خالد شقوري يكتب.. بين (الإبداع) و(الممارسة)

كثير من الناس بيطلقوا كلمة مبدع  أو مبدعة على أي إنسان مارس عمل فني.. وقدمو بشكل جميل وهنا لابد من توضح حاجتين…

الحاجة الأولى.. الإبداع لا يقتصر على الفن بالمفهوم المتعارف عليه.. الإبداع يشمل كل أنواع  العطاء الإنساني في أي مجال.

والحاجة التانية.. الإبداع هو التجديد أو الابتكار.. وأن تبدع يعني أن تأتي بجديد مختلف.

ودايماً المبدع هو الإنسان البيقدر يحدث تحول في ميزان العطاء.. وممكن العطاء ده يكون سالب في نظر بعض الناس وموجب في نظر البعض والتقييم ده بيجي حسب  الميزان المستخدم (ديني.. فكري.. أيدلوجي.. عاطفي..) المهم يكون في تحول حدث يعني أنك داعية أو فنان أو كاتب أو رسام ده ما معناه أنك مبدع..

وعشان أقرب الفهم للناس حأقدم أمثلة لناس أحدثوا تحولات حقيقية في مجالاتهم.. بعض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معاهم.. في مجال المديح:

(الشيخ عبد الرحيم البرعي):

بالتجديد الواضح والرسالية واستخدام قوالب لحنية متعارف عليها.. بتقريب المديح الى اسلوب الغناء ليجتذب قطاعات الشباب المختلف.. بالإضافة الى نقل خطاب الدعوة والإرشاد إلى داخل النص.

في مجال الغناء: (الفنان مصطفى سيد أحمد)

 

هذا المبدع الذي استطاع أن يحول بوصلة الغناء ..من ناحية الكلمة واللحن والأداء  إلى ميادين جديدة لم يألفها الناس وكثير من أنماط الشعر  كانت  محرمة على الغناء .. ولكن ود سيد أحمد استطاع بما يملك من أدوات أن يجعل من الأغنية  عرضحال ومقال .. وبستاناً يحتوي على كل ألوان الفاكهة والأزهار.. ورسالة وفكرة.. دون أن تفقد الأغنية خاصية الطرب والمتعة.. وأذاب الحاجز والتصنيف الذي كان قائماً بين الشعراء وشعراء الأغنية.. بل وبمقدرته العاليه قدم الى الساحة الشعرية أسماء جديدة  فهذا هو الإبداع وهذا هو المبدع حقاً..

في مجال الإذاعة (ليلى المغربي):

التي لونت صباحات أهل السودان بعذوبة صوتها.. وأصبحت ايقونة المنوعات.. وهي الشاعرة والاديبة والإنسانة.. وما أن يذكر الإعلام إلا وتذكر ليلى المغربي

وفي مجال الدعوة (الداعية محمد سيد حاج):

هذا الفتى الذي  جعل من مقام الخطاب الدعوي ساحة للدعوة والترويح في آن واحد.. وابتكر أسلوباً  يقرب الفهم إلى الجاهل قبل العالم.. ولم يقلد أحدًا كما يفعل البعض..  وبات أسلوبه حاضرًا بين الدعاة.. وأصبح نمطاً لشباب الدعوة..

في مجال الشعر(محمد الحسن سالم حميد):

بملاحمه الباذخة.. وقصصه.. وعاميته التي لم يبارح فيها أصله.. وعفويته وصدقه  استطاع حميد أن يفتح أبواب القصيدة على براحات لم تكن مألوفة.. وأسكن القضية في تفاصيل شعره.. وجمع كل ضروب الشعر من مدح وذم ونسيب وغزل ورثاء في القصيدة الواحدة..

واستطاع أن يوحد لغة الشعر العامي في السودان  حتى لم نعد نستطيع أن ننسب الشاعر إلى جهة ما أو قبيلة ما.. وهذه مجرد أمثلة فقط يمكن أن نستند عليها لنتعرف على حقيقة الابتكار والفهم والتجديد.. وأهم خواص المبدع هو التأثير في من حوله.. وهنالك أمثلة حاضرة بيننا الآن ربما لم ننتبه اليها.. وكمثال الكوميدي والفنان  طارق الأمين وتحويله لمسار المنلوج.

شيخ الزين.. وتلاوته العذبة التي أصبحت نمطاً لحفظة القرآن.
الشفيع عبد العزيز.. وأسلوبه في الإعداد والتقديم  البرامجي الذي أصبح هوية قناة النيل الأزرق وإذاعة البيت السوداني المذيعين الطيب عبد الماجد وسعد الدين حسن وأسلوبهما الذي أصبح  حاضراً بين المذيعين الشباب والفنان الجزار.. الذي أحدث تحولًا في مجال الأغنيات الإعلانية..

والموسيقار عثمان النو.. الذي أضاف إلى مسيرة الغناء الجماعي أسلوباً ونكهة ..عبر تجربة عقد الجلاد الباذخة الشاعرة.. روضة الحاج والنقلة التي أحدثتها في القصيدة الفصحى.. واقتحامها للفضاء الخارجي.

الشاعرة نضال حسن الحاج.. وتأثيرها على مجموعة كبيرة من الشاعرات في نمط الكتابة والأداء ولا ننسى الفنان الشامل عبد العزيز العميري الذي أحدث نقلة في مجالات المسرح والدراما والغناء وكتابة الشعر.. ولا زال أثره باقياً بيننا.

الفخيم محمد طه القدال.. الذي نثر مربعات الدوبيت داخل النص الشعري دون الالتزام بالتقطيع التقليدي للمربعات ودون المساس بروح الدوبيت ليخرج لنا نصاً جديداً متفاعلاً..

قصدت من هذه الإشارات أن أوضح الفرق بين الإبداع والممارسة (والجلبيق الساكت) والأمثلة التي سقتها  استطاعت أن تحدث تحولاً ملموسًا في مسارات العمل .. وربما يكون هذا التحول إيجابياً في نظر البعض وسلبياً في نظر البعض.. ولكنه في النهاية تحول من نقطة إلى نقطة ..وهذا هو التجديد الذي أعنيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى