ثم ماذا بعد إلغاء الطوارئ؟ احتدام الجدل

 

الخرطوم: نجدة بشارة       2 يونيو 2022م

أثار قرار رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين جدلاً كثيفاً على منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومبارك للخطوة، ووصفها بـ “الجدية” تجاه حل الأزمة السياسية وإنهاء حالة الانسداد، وبين  من قلَّلوا من  الخطوة ونعتوها  بالمناورة السياسية من قبل المكوِّن العسكري، وأنها مجرَّد محاولة لكسب الوقت والتأييد .

بالمقابل نظر مراقبون لقرارات رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، بأنها خطوات جادة تجاه تهيئة المناخ للحوار مع المكوِّنات السياسية “المدنية” لا سيما وأن إلغاء الطوارئ، وإطلاق سراح المعتقلين هي في الأساس شروط سبق ودفعت بها قوى المعارضة للآلية الثلاثية في مشاوراتها الأولية،  وربطت فرص الحوار مع المكوِّن العسكري  بتهيئة مناخ الحريات.

ووفقاً لمراقبين فإن الكرة -الآن- باتت في ملعب المعارضة بعد أن نفَّذ الأخير  الشروط كاملة، مع إبداء  حسن النوايا وأن إلغاء قانون الطوارئ يختبر جدية المعارضة، هل تستجيب للحوار  أم سوف تفتح أبواب جديدة للمناورة وتتمسَّك باللاءات الأربع، لا شرعية، لا تفاوض، لا مساومة ولا شراكة؟

ماذا تريد المعارضة؟

منذ فبراير  الماضي، ألغى  مجلس السيادة الانتقالي في السودان بمسؤولية حل الأزمة السياسية إلى  الآلية الثلاثية المكوَّنة من بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيقاد، للبحث والتشاور مع  القوى المعارضة، واستجاب المكوِّن العسكري لشروط المعارضة عبر  إلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين لبناء الثقة مع الأحزاب والتيارات الفاعلة في الشارع.

وأصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، الأحد، مرسوماً برفع حالة الطوارئ لتهيئة المناخ لحوار وطني لإنهاء الأزمة السياسية الراهنة، وأعلن محامون في الخرطوم إطلاق السلطات السودانية سراح العشرات من المعتقلين في سجون مختلفة بالبلاد، استجابة لتوصيات أصدرها مجلس الدفاع والأمن القومي الذي يتشكَّل من قيادات تابعة للمكوِّن العسكري، وجاءت الخطوة بعد تصاعد وتيرة الضغوط التي مارستها الآلية الثلاثية على مجلس السيادة بشأن اتخاذ خطوات جادة لتهيئة نجاح العملية السياسية.

 

إيجابية ولكن؟

وتوقع القيادي بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، التجاني مصطفى، في حديثه لـ(الصيحة) استمرار المعارضة في التمسُّك بلاءات الشارع الأربع ،وأوضح صحيح أن الخطوة التي اتخذها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، مهمة وإيجابية، ولكن محدودة، وأوضح: صحيح أنه تم إطلاق سراح المعتقلين، لكن مازالت الاعتقالات واستخدام العنف في التظاهرات مستمرة، وقال: إن المليونية القادمة سوف تكشف حجم جدية المكوِّن العسكري في قرارات، وأردف بأن هنالك تباين في  قرارات الحكومة وعدم جدية من قِبَل السلطات،  وزاد: لذلك أتوقع عدم الاستمرار في إنفاذ القرار، وأن يناهض من قِبَل تيارات داخل الحكومة استفادت من حالة الجمود السياسي واستمرار الانقلاب، وشرح بأن هذه الأصوات وجدت المساحة التي فقدتها في السابق بفعل الثورة .

وفي رده على سؤال ماذا تريد المعارضة؟ أجاب بأن المعارضة تسعى في إرجاع مسار الثورة وعودة أهدافها، وأردف بأن ذلك لا يتأتى إلا عبر المناهضة للانقلاب حسب قوله، وأضاف بأن هنالك الكثير من القوى المعارضة أصبحت مستفيدة من الردة، وترى أن الثورة ربما انتهت، لذلك أرى لابد أن يكون هنالك مزيد من الضغط من قبل الشارع بعدم التنازل والانحناء لمجرِّد إمضاء قرارات على الورق، ولم تظهر ردود فعلها على أرض الواقع.

تحية للعسكريين

بينما عبَّرت بعض القوى الفاعلة في  قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، الذي  يتبنى أطرافه مواقف متباينة من المشاركة في العملية السياسية، وبعد الاستجابة من قبل السلطة للشروط المطروحة عبر الآلية الثلاثية، عبَّرت عن الترحيب بالخطوة، حيث رأى الفريق صديق محمد إسماعيل، نائب رئيس حزب الأمة القومي، أن مرسوم رفع حالة الطوارئ “تحية من العسكريين، تستحق الرد السياسي بتحية مثلها أو أحسن منها”.

 

وقال إسماعيل -وفقاً للجزيرة – إن المرسوم يسوّي الطريق لإدارة حوار وطني جاد لإزالة أسباب التوتر السياسي كافة، وصولاً إلى حل من شأنه إنهاء الأزمة الحالية بالبلاد. ونادى بوقف التصعيد في الشارع، بعد تنفيذ أحد المطالب الرئيسة للمحتجين، والدفع باتجاه الحوار ليكون آلية لإنهاء التباينات.

هبوط ناعم

لكن في المقابل قلَّل الحزب الشيوعي من قراري إلغاء قانون الطوارئ وإطلاق سراح المحتجزين، وقال د. صدقي كبلو،         لـ(الصيحة): هدفنا واضح وماتريده المعارضة هو إسقاط الحكومة، وأضاف: بأن ماتحسبه الحكومة تنازلات، لتهيئة المناخ للحوار، لن يغيِّر من أهداف الشارع  أو يغيِّر اللاءات الأربع، التي سبق وأطلقها الشارع، وأردف: نحن في حالة ثورة حتى إسقاط النظام، ووصف القوى السياسية التي رحَّبت بخطوة البرهان، بقوى الهبوط الناعم، وقال: (بعض القوى متبنية للهبوط الناعم عبر تأييد عودة الشراكة بين القوى العسكرية والمدنية إلى حين قيام الانتخابات، وأضاف: هؤلاء موعودون بهزيمة الشعب مع هزيمة العسكريين،

وأوضح د. كبلو، أن إلغاء الطوارئ، وإطلاق سراح المعتقلين هي تصحيح لأدوات غير شرعية وغير قانونية استخدمتها السلطة في قمع الثورة، وأن القرارات  إجراءات  طبيعية.

مسألة  ثقة

وكان  رئيس الحزب الاتحادي ”الموّحد” محمد عصمت يحيى، قد وصف  قرار مجلس السيادة برفع حالة الطوارئ بأنّه ”خمج سياسي”، وقال: إنّ قرار رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين، شهادة أخرى ضدّ المجلس الانقلابي ومكوّناته الحزبية وحركاته المسلّحة الموالية له.

وحذّر عصمت، بحسب تصريحاته بصحيفة سياسية  من تكرار تجربة التفاوض الأولى عقب مجزرة القيادة العامة تحت ضغوط الاتحاد الإفريقي.

 

استخدام العنف

في ذات الاتجاه ذهب عضو تجمُّع المهنيين سابقاً  د. إبراهيم حسب الله، في حديثه لـ(الصيحة) حيث قلَّل  من خطوة إلغاء قانون الطوارئ، بينما مازالت السلطة تطلق يد الأمن في استخدام العنف مع المحتجين. وزاد: لا جديد في إلغاء الطوارئ، بينما يملك جهاز الأمن صلاحيات وأدوات للقمع، وقال: إن الثقة أصبحت مفقودة لدى الشارع، وأكد أن الثوار سوف يستمرون في المواكب والمناهضة، وأن قرار الإلغاء وإطلاق سراح المعتقلين لا معنى له .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى