الانتقالية.. بين التمديد والقفز للانتخابات.!

تقرير-عبد الله عبدالرحيم

توقع رئيس الحكومة د. عبد الله حمدوك، تمديد الفترة الانتقالية مرة أخرى، عقب التوصل لاتفاق سلام مع حركتي الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وتحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور. لم تكن الدعوة لتمديد الانتقالية هي تلك التي جهر بها الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء، فقد نادى بها من قبل وقبل توقيع السلام قيادات الجبهة الثورية بحجة أن الاتفاقية لم توقع بعد، وأن الحركات تحتاج لفترة لكي تستعد لخوض الانتخابات العامة التي تأتي بعد نهاية الفترة الانتقالية, فيما يرى آخرون أن موقف الجبهة الثورية لم يكن موقفاً وليداً، إذ أن هناك قوى سياسية وأحزاباً لم يسندها موقفها الضعيف سياسياً وجماهيرياً لخوض الانتخابات، لذلك فهي أكثر الجهات استفادة من هذا الجو الذي يمدد الفترة الانتقالية.

الدعوة لتمديد الفترة الانتقالية لدخول الحلو ونور للاتفاق يفتح المجال للمزيد من المغالطات السياسية التي قد تتفق مع هذه الدعوة والآخر الذي لا يؤيدها، لجهة أنه خرق واضح للوثيقة الدستورية وهؤلاء يرون أساساً أن الوثيقة الدستورية ملئت ثقوباً ولا تحتاج لمن يرقعها لاتساع رقعة عيوبها.

لا يمكن تجاوزه

بينما يرى مراقبون للأوضاع السياسية، أن الأحزاب التي تنادي بتمديد الفترة الانتقالية يجب ألا تركن نفسها لهذا التمديد وإنما عليها أن تطرح نفسها من خلال التسويق لذلك عبر البرامج المختلفة.

الدكتور  يوسف السندي الخبير والمحلل السياسي، قال إنه بإمكان هذه القوى طرح رؤيتها للإصلاح الاقتصادي والسياسي والعسكري، وبإمكانها تقديم الرؤى والحلول مباشرة لجماهير الشعب السوداني عبر الندوات الجماهيرية في المدن والأرياف والجامعات والأسواق، إذا كانت الجبهة الثورية جادة فيمكنها تنفيذه، فهي في الأساس عضو قوى إعلان الحرية والتغيير  رغم ما جرى بينهم من خلافات، كما أن الشارع السوداني المتطلع للسلام وإيقاف الحرب سيكون سعيداً جداً بحراك الجبهة الثورية السلمي داخل السودان بدل الحراك خارج الوطن أو الحراك عبر السلاح والحروب.

ورغم أن اتفاق جوبا مدّد الفترة الانتقالية إلا أن السندي يرى أن الثورية لا تحتاج لزيادة مدة الفترة الانتقالية بحجة مخاطبة الشعب السوداني وتعريفه ببرنامجها، فهذا أمر لا يحتاج كثيراً من الوقت، ويقول إن أجل الفترة الانتقالية محدد بواسطة الوثيقة الدستورية ولا يجوز تجاوزه، مرة أخرى بعد أن تم تجاوزه في مرات سابقات. موضحاً أن مدة الفترة الانتقالية المقررة كافية جدا لتنفيذ كل أهداف الثورة، وكافية جداً لكل حزب سياسي وكل جماعة مسلحة لكي ترتب نفسها وتتواصل مع جماهيرها وتستعد للانتخابات التي تعقد بنهاية الفترة الانتقالية.

وضع حدٍّ

دعوة رئيس الوزراء بتمديد الفترة الانتقالية يراها الخبير الاستراتيجي د. مجتبى أحمد علي، بأنها دعوة سياسية أكثر منها واقعية لجهة أنه أراد بها أن يرسل رسائل مشبعة بالثقة للأطراف التي لم توقع على السلام في جوبا (الحلو – عبد الواحد)، وقال مجتبى لـ(الصيحة): حتى الآن فقط حزب الأمة القومي وحزب المؤتمر السوداني والاتحادي هي الأحزاب الأكثر جاهزية في الساحة السياسية بعد أن بدأوا الطواف في الولايات في أوقات سابقة، من أجل التواصل مع جماهيرهم، وهو فعل حزبي مطلوب جداً في هذه المرحلة من كل الأحزاب السياسية.  وأشار إلى أن تلك الخطوات كانت تهدف لوضع حد للدعوات التي تطالب بخرق الوثيقة الدستورية عبر تمديد الفترة الانتقالية والتي من شأنها أن تسهل للحركات المسلحة والقوى السياسية التي لا تجد السند الجماهيري الكبير وكل ذلك كما يرى مجتبى أنه خطوة للحيلولة دون أن  تتكرر الدعوات من أجل تمديد الفترة الانتقالية مع تقارب نهايتها مستقبلاً.

ويرى مجتبى أن السيد رئيس الوزراء أراد بهذا الحديث توصيل رسالة للأطراف التي لم توقع والتي تتشكك في نوايا الحكومة والحركات المسلحة في الجبهة الثورية بعد أن سبقتهم للتوقيع على السلام، أراد أن يقول إن الوثيقة الدستورية يمكن أن تتمدد لتشمل الاتفاقية اللاحقة لأجل السلام، وللتأكيد على أن الوثيقة الدستورية يمكن أن تشمل كل الأطروحات السودانية طالما هي في إطار الحل السلمي للسلطة.

تهيئة الساحة

ويرى خبراء سياسيون أنه ليس من مهام حكومة الفترة الانتقالية تعليم الأحزاب السياسية والحركات كيفية الاستعداد للانتخابات، وإنما مهامها تهيئة الجو للانتخابات بإحلال السلام وإنجاز قانون الانتخابات ووضع الدستور الدائم الذي يحكم البلاد، ولذلك يشير د. السندي إلى أنه على كل حزب القيام بمسؤولياته وعدم التحجج بعامل الوقت وقصر الفترة الانتقالية، فهذه الفترة الانتقالية هي أطول فترة انتقالية في تاريخ السودان منذ الاستقلال وهي كافية جدًا لإنجاز كل الملفات. بينما يرى مجتبى أنها الأطول منذ تاريخ السودان الحديث والقديم لكنه قال إن ظروفها مختلفة تماماً عن السابقة لعدم التوافق السياسي بعد أن تشعبت القوى السياسية واتسعت الساحة لتشهد ميلاد حركات مسلحة ولجت إلى عالم السياسة من أوسع الأبواب عبر التفاوض والاتفاقيات الدولية والمحلية والإقليمية. مشيراً إلى أن السودان الآن أكثر تهيئة لقبول الآخر وأن دعوة حمدوك بإمكانية تمديد الفترة الانتقالية إنما هي لأجل تهيئة الساحة السياسية التي ترتقب الانتخابات وبدأت تجهز جمهورها لذلك كحزب الأمة والاتحادي والمؤتمر السوداني، أن ذلك قد يطول أمده للحالة الرخوة التي يعيشها الوضع السياسي الداخلي والخارجي وما يمكن أن يجابه السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى