عبد الله مسار يكتب.. ثورة في السودان أكلت بنيها

قامت ثورة أبريل 2019م نتيجة أزمة اقتصادية في السودان قادها ونظّمها ووضع جداولها ورتّبها تجمع المهنيين، ونفّذها الشباب السوداني من الجنسين، الذين لا انتماء حزبي لهم إلا اليسير.. قادوها إعلامياً وعملياً وعبر مَنصّات التواصل، وأعدوا اللايفات في الداخل والخارج وكان وقودها لجان المُقاومة يُحرِّكون المواكب والمسيرات، وكان للشابات الكنداكات دورٌ كبيرٌ في التحريض والتحميس وصد البمبان، بل كنّا الملاذ للثوار في الاعتصام.
وهذا الحِراك أنتج شهداء ضحُّوا بأرواحهم لصالح نجاح الثورة، وأسقطوا نظام الإنقاذ وهم ينشدون مستقبلاً مشرقاً وغداً أفضل.
سقطت الإنقاذ ولكن أين هذه الفئات بعد نجاح الثورة وعند المغنم.
أولاً لجان المقاومة، منظمو ومُحرِّكو المواكب أُبعدوا من الأحزاب التي شكّلت الحرية والتغيير ومازالوا ينتظرون، هل يسعهم المجلس التشريعي الذي جارٍ البحث عنه وهو في مظان المجهول يندبون حظهم ويقولون الأمر كان بأيدينا وذهب للآخرين، تحمّلنا الحار، وجنى الثمار الحزبيون.
أما تجمُّع المهنيين تآمرت عليه الأحزاب وشقّوه وأخرجوه من عمل ضخم قام به وجنى الشوك بعد نجاح الثورة.
أما الشابات اللاتي تصدّين للبمبان وكن الملاذ الآمن للشباب، اُستبدلن بشابات جيئة بهن من وراء البحار من المنظمات الإقليمية والدولية وزحلقن من التوظيف بنات داخل السودان.
أما شباب الحِراك غير الحزبيين صاروا ضحايا الأحزاب وخاصة شباب التروس، وأُبعدوا عن مفاصل الدولة، وسيطرت الأحزاب على الدولة وطلقوا الشباب غير الحزبين “عكس الهوا” وجاءوا بعضويتهم من وراء البحار وسكّنوهم في الوظائف التي صادروها من الكيزان، وشغّلوهم بقانون اليسار ُمغفلين نافعين، وأخرجوا الثوار الحقيقيين من المولد بدون حمص.
أما شباب اللايفات ومُحرِّكو الثورة إعلامياً وعبر المَنَصّات والوسائط، تركوهم بين هائمٍ على وجه أو فر مُهاجراً أو أدخل في غياهب الجب أو أضاعوا عقله، فهو إمّا تَائهٌ أو ضَائعٌ أو مُغيّبٌ عقله أو مُدمنٌ في شارع الضياع مُتحسِّرين على عمل قاموا به وطنياً وقبضوا الريح.
أما شهداء الثورة، فما زال دمهم مُفرّقاً بين لجنة أديب وتجارة الأحزاب وأهلهم في حِيرةٍ وحَسرةٍ، بل بين صفوف الرغيف والبنزين والمُستشفيات تحت وباء كورونا، بل يتظاهر أولياؤهم يومياً ويهتفون الدم قصاد الدم وتوزع دم أبنائهم بين أحزاب قحت.
هكذا ضاع الثوار الحقيقيون وحلّ محلّهم شباب وشيوخ الأحزاب، وصار حصادهم ثورة قُمنا بها ذهب ريعها لغيرنا وجميعهم قبض الريح، لا تغيير في الحال ولا في المال ولا في الحياة ولا وجود لحياة رغدة ولا حل للأزمة الاقتصادية ولا توظيف ولا تحسن في خدمات.. وغابت عن الوجود الصحة والتعليم والكهرباء.
إذن الثورة أكلت بنيها.
تحياتي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى