د. عثمان البدري يكتب : الخرطوم عاصمة الفوضى..

من أهم ما يميز المدن أو المناطق الحضرية في العالم اليوم هو النظام والانتظام الذي هو بداهة ضد العشوائية و الفوضى وهو من أهم ما درسناه في التخطيط والإدارة الحضريUrban Planning and MANAGEMENT

وهو علم وممارسة قديمة في تاريخ الحضارات والتحضر. ومن أوضح مطلوبات ذلك التخطيط أن كل منطقة لها اختصاص بنشاط والترخيص بمباشرته وتحديد نوعية الاستخدام وشروطه ومداه وزمنه.

وتقسم الحواضر والبوادي و الأرياف بحسب كل ذلك ويتم تسجيل ذلك في خرائط وسجلات رسمية وتتم متابعة ذلك بواسطة السلطات المعنية في الحواضر والأرياف والبوادي. ولكل سجل ورقم. وكل مدينة مقسمة لأحياء جغرافية للسكن وداخلها أماكن مخصصة للاستخدام الحكومي لاحقاً للأغراض العامةGovernment Reserve  وأماكن مفتوحة التهويةOpen Space   وما إليها  ولا يجوز استخدامها تجارياً أو سكنياً عن طريق الاعتداء عليها بواسطة الأفراد أو حتى بواسطة السلطات. وإذا اختلط ذلك بنشاط تجاري للأفراد فغالبًا يتم الاعتداء عليها بواسطة أصحاب تلك الأنشطة التجارية التي تسبب إزعاجًا للسكان وقد تؤدي إلى الاحتكاك معهم وفي مثل حالة الفوضى التي نعيشها اليوم، فغالباً ينتصر صاحب الغرض على السكان ويستخدم في ذلك بعض ضعاف النفوس وفي ظل السيولة الإدارية والأمنية الراهنة الآن لا يكترث لتنبيهات أو شكاوى السكان المغلوب على أمرهم. من أوضح تلك التجاوزات وآخرها ما نراه ونشاهده في حركة الطرق وازدحامها بكل أنواع المركبات من بصات وحافلات.. والتي لم تعد لها محطات محددة كما كان سابقاً.. وبمختلف مسمياتها من شريحة وخلافها وعربات نقل صوالين بمسمياتها المختلفة مثل “الدوام لله” واختلاط كل ذلك بالشاحنات والركشات و المواتر والبسكليتات والراجلين.. كل ذلك في غير انتظام لا في السرعة ولا في المسارات المخصصة لكل نوع وفئة ولن ترى في كل مدن العالم دراجة نارية يمتطيها ثلاثة أفراد إلا في عاصمة الفوضى. ولو أخذ أيٌّ منا جولة في شوارع أي حي من أحياء العاصمة القومية ستصدمه تلك الفوضى الضاربة أطنابها والتي يراها الجميع وربما لا يراها المسؤول عن تنظيمها ولا نستثني من ذلك شارع القيادة ولا أحياء الرياض والطائف وشارع مدني ـ الخرطوم تمثيلاً لا حصىراً.. ولا ندري ما هي أسباب إحجامهم عن تطبيق القوانين المنظمة للأنشطة المختلفة، وكل من أنشأ نشاطًا تمدد على حساب العام والخاص، وهو آمن تمامًا ليس من العقوبة بل وحتى من المساءلة، ولفت النظر. فما رأي الوالي أو الحاكم فيمن استباح الشوارع الرئيسية والفرعية وأمام المنازل والمستشفيات والمدارس ومن تصدق له بفندق في منطقة سكنية اعتدى على ما جاورها وحوله ملهى ومرقص داخل الأحياء السكنية والأمثلة واضحة متاحة. المساحات المحدودة للاستخدام الحكومي و هي تعني أنها محجوزة  للخدمات العامة مستقبلًا أو المساحات المحفوظة خالية يتم الاعتداء عليها باستمرار وبجرأة عجيبة. ومع أن كل متر مخطط وله رقم سواء أكان سكنًا وتجارة أو طريقاً إلا أننا غاب عنا كل ذلك وإذا أردنا أن نصف مكاناً أو سكاناً أو مدرسة أو غيرها فلا نستخدم أسماء أو أرقام الشوارع والقطع مثل بقية العالم بل لا زلنا فى عاصمة الفوضى نستخدم ستجد بقالة أو بنشر أسأله سيوصف لك أو ينتظرك على رأس الشارع. أرجو أن تهتم الحكومة السنية بتلك الفوضى الضاربة اطنابها وأن يقوم المسؤولون بالمرور بأنفسهم صباحًا ومساء ليروا بعينهم وأقترح أن يخصصوا أرقاماً للاتصال والتبليغ وأن تقوم الصحافة والصحفيون بدورهم في هذا…

ولقد أسمعت لو….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى