البرهان والحلو بجوبا .. السلام  قاب قوسين!

تقرير- صلاح مختار

من المتوقع أن يكون رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان التقى برئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو في جوبا للدفع بعجلة السلام نحو نهاياتها. ويعتبر اللقاء فوق العادة ويمثل اختراقاً في ملف السلام الذي ظل ناقصًا لعدم توقيع الحركة الشعبية جناح الحلو والحركة الشعبية جناح عبد الواحد نور ما عدّه المراقبون مهددًا لعملية السلام برمتها. وقال الناطق الرسمي باسم وفد التفاوض للحركة كوكو محمد جقدول إنّ اللقاء يأتي في إطار المساعي الرامية للدفع بالعملية السلمية للوصول إلى اتفاق سلام شامل وعادل يعالج جذور المشكلة السودانية. وأضاف: هذا اللقاء يأتي امتدادًا للقاء الذيّ تم بجوبا في 3 من مارس 2021.

منطق التفاوض

ظلت الحركة تصوب سهام النقد تجاه اتفاقية سلام جوبا التي وقعت مع حركات الكفاح المسلح، وقالت إنها لا تحقق السلام الشامل للسودان، ولم تخاطب جذور المشلكة وأنها قامت على المحاصصات وأنها ـ أي حركة الحلو ـ لا تعترف بها، فيما دفعت الحركة إبان زيارة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك بعدد من الشروط لتنفيذها للقبول بالتفاوض مع الحكومة.

ولأن منطق التفاوض السياسي لا يترك لأمزجة المتفاوضين، فإن الحركة قبلت بالجنوح إلى الحوار في المرة الأولى عندما التقى الحلو كما قالت الأنباء بنائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو في جوبا التي ذهب إليها الأخير في إطار تدعيم عملية السلام وهو الأمر الذي مهد إلى قيام اللقاء الثاني.

الجانب الآخر كما يراه المراقبون، الضغوط الدولية على الحلو وعبد الواحد نور، عجلت برضوخ الطرفين للتفاوض والتنازل عن الشروط المسبقة مع الحكومة ليصبح السلام قاب قوسين أو أدنى.

ممنوع الاقتراب

اللقاء الذي سيتم في جوبا بين البرهان والحلو حسب مصادر سيكون مغلقاً لإتاحة أكبر قدر من النقاش في محاولة ضم الحلو إلى اتفاق السلام. وقال المستشار الأمني لرئيس جنوب السودان توت قلواك، إن “البرهان سيتوجه إلى جوبا، لتنشيط الحوار مع الحركة الشعبية شمال، وعقد اجتماع مغلق مع عبد العزيز الحلو”. وسبق هذا اللقاء الزيارة التي قام بها حميدتي إلى جوبا التي استغرقت يومًا واحداً، ناقشت عدداً من الملفات المشتركة وعلى رأسها قضية السلام في البلدين. وكذلك بحث خلال زيارته عددًا من الملفات المشتركة في مقدمتها ملف سلام جنوب السودان، وتنوير القيادة بدولة الجنوب على سير تنفيذ اتفاق جوبا للسلام.

ويرى مراقبون أن لقاء البرهان والحلو يمثل اختراقًا مهمًا لملف السلام، وقالوا إن الحلو التقى بكل أطراف العملية السلمية في الدولة وباتت لديه قناعة بأن وجوده خارج اللعبة السياسية الداخلية غير مجدٍ بالتالي السلام أيا كانت مطالب الحلو بات قريبًا.

فك الجمود

وفي 3 مارس 2021 التقى رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان برئيس الحركة عبد العزيز آدم الحلو بمطار جوبا، وقال عمار آمون دلدوم السكرتير العام للحركة الشعبية في بيان، إن اللقاء يأتي ضمن “مساعي فك الجمود وتحريك العملية التفاوضية المتعثرة بين الطرفين منذ أغسطس 2020”. وأشار البيان إلى أن اللقاء تم بدعوة من البرهان، دون أن يكشف عن أي تفاصيل إضافية.

يذكر أن الحركة الشعبية جناح الحلو جمدت التفاوض مع الحكومة في جوبا وجاء الانسحاب رفضاً لتمثيل نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، للوفد الحكومي في التفاوض. كما شهدت المفاوضات مع الحركة توتراً استمر لمدة 10 أشهر، في ظل إصرار الحركة الشعبية على تحقيق مبدأ (فصل الدين عن الدولة). وفي 4 سبتمبر الماضي، وقّع حمدوك ورئيس الحركة الحلو، على إعلان مبادئ في أديس أبابا ينص على فصل الدين عن الدولة، وذلك إثر زيارة غير معلنة قام بها حمدوك إلى العاصمة الإثيوبية، لتقريب وجهات النظر بين الحكومة والشعبية” في النقاط الخلافية. ونص الاتفاق على بنود عدة، أبرزها احترام التعددية العرقية والإثنية والدينية والثقافية في السودان، والاعتراف الكامل بها واستيعابها، بالإضافة إلى المساواة السياسية والاجتماعية الكاملة بين جميع السودانيين، وفقاً للقانون.

قضايا انصرافية

ويرى المحلل السياسي إبراهيم محمد، أن زيارة البرهان إلى جوبا ولقاءه بالحلو يمثل امتداداً للحوارات التي تجريها الحكومة مع كافة أطراف السلام سواء مع الموقعين بالداخل أو الممانعين مثل حركة الحلو وحركة عبد الواحد نور لإنجاح السلام، وقال لـ(الصيحة) إن الدول الداعمة والراعية للسلام في السودان شكلت عنصر ضغط كبيراً على الأطراف الممانعة، وقال إن الحلو رغم أنه كان مشاركاً في مفاوضات جوبا السابقة، إلا أنه آثر الانسحاب منها وتمسك بشروطه التي يراها البعض أنها تفاوضية أكثر منها تعجيزية، باعتبار أن المطالبة بالعلمانية هي قضية محلها المؤتمر الدستوري وليس طاولة المفاوضات. وأضاف: الحلو شعر بأن البرهان يرى أن شروطه أصبحت غير منطقية وغير مجدية خاصة الحديث بأنه لا يعترف بالاتفاق وهو ما يدفعه أمام واجهة الضغط الدولي ومن الوسطاء, ولذلك جلوس الحلو والبرهان لتأكيد الثقة في الرعاية والاتفاق على مخاطبة جذور المشكلة للوصول إلى سلام بالبلاد، وأضاف إبراهيم أن الحلو التقى بحمدوك وهو يمثل الرئيس التنفيذي للحكومة ويحتاج إلى دفعة كبيرة للثقة في أن المكون العسكري سيقف ويمثل ضامناً للاتفاق حال إتمامه.

انعكاس الاتفاق

وقال محمد إن الوصول إلى اتفاق مع الحلو ممكن وبالإمكان الرجوع إلى الاتفاق وفتحه دون خوف، رغم أن  البعض يشعر بالقلق من تداعيات الاتفاق على بقية الحركات الموقعة على الاتفاق وشعور البعض بأنها ستأتي خصماً عليها، غير أن تلك الحركات تعلم بأنها دون حركة الحلو وعبد الواحد نور فإن السلام الذي وقع في جوبا سيكون منقوصًا ولا يلبي طموحات المجتمع الدولي الداعم لها ولا يلبي الرأي العام الداخلي الذي قام بالتغيير، وبالتالي حتى يكون السلام واقعًا فإن ضم حركتي الحلو وعبد الواحد يصبح من الضروري، ولذلك لقاء البرهان مهم لتجسير الهوة بين الطرفين ويمهد الطريق أمام التوقيع النهائي، وأكد أن حركة الحلو تحتاج إلى الثقة فيما تدعو إليه وأن عملية السلام تمضي لما خُطط له.

ركب السلام

آخر الحركات التي أعلنت انضمامها كانت حركة تحرير السودان بقيادة مصطفى طمبور التي انضمت أخيرًا إلى اتفاق السلام مع الحكومة، المعروف باتفاق (سلام جوبا). وجرت مراسم التوقيع في جوبا، بحضور نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو حميدتي. وحركة  طمبور، انشقت عن حركة “تحرير السودان” بقيادة عبد الواحد محمد نور، التي تقاتل في إقليم دارفور منذ 2003.  وعبر وزير الشباب والرياضة  يوسف الضي، أن “الحكومة الانتقالية حريصة على تحقيق السلام في كافة ربوع البلاد”.وأضاف الضي، أن “انضمام حركة تحرير السودان بقيادة مصطفى طنبور (لاتفاق جوبا) يشكل إضافة لعملية السلام”.

من جانبه، تعهد طمبور رئيس الحركة ، بـ”العمل مع أطراف السلام الأخرى لبناء السودان وعودة النازحين واللاجئين إلى قراهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى