عبد الله مسار يكتب : د. حمدوك في الجيش

 

قام الدكتور عبد الله حمدوك رئيس وزراء حكومة الفترة الانتقالية في السودان ومعه لفيف من الوزراء، وكذلك بعض الحَاضنة السِّياسيَّة  بزيارة إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة وهي الزيارة الأولى له إلى الجيش منذ تولِّيه رئاسة الوزراء أي بعد عامين ونيف.

وهي زيارة تأخّرت كثيراً وكانت ستكون ذات قيمة ووزن لو تمت في الأيام الأولى لتوليه الوزارة، ولكن الرجل آثر الابتعاد عن الجيش والقوات النظامية لأنّ حاضنته السِّياسيَّة غبّشت عليه الأمر. ووضعت القوات المسلحة والدعم السريع وبقية القوات النظامية في خانة الخُصومة والعداء، بل قامت بشيطنة هذه القوات ووصفتها بالكيزان وأنهم قادة التغيير الناعم، بل اشتكت للعالم لمُحاصرة شركات الجيش ووضعها في أيدي المدنيين.

في هذا الاثناء، وجد السيد رئيس الوزراء ان الأمن ينفرط وأن الخناق قد التف على رقبته وصار كلما ما ابتعد عن الجيش والقوات النظامية الأخرى، كلما ضاق عليه الخناق واشتد، وخاصةً بعد فشل حكومته في توفير العيش الكريم للمواطن السوداني وضاع في ذلك قطاع الشباب الذي جاء بالثورة، بعضهم هام على وجه وبعضهم ركب البحر بحثاً عن عيش كريم  خارج حدود دولة الثورة حتى حلم بها.

وأدرك حمدوك أنه أضاع كثيراً من الوقت والفرص في إقامة دولة مستقرة وآمنة،  بل أدرك أنه يعمل مع ناشطين سياسيين وليسوا رجال دولة، واكتشف أنه يسير في طريق الخطأ، لأن الجيش مؤسسة وطنية راسخة وهي الحامية للبلاد بالمُهج والأرواح،  وهي قد انحازت إلى الثورة، وما كانت تنجح الثورة لولا انحيازها لصالحها، ولا كان حمدوك على كرسي رئاسة الوزارة.

أعتقد أن زيارة السيد رئيس الوزراء للجيش، جاءت متأخرة جداً وجاءت بعد أن بدأ الشارع يتململ وبدأت الدوائر الخارجية تتحدث عن ضعف حكومة د. حمدوك، وأنها تعتقد أن للجيش دوراً مهماً في المرحلة القادمة وخاصةً أن اتفاقيات السلام تترى.

أيضاً اكتشف السيد رئيس الوزراء أن المدنية لا تعني إبعاد الجيش عن دوره في حماية حدود البلاد والعباد، ولا تعني إبعاد الجيش عن الحياة العامة، وتعني أن تتكامل أجهزة الدولة في إدارتها.

د. حمدوك وحاضنته ساقا البلاد بسواقة الخلاء حتى كاد أن يقع الفأس على الرأس، والحرية والتغيير قد ذهبت في مهب الريح، خرج منها من خَرَجَ كالحزب الشيوعي وتجمُّع المهنيين.

وصارت لا الحكومة ولا الحرية والتغيير تستطيع أن تخاطب حشداً شعبياً، في حين ان الجيش والقوات الأخرى تجد الرضاء والتأييد من عامة الشعب، بل محل تقدير من الخارج.

عليه، أعتقد أن زيارة حمدوك للقيادة العامة مهمة ولكنها متأخرة، ولكن تعني أن جديداً في الطريق أم علاقات تعاون وتعاضد وعمل مشترك،  أم غير ذلك، وتزيد الحكومة فشلاً، وتظل القوات المسلحة  هي ملجأ الشعب وحصنه الحصين الذي يتكئ عليه في حال الملمات.

أعتقد أن الهجمة الشرسة التي قادها مدّعو المدنية والديمقراطية ضد الجيش والدعم السريع والشرطة والأمن الوطني قد فشلت، لأنها إما تخدم دوائر خارجية أو تود أن تبسط أيديولوجية جديدة داخل هذه القوات.

أعتقد أن زيارة حمدوك للقيادة فيه مؤشرات جديدة، وان واقعاً جديداً في السودان قد ينشأ ويتطلب ذلك تعاون المؤسسة العسكرية والجهاز التنفيذي، وذلك لمواجهة أزمات عسكرية كالحرب في حدودنا مع إثيوبيا وأزمة سد النهضة أو الأمن الداخلي في البلاد أو حتى أزمات المعاش والمخاطر الأخرى والتي أدرك خطورتها العالم.

عليه، زيارة حمدوك المُتأخِّرة إلى القيادة العامة هي بصيص أمل ورؤية بعين اليمامة إلى المستقبل، نرجو أن يتعاون الجميع ويتّحدوا لصالح دولة السودان.

تحياتي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى