رئيس حركة تحرير السودان وعضو مجلس شركاء الفترة الانتقالية مني أركو مناوي في حديث الصراحة مع الصيحة (2 -2)

وفد الحكومة في جوبا لم يطرح إنهاء فترة رئاسة البرهان

تراكمت الشوائب وعلى الشعب  أن يجلس للحوار..

القوى السياسية التي عمرها 60 سنة غير مؤهلة لتقدّم السودان

الشعب السوداني يمارس العلمانية و(ما في داعي للغتغتة)

تدخُّل الأصابع الخارجية في شأن السودان سيستمر و”ما خفي أعظم”

حوار- الطاهر ساتي

 

يتميّز رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي وعضو مجلس شركاء الفترة الانتقالية بالشفافية والوضوح في الرد على كثير من الاستفسارات المتعلقة باستكمال هياكل السلطة الانتقالية، والموقف من لجنة إزالة التمكين والانتقادات التي وُجّهت لدخول قواته للخرطوم، والطرح الذي تقدّم به لإجراء مصالحة وحوار بين أهل السودان بكل مكوناتهم السياسية والاجتماعية، ومستقبل رئيس مجلس السيادة خلال الفترة الانتقالية، جريء في الإجابات على الرغم من سخونة الموقف السياسي، جلست معه لأكثر من ساعة حول  قضايا الساحة السياسية ومستقبل البلاد، وجاءت هذه الإفادات:

 

**  تتحدث كثيراً عن المصالحة؛ فما رؤيتك لها؛ وهل تتعارض مع تحقيق العدالة؟

– العدالة الانتقالية تسري مع المصالحات، ولمن نقول المصالحة ليست مع النظام السابق بقدر ما هي المصالحة الوطنية، لأن الأنظمة دائما تُخلّف كثيراً جداً من المشاكل في الدولة.

والاستعمار أول ما جرّبه سواء كان الاستعمار التركي أو البريطاني المصري هو تفريق الناس وخلق المشاكل، ولو لا الثورة المهدية وحدّت الناس كان الشعب السوداني انقسم منذ عام 1820، وظهر ذلك خلال الاستعمار الإنجليزي المصري، اهتم بجزء بسيط من الشعب السوداني، ووفر لهم فرص التعليم، وخلق شقة وهوة كبيرة بين مكونات الشعب السوداني.

وكان من المفترض أن يكون الحوار والمصالحة التي أدعو إليها الآن منذ الأول من يناير 1956، لإزالة آثار الاستعمار والشوائب التي تُركت بواسطة الاستعمار، ولكن لم يتم ذلك.

وتراكمت الشوائب إلى أن تفككّت الدولة والهوية، وصار هنالك شك بين مكونات الشعب السوداني نفسه، امتد هذا الشك إلى اللغة والثقافة، ولذلك يجب على الشعب السوداني أن يجلس اليوم للحوار، وهذا الحوار يكون  وفق محاور متعددة، وهنالك 3 محاور أساسية: أولاً: تحديد ما هو السودان وحدوده والهوية؟ ثانياً: كيف يُحكَم السودان؟ وهذه ينبغي أن يكون فيها ميثاق واضح للشعب السوداني ومتفق حوله، ثالثاً: التسامح ما بين الشعب السوداني حول كل ما مضى وأن نبدأ صفحة جديدة، هذا الحوار الذي أريده.

* هل وجدت رؤيتك استجابة من القوى السياسية؟

– للأسف، هناك قوى سياسية كامنة، وهناك قوى سياسية لم تتكوّن أصلاً، لكن القوى السياسية التي عمرها 60 سنة فهي غير مؤهلة لتقدّم السودان أبداً، غير مؤهلة خالص.

* هناك مخاوف نظام الحكم الفيدرالي العودة للأقاليم والسلطات الكبيرة التي تُمنح للإقليم أن تكون مدخلاً للانفصال كما حدث مع جنوب السودان أو إثارة النزاعات القبلية مثلما يحدث في إثيوبيا؟

– هذا يختلف طبعاً، لأن جنوب السودان دولة خرجت لتوها من السودان، وكانت وليدة للحروب، وإثيوبيا نظامها تأسس بشكل قبلي، وهو يختلف عن الحكم الفيدرالي. فالحكم الفيدرالي الذي نتحدث عنه نقصد به الحكم الإقليمي، وعندما نقول الإقليم الشمالي أو إقليم دارفور، فهذا لا يعني أي قبيلة من القبائل، نحن نتحدث عن الحكم الفيدرالي الحقيقي الذي مارسته الدول ونجحت فيه، فيدرالية الإدارة وفيدرالية الموارد وتوظيفها.

والحكم الإقليمي يمنع ترهّل السلطات ويُنهي المركزية، ويُعزّز من الوحدة بين كل المكوّنات الاجتماعية إلى الأبد، لأن هناك تراضياً، لكن لمن تكون الوحدة قابضة ومركزية تذهب بنا لمبدأ تقرير المصير الذي يُنادي به بعض الناس الآن.

 

* المثالية التي تتحدث عنها حول الحكم الإقليمي قد تفشل بالتطبيق وفي الواقع، هل يمكن أن تتحقق في وقت مناسب؟

– يمكن نفشل ويمكن أن تتحقق، لكن يجب أن نخوض التجربة، نفشل إذا لم نستغل الموارد بشفافية، لأن الموارد الموجودة في السودان يجب أن تُستغل لأجل مصلحة الشعب السوداني كله، ويجب أن تُستغل الأرض والموارد لخلق شراكة حقيقية بين كل مكوّنات الشعب السوداني.

عندما يتحارب الناس، يعني أن هنالك مصلحة ما حولها صراع، لذلك ينبغي أن نشركهم في هذه المصلحة حتى لو حدث اضطراب في الفترة الأولى ستستقر بعد ذلك، وينبغي أن نخوض تجربة الحكم الفيدرالي.

* رغم عدالة قضية الحركات المسلحة لكن الصراع فيما بينها جعل الرأي العام يحكم أنه صراع حول السلطة أكثر من أنها حركات ذات قضايا عادلة، على سبيل المثال، الآن تحقّق للحركات كل شيء ولا يزال عبد الواحد متمرداً كذلك الحلو، البعض يرى أن مشاكل هؤلاء ليست مع الحكومة وإنما معكم أنتم في الحركات المسلحة؟

– أن تكون لعبد الواحد أو الحلو مشاكل معنا، لا أدري ذلك، وطالما هما لم يقولاها فأنا لن أقولها.

ثانياً: يجب أن ينظر الناس  لعدالة قضية الحركات المسلحة وطلبهم للسلطة بمنظور واحد، السلطة هي آلية لتطبيق العدالة وخلق دولة المدينة الفاضلة.

والكثير من الحركات المسلحة ما معزولة من القوى السياسية القديمة وليست بعيدة منها، ويمكن أن تلبس جلباب الحركات وتغني غناها، وفي دارفور هناك حركات أُنشئت من القوى السياسية القديمة.

مقاطعاً: يعني القرار عند القوى السياسية وليس الحركات؟

– حتى ولو لم يكن يمتلكون القرار بكامله، بعض الحركات لديها ارتباط أيدلوجي، هي لعبة السياسات  وحبال بعضها عنكبوتية، لذلك لمّن أسمع بعض الناس يقولون هذه الحركات تريد السلطة؟ أرد عليهم: طيب المشكلة وين؟ وليس كل الحركات تطلب السلطة فقط، ورغم كل هذا وذاك إذا كان البلد مؤسساً بشكل جيد ما كان هناك حركات.

** لم تجاوب على الشق الآخر الذي يتعلق بعدم توقيع الحلو وعبد الواحد؟

– الاثنان أعرفهما جيداً وصديقاي ولا اتهمهما بأن لهما مشاكل مع الناس لكن ربما لديهما أشياء في نظرهما يجب أن تتم.

** هل هناك مطالب للحلو وعبد الواحد لم تناقشوها في الاتفاقية؟

– ما يقولانه واضح، وربما أننا لم نتفق معهما، الحلو  يطرح تقرير المصير وفصل الدين عن الدولة، نحن عندنا بعض هذه المطالب والمبادئ في مواثيقنا.

** لكنكم لا تريدون أن تفرضوا العلمانية عبر الاتفاق؟

–  أرى أن الشعب يمارسها الآن و(مافي داعي للغتغتة)؛ قالها ضحك.. ثم واصل:” لكن هو – الحلو –  مختلف لأنه يريده أن يكتب ذلك، عبد الواحد لديه ما يقوله لكن بعد هذا يجب على الحكومة أن تسعى لتقريب وُجهات النظر.

* أنتم الآن حكومة؟

– نعم، ويجب أن نسعى بوضع الرؤية وأن نسمع منهم.

* هل أنت راضٍ عن الاتفاقية وما تحقّق منها؟

نحن كلنا في توازنِ ضَعف، في إنفاذ هذه الاتفاقية، وفي إصرار على عدم تنفيذ هذه الاتفاقية.

* مقاطعاً: ممن؟

–  حتى هذه اللحظة كلنا في توزان الضعف، لا أتهم جهة محددة، وكل الأطراف لها قصور وقصور في المعرفة، التجربة قليلة للكثير من المكونات الموجودة، لذلك هناك تأخير وبعض التلكؤ، وإذا كانت هناك جدية حقيقية ومعرفة يمكن أن يُزال هذا.

*الاعتماد على الخارج أكثر من الداخل في التنمية والقروض، فلماذا التعويل على الخارج أكثر؟؛ وما  رؤيتكم لأجل أن يعيش المواطن حياة كريمة ويعود النازحون إلى قراهم؟

– هناك جوانب تفرض علينا أن نضع في الاعتبار أن  الخارج مهم، لوجود العقوبات المفروضة سابقاً، إذا لم نسعَ مع الخارج كانت ستظل موجودة، وكذلك عودة السودان إلى الأسرة الدولية وهذه تعني أشياء كثيرة جدًا بما في ذلك التحويلات البنكية والتعامل مع المؤسسات المالية في العالم، بما في ذلك لبس جلباب جديد يليق بالمجتمع الدولي.

كل هذه باقة يجب أن نتعامل معها في العلاقات الدولية، إضافة لارتباطاتنا الاقتصادية مع العالم، فنحن لسنا جزيرة معزولة، هنالك جوانب أخرى يجب ألا يكون ارتباطنا بالخارج الأصل فيها، مثلًا ما يخص سياسات السودان الداخلية ورسم مصالح السودان، ولكني أرى الحديث عن الأصابع الخارجية نسجت أمام القيادة العامة في فترة الزخم التي نادى فيها الشباب بحرية سلام وعدالة. لكن في تلك الفترة كانت هناك أيادٍ سودانية تنسج مع الأصابع الخارجية إلى أن ولدت هذا الشغل الفطير العجيب ده.

* هل لا زالت هذه الأصابع الخارجية مُهيمنة؟

– حتى إذا لم تكن مُهيمنة فإنها ستستمر و(ما خفي أعظم) .

* لك تجارب مع النظام السابق في اتفاقية أبوجا يمكن تكون قد فشلت بفعل النظام السابق، هل يوجد إحساس لمناوي بأن اتفاقية جوبا فد تفشل؟

– هناك أشياء مهمة جداً، الباطل باطل؛ إذا كان عند الإنقاذ باطل وإن في حكومة الثورة باطل؛ وكان في زمن النميري باطل باطل، فالمجرم مجرم.

الجانب الآخر، يوجد ناس لو عندهم قدرة ممكن يمارسوا نفس سلوك الإنقاذ لكن البيئة هددتهم، فهناك نوافذ كثيرة للحرية والبيئة السياسية الدولية لديها رغبة في تحوّل السودان للديمقراطية بعد فكاك الإنقاذ.

لكن النوايا على استخدام الباطل موجودة لدى بعض التنظيمات السياسية بذات النوايا التي مارستها الإنقاذ، هذا يعني أن هذه التنظيمات إذا استولت على الدولة بكامل أجهزتها ستُمارس ما مارسته الإنقاذ وهذه خطورة كبيرة جداً.

** الفترتان في الوثيقة الدستورية قبل توقيع السلام بأن هنالك فترة عسكرية وأخرى مدنية، كيف ستُدار الدولة خلال الفترة القادمة؟

– خلال المفاوضات لم نتحدث عن فترتين مطلقاً عسكرية ومدنية، المكوّن المدني والمكوّن العسكري جاءا إلى جوبا كوفد حكومة واحدة، ونحن تفاوضنا وفق رؤيتنا للفترة الانتقالية، والامور مضت على هذا المنوال، والآن أسمع من بعض الناس أننا فوّتنا فرصة. فالمفروض كان يجب أن يضع الناس اتفاق على كيفية إنهاء العهد العسكري، وقلنا لهم كنتم موجودون ولم تتحدثوا عن هذا.

* وهل أنتم مع أم ضد إنهاء رئاسة المكون العسكري لرئاسة مجلس السيادة؟

– لا أعرف.. نحن لا يهمنا من الذي يحكم خلال الفترة الانتقالية، وإنما يهمنا هو أن الفترة الانتقالية (39) شهراً التي حددناها.

* من يرأس لا يهمّكم؟

= بالنسبة لنا غير مهم.

* لم تقُل رأيك؟

– إذا أتوا به يمكن أن نكون مختلفين مع مكونات الاتفاق في آرائنا .

* هل يمكن أن تطرحوا مرشحاً لرئاسة الفترة الانتقالية؟

سنعرف “طعم الأكل بعد أن يحضر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى