الخرطوم وواشنطون.. انفتاح في العلاقات ودعم للانتقالية.!

تقرير- عبد الله عبد الرحيم

من  المؤكد أن الولايات المتحدة في كل مراحل حكوماتها حتى في أيام ترامب تميل وتفكر بشدة في دعم الأنظمة الديمقراطية وفي السودان هذا هو دأبها، يستوي في ذلك الجمهوريون والديمقراطيون. بل على العكس تماماً أكدت واشنطون أكثر من مرة أنها ستدعم التحول الديمقراطي في السودان وتساند حكومة الثورة، وخطت خطوات ملموسة في هذه الوعود.. إن أمريكا تسعى لخلق علاقات إستراتيجية مع السودان لتوسّع رقعة تحالفاتها في منطقة القرن الافريقي أو تلك التي يلعب فيها السودان موقعاً مميزاً لينضم لعقد تحالفاتها مع دول (السعودية ودول الخليج وإسرائيل ومصر وإثيوبيا وجيبوتي وكينيا ويوغندا). ولم يكن هذا الأمر سراً بل هو خارطة عمل لكافة الإدارات الأمريكية وقد سبق لها خلال فترة الإنقاذ أن أكدت على أهمية الموقع الجغرافي للسودان وضرورة الاستفادة من هذه المساحة لخدمة المصالح الثنائية والمصالح الأمريكية على وجه الخصوص بعد الإطاحة بالإنقاذ.

بيد أن السودان ظل يأمل في التقارب مع واشنطن التي فرضت عليه قيوداً في السابق أقعدته لفترات طويلة عن ركب دول المجتمع الدولي وقامت بوضعه في قائمة الدول الراعية للإرهاب وفق حيثيات محددة. وتواصلت مسيرة التواصل في تطبيع العلاقات بين البلدين لجهة أن الكثير من التعقيدات التي وضعتها الإدارات الأمريكية المختلفة أمام السودان.

700 مليون دولار:  

وبالأمس أكد السيناتور الأمريكي كريستوفر كونز عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أن زيارتهم للخرطوم تأتي للتعبير عن دعمهم للمرحلة الانتقالية في السودان. وقال كريستوفر عقب محادثات وفد الكونجرس الأمريكي الزائر للخرطوم مع وزير المالية والتخطيط الاقتصادي “نتابع التزام الولايات المتحدة بمبلغ 700 مليون دولار كمساعدات تنموية، وسنقوم بمزيد من الدعم لتعزيز الاستقرار والأمن والسلام للشعب السوداني. وتابع “اللقاء بحث قنوات يمكن اتباعها لإحراز تقدم من خلال إعادة السودان إلى فلك المال العالمي واتخاذ قرارات لتذليل العقبات لا سيما فيما يخص الاستقطاب المالي، مضيفاً أنهم متفائلون بقرارات وزير المالية التي اتخذها بشأن السياسات المالية مبدياً تطلعه للقاء رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء للحديث حول دعم الولايات المتحدة الأمريكية للشعب السوداني للوصول إلى السلام. تجدر الإشارة إلى أن الوفد يقوده السيناتور كريستوفر كونز والسيناتور كريس فان هولن، سيجري مباحثات مع كبار المسؤولين على مدى ثلاثة أيام.

أما في ما يخص علاقات السودان مع أمريكا فيرى د. أبوبكر آدم المحلل السياسي لـ(الصيحة) أنها في عهد الإدارة الديمقراطية الجديدة تمر بأفضل مما كانت عليه في عهد ترامب والعهود السابقة بعد التغيير الذي حدث في السودان وأمريكا، فضم السودان إلى الدول المنضوية تحت المظلة الأمريكية كان وما يزال هدفاً حياً مرصوداً، وأن المصالح الأمريكية في المنطقة ستظل هي بلا تبديل لأنه معروف بداهة أن الاختلاف في سياسات الحزبين يتركز بصورة أساسية على القضايا الداخلية المتعلقة بحياة المواطن الأمريكي مثل التأمين الصحي والتعليم والحريات العامة وغيرها.

سند دولي:

ومن قبل تحدث نائب قائد قوات أفريكوم بشأن خلق علاقات استراتيجية مع حكومة الثورة اعتبره معظم المراقبين موقفاً إيجابياً من قبل الولايات المتحدة في مستهل حكومة بايدن خاصة أن الحكومة الانتقالية كما يقول الخبير السياسي البروفيسور عبده مختار تمر بأضعف حالاتها بسبب ما يراه تغول وتمدد المكون العسكري في مجالات الحكومة التنفيذية ومضيفاً أن الشعب السوداني يحتاج لهذا الموقف والسند الأمريكي  الدولي والأممي وأن يكون هذا السند والدعم على أرض الواقع وليس تصريحات ووعوداً، وقال مختار لــ(الصيحة) إن الوضع الاقتصادي والضائقة المعيشية لا تحتمل التأخير نتيجة استضعاف المكون المدني وأن الوضع يستوجب تحركاً وسنداً دولياً سياسياً ودبلوماسياً ومالياً عاجلاً لإنقاذ الوضع المتأزم.

تعاون جديد:

ما قاله المسؤول الأمريكي ينسجم تماماً مع السياسة المعلنة من قبل الطرفين المعنيين هنا وهناك، وهما القيادة العسكرية الأمريكية والمكون العسكري في الحكومة الانتقالية في السودان. فكلا الطرفين ظلا يعلنان حرصهما على دعم عملية التحول الديمقراطي الذي يقوده المدنيون، وفي ذات الوقت تقوية وتأهيل القوات المسلحة السودانية لتنهض بدورها في التصدي لمخاطر الإرهاب وزعزعة الاستقرار الإقليمي. ويشير مختصون إلى أن علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع القوات المسلحة السودانية لم تنقطع بشكل كامل حتى حين كان السودان يخضع للحصار الأمريكي، وإن لم يكن التعاون حينها يتضمن إمداداً بالأسلحة أو تدريباً للكوادر غير أنه وبعد رفع الحصار ووفق ما قال المسؤول الأمريكي الرفيع، سيتم دعم خطط إعادة تأهيل القوات المسلحة السودانية لتنهض بدورها في التصدي لمخاطر الإرهاب وزعزعة الاستقرار الإقليمي، بما في ذلك الدعم المالي والتدريبي لخطط إعادة دمج منسوبي الحركات الموقعة على اتفاقيات السلام، عبر البعثة الأممية التي بدأت عملها في السودان “يونيتاميس وبالتالي دعم التحول الديمقراطي في البلاد.

علاقة متوازنة

ويرى الأمين الحسن الخبير الاستراتيجي، أن الخرطوم ممثلة في حكومتها الانتقالية لم تخف ارتياحها لتولي الديمقراطيين إدارة البيت الأبيض منذ مجيئهم للحكم، رغم أن فترة ترامب شهدت في خواتيمها تقدماً ملموساً في العلاقات مع الخرطوم ولكنه يرى أن تلك العلاقات والتقدم كان قائما على أو ارتبط بالابتزاز المالي والذي وضح جلياً في دفع التعويضات لضحايا التفجيرات الإرهابية المتهم فيها النظام البائد ولم تشفع ثورة الشعب السوداني له بخلو طرفه من تلك الاتهامات إذ دفع فاتورة تلك الأعمال العدائية الشعب السوداني في ظروف اقتصادية بالغة التعقيد. وأكد الحسن أن الخرطوم تتعشم في علاقة متوازنة بينها وواشنطن  مبنية على الاحترام وعلى المصالح المشتركة والمتبادلة، وليس على الوصاية والتخويف والابتزاز كما حدث من قبل الإدارة السابقة، ويرى مراقبون أن العلاقات بين الخرطوم وواشنطون تحتاج لقفزات حية من قبل الإدارة الجديدة للبيت الأبيض التي أبدت تعاوناً كبيراً مع السودان حيال قضاياه الاقتصادية والتي ساهم فيها بإقراض السودان مبالغ الديون المطلوبة منه ودفعتها إنابة عنه الخزانة الأمريكية بقروض طويلة وميسرة ومن ثم ساهمت في دمج الخرطوم في المجتمع الدولي من خلال الخطوات الكبيرة التي تلت تخليصه لديونه.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى