة؟

الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال بقيادة الرفيق عبد العزيز آدم الحلو، هي حليف إستراتيجي وبيننا الكثير من العمل والتنسيق المشترك في الماضي والحاضر والمستقبل، ولكن مسألة التفاوض لدينا تحفظات حولها وهم يعلمون ذلك ويتفهمونه جيداً.

ـ الحركة كانت أكثر إصراراً على الحوار الداخلي، لماذا تخلت عنه؟

من قال إن الحركة تخلت عن طرح مبادرة الحوار الداخلي؟. نثق تماماً بأن الحوار بين جميع مكونات السودان السياسية والجغرافية والعسكرية والمدنية والشعبية هو الخيار الأمثل لتحقيق السلام العادل والشامل والمستدام بالسودان، ونعمل ليل نهار من أجل استكمال مشاوراتنا الداخلية ومع حلفائنا وإعلان مبادرتنا للرأي العام والجهات المعنية بالداخل والخارج.

ـ هل لا زالت الحركة مصرة على تحرير السودان وفقاً لاسمها؟

عندما نقول تحرير السودان فإننا نقصد تحريره من سيطرة الأقلية الصفوية ومشاريعها الأحادية الإقصائية العنصرية التي قسّمت السودانيين على أسس دينية، وأسس عرقية (عرب/ زرقة) وأسس جغرافية (شماليين/ غرابة)، وبناء دولة مواطنة متساوية بين جميع السودانيين بغض النظر عن إثنياتهم وثقافاتهم وأعراقهم وأديانهم وأقاليمهم، ونتوافق على كيف يحكم السودان وليس من يحكم السودان.

ـ خلال وجود رئيس الحركة في جوبا، هل جلس مع أي من أطراف الحكومة، البرهان أو حمدوك؟

أبداً، لم يجلس رئيس الحركة أو أي من قياداتها مع أي جهة حكومية في جوبا أو غيرها، بخلاف اللقاء السابق الذي تم في باريس بين رئيس الحركة والدكتور عبد الله حمدوك بصفته الشخصية.

ـ رأيك فيما يحدث من أحداث في دارفور؟

ما يجري في دارفور وكثير من مناطق السودان مثل جنوب وغرب كردفان من سيولة أمنية وقتل وسلب أمر مؤسف جداً  أن يحدث في ظل حكومة تدعي أنها تمثل الثورة! للأسف لم تتوقف حمامات الدماء والقتل في دارفور بل ازدادت وتيرتها بصورة مقلقة للغاية، والحكومة تقف مكتوفة الأيدي، وبعض ولاة الولايات أمثال موسى مهدي والي جنوب دارفور يسيرون على نهج النظام البائد .

و أخشى خروج الوضع عن السيطرة طالما الحكومة ليست لديها خطة لحفظ الأمن والاستقرار بالإقليم، بل قامت بطرد بعثة اليوناميد على سوئها وليس لها بديل حقيقي يوفر الحماية للمدنيين سوء القوات الحكومية من جيش وأمن وشرطة ودعم سريع، وهل الإحساس بالأمن والطمأنينة توفره مظاهر التسلح فقط دون النظر إلى معيار الثقة بين الحامي والشخص الذي توفر له الحماية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى