إصلاح المنظومة العدلية.. خطوة لتصحيح المسار

 

تقرير: فاطمة

لفترات طويلة، ظل الحديث عن إصلاح المنظومة العدلية في السودان موضوعاً للنقاش والشد والجذب، منذ عهد النظام البائد، وفي الحقبة الجديدة لحكومة الفترة الانتقالية اتخذت القضية موقعاً متقدما في الاهتمامات من أجل تحقيق شعارات ثورة ديسمبر في الحرية والسلام والعدالة.. حتى إن الحكومة الانتقالية أنشأت مفوضية لإصلاح المنظومة العدلية والتي ستضطلع بهذه المهمة.

ومع التطورات السياسية والتشريعية بالبلاد، تتباين رؤى الخبراء والمختصين حول كيفية وآليات ومطلوبات هذا الإصلاح المنتظر. فخطوة تشكيل مفوضية إصلاح المنظومة العدلية والقانونية تعتبر لبنة أساسية لبسط العدل وبناء دولة المؤسسات، ويعد الارتقاء بمنظومة العدالة خطوة أساسية تنسجم ومعايير العدالة الدولية .

تشكيل مفوضية

وانعقد لقاء أمس  ألاول بمكتب رئيس القضاء لمفوضية إصلاح المنظومة العدلية والحقوقية برئاسة  نعمات عبد الله محمد خير رئيس القضاء وبحضور  وزير العدل والنائب العام ونقيب المحامين وعميد كلية القانون جامعة النيلين.

ويأتي الاجتماع في إطار التفاكر حول تشكيل المفوضية، بجانب عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأمن الاجتماع على التنسيق التام بينهما وتبادل المعلومات وصولاً لسيادة حكم القانون، وربما يعقد  في خلال الأيام القادمة اجتماع لإكمال الترشيحات توطئة لتشكيل مفوضية إصلاح المنظومة العدلية.

لكن الأمر يطرح أسئلة عديدة حول الإصلاح المطلوب ودور المفوضية وتكوينها ومهامها وإمكانية استجابة البنية العدلية لهذه الإصلاحات.

عملية شاملة

وزير العدل  نصر الدين عبد الباري أوضح في تصريح صحفي أن إنشاء المفوضية، مهمتها قيادة عملية شاملة وعميقة لإصلاح المنظومة الحقوقية والعدلية التي تعرضت لخراب غير مسبوق خلال العهد السابق.

وأضاف: تمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق ركن من أركان شعار ثورة ديسمبر المجيدة، العدالة الانتقالية.

إصلاح المنظومة

ويرى خبراء ومستشارون قانونيون ضرورة إنشاء مفوضية قانونية للإصلاح العدلي يقود لعملية إصلاح شامل وعميق في المجالات الحقوقية والعدلية، والتي تعرضت خلال سنوات النظام البائد إلى تخريب غير مسبوق، فموجب هذا القانون سيتم إصلاح المنظومة من داخل السلطة القضائية بعيداً عن السلطة التنفيذية، عكس ما كانت عليه، وأن يتم الإصلاح عبر لجنة إزالة التمكين التي تكونت بموجب قانون تصفية نظام الثلاثين من يونيو، مشيرين إلى أن ذلك يمثل هزيمة لمبدأ الفصل بين السلطات والتعديلات المجازة لإصلاح المنظومة القانونية والتي تضمنت إلغاء حد الردة وجريمة المعتقد التي تحاكم الأشخاص، وإلغاء سلطات الأمن والمخابرات، وعقوبة الإعدام بحق الأطفال بجانب التشديد على جرائم المعلوماتية لحماية حقوق المستخدم وإلغاء قانون النظام العام، والتي حظيت بتأييد كاسح وسط الشارع السوداني ومنظمات المجتمع المدني .

عقبات وتحديات

ويرى قانونيون أنه من خلال المكونات والاختصاص والأهداف المنوط تحقيقها من قبل المفوضية إصلاح المنظومة العدلية ربما تتعرض لعقبات من داخل المنظومة كمحاولة التقليل من أهميتها في إعادة بنائها .

ويقول المستشار القانوني فائز بابكر كرار للصيحة، إن خطوة الإصلاح العدلي تعتبر لبنة أساسية لبسط العدل والمساواة في مكونات المنظومة التي تشمل السلطة القضائية والنيابة العامة ووزارة العدل ولجنة المحامين والنقابة، وأشار إلى أن خصائص المنظومة وضع سياسات عامة وخطط وبرامج للإصلاح وتطويره وإعادة بنائه وضرورة وضع دراسة قانونية لكل منسوبي المنظومة العدلية، بهدف إصلاح قانوني مؤسسي وضمان الاستقلالية، وتعزيز مبدأ المساءلة وضمان النزاهة والحياد.

تشكيل الدستورية

وتخوف كرار من عقبات تواجه الإصلاح وأبرز ما يواحهها تأخير تشكيل المحكمة الدستورية ومجالس القضاء والنيابة العليا، بجانب محاولة استبدال التمكين بتمكين جديد، ويضيف: التغلب على هذه العقبات يتطلب ضرورة سلامة الإجراءات العدلية شكلاً ومضموناً، وذلك عبر سيادة القانون وإرساء قيم العدالة والديمقراطية بمبدأ المواجهة والمحاسبة في المحاكمات ومحاربة الفساد، وضرورة قيام الجهات العدلية والرقابية بدورها في عملية الإصلاح .

إخماد نار الفتنة

وأضاف: تنفيذ برنامج الفترة الانتقالية يتطلب ضرورة استكمال كافة هياكل الحكم القانوني، وإخماد نار الفتنة القبلية في البلاد، وذلك عبر إنفاذ التعايش السلمي والمجتمعي، مضيفاً: على الجهات العدلية والقانونية إيلاءها مزيداً من الاهتمام والرعاية لبسط هيبة حكم القانون.

وقال الخبير القانوني معز حضرة، إن الإصلاح سيكون له مردود إيجابي للدفع بالعملية العدلية، مشيراً إلى المحاكمات التي تجري لرموز النظام البائد، وأضاف أن الإصلاح العدلي تأخر، ولكن جاء في توقيت بالغ الأهمية مما يلقي بظلال إيجابية لسير العدالة، وأشار إلى أن تعديلات القانون الجنائي وتعديلات الحقوق والحريات جميعها مكملة لإصلاح المنظومة مؤكداً أنه إنجاز يستحق المساندة .

إنهاء ثقافة الإفلات

وأضاف حضرة أن المفوضية بما تقوم به تمثل ضربة قاضية للقضاء على فلول النظام البائد المتبقية في الجهاز القضائي، وإنهاء لثقافة الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة الانتقالية، فضلاً عن أنه يؤسس الإطار القانوني الذي يتناسب مع التغيير السياسي .

وأضاف: عانت دواوين الدولة كثيراً، مشيراً إلى معاناة السلطة القضائية والعدلية من سياسة التمكين خلال حكم النظام البائد .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى