الخارجية.. تفكيك قيود العزلة؟

الخرطوم: مريم أبشر
مرحلة جديدة دخلتها البلاد أمس بإعلان تشكيلة المجلس التنفيذي في حكومة الفترة الانتقالية في نسختها الثانية وهي مرحلة تأتى بعد أن خطت البلاد أكثر من 90% فى أحد اهم أضلاع مثلث الثورة (السلام) بتوقيع اتفاق جوبا للسلام مع قيادات الكفاح المسلح والجبهة الثورية ودخولهم فى شراكة حقيقية مع الحكومة الانتقالية تفضي في نهايتها لحكومة منتخبة يختارها الشعب برغبته وتأتي الكابينة التتفيذية الثانية والحكومة تمكنت أيضا من إطلاق سراح السودان من السجن الدولي الكبير الذي وضعته فيه الحكومة السابقة و ذلك برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب و منحه حصانته السيادية ، غير أن الحكومة تبدأ مشوارها و الداخل السوداني يمحور بمشكلات و تعقيدات كثيرة ابرزها الظروف الاقتصادية الخانقة وضغوط الشارع ممثلة في قواه الحية المطالبة بتنفيذ شعارات الثورة وتحقيق مطالب الشعب فضلاً عن تعقيدات سياسية وأمنية وتوترات أمنية في معظم ولايات السودان أضف إلى ذلك التشاكس وحالات التشرذم التي ضربت أكبر كيان سياسي يشهده السودان قوى إعلان الحرية والتغيير الذي اقتلع النظام وحالات التشاكس التي تطفو على العلن أحيانًا بين مكونات الحكومة الانتقالية في شقيها العسكري والمدني برغم حالة المظهر بالانسجام وسط كل هذه الأمواج المتلاطمة من المشاكل والمتاريس والتحديات تبدأ الحكومة الجديده شوط عمل تنفيذى آخر وعلى رأس تلك الحقائب الوزارية وزارة الخارجية المعنية بإجراء تحركات خارجية سريعة تستند بعمل داخلي كثير يشكل المنصة الحقيقية لأي محاولات خارجية للاستفادة من زخم رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وجني ثمار ذلك في خلق شراكات دولية استثمارية صناعية وتجارية من شأنها الاسهام في تحريك اقتصاد البلد المنهار وعودة الروح في شرابينه.
إعادة الهيبة:
إعادة الهيبة لوزارة الخارجية وارجاع ملفاتها المختطفة يجب أن يكون أولوية قصوى للوزير الجديد ولن يتحقق ذلك إلا عبر وزير يتمتع بالكفاءة والقدرة والكارزما القوية التي تستطيع إعادة الوزارة هي تمثل بوابة السودان الخارجية لسيرتها الأولى بخلاف الوضع السابق الهامشي الذي وضعت فيه خلال الفترة السابقة حيث توزعت ملفاتها لأجهزة أخرى, ويعتقد السفير والخبير الدبلوماسي جمال محمد إبراهيم إن الوزارة عاشت خلال الفترة الماضية تهميشاً كبيراً واختطفت كثير من ملفاتها أضف إلى ذلك فإن كثيرا من الملفات والتحركات كان يقودها أعضاء المجلس السيادي وهي من صميم العمل الخارجي وذكر إبراهيم أن جملة من التحديات والسياسية والاقتصادية والاستثمارية بانتظار الوزير الجديد الذي يجب أن يتمتع بالقدرة الكافية التي تمكنه من إعادة الهيبة للوزارة ومن ثم الانطلاق نحو تحقيق المكاسب التي وفرها رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وانفتاحه على العالم حتي تتمكن البلاد من عبور المرحلة الحالية.
بعض من كل:
جملة من التحديات الكبرى في انتظار وزير الخارجية الجديد ولعله يأتي في أولوياتها أهمية رفد الوزارة بكادر بدبلوماسي مؤهل بعد أن أفرغت الوزارة من عدد كبير من الدبلوماسيين بإزالة التمكين ولذلك لا بد من رفد الوزارة بدبلوماسيين أكفاء كما يرى الأستاذ الجامعي الدكتور عبد الرحمن أبو خريس في حديثه لــ(الصيحة) حتى تتمكن الوزارة من الاسثمار والاستفادة من الانفتاح العالمي وجني ثماره وأن تبتعد في اختيار كوادرها عن المحاصصة لجهة أن الخارجية بوابة السودان الخارجية التي يتوجب عليها تحقيق المصالح وقطع الطريق أمام التهديدات الخارجية. ويرى خريس ضرورة إعادة الدور المحوري للمركز الدبلوماسي حتى يتمكن من أداء دوره في تدريب وتأهيل الدبلوماسيين ويشير أيضًا لضرورة صياغة سياسات من شأنها إعلاء مصالح البلاد القومية وكيفية الحصول على التوافق المطلوب وبما أن السودان مواجه بصراعات حدودية مع بعض جيرانه مصر واثيوبيا على وجه الخصوص ينبغي على الوزارة ممثلة في قيادتها إدارة حوار حول كيفية إقامة علاقات حسن جوار مع تلك الدول دون التفريط في أراضينا في منطقة الفشقة والعمل بتنسيق كامل مع وزارة الري فيما يخص ملف سد النهضة وفوق ذلك يحب الاستفادة من الانفتاح الخارجي خاصة تحربك العلاقات مع الولايات المتحدة وأوربا من أجل تبادل المنافع وتحقيق أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية.
الطريق ممهد ولكن…
من الناحية النظرية، نجد أن الطريق بات ممهداً كما لم يكن من قبل أمام الحكومة الانتقالية الجديدة، فقد تم رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية وأزيلت بذلك آخر العقبات الكبرى أمام تطبيع علاقات البلاد مع المجتمع الدولي ومؤسساته. كما أن المصالحة الخليجية التي تمت مؤخراً أزالت إحدى أهم العقبات أمام فرص تحسين وضع السودان الاقتصادي بتلقي الدعم من كل أشقائه الخليجيين بدون حرج.
أما من الناحية العملية فالتحديات ما تزال ماثلة أمام الحكومة الانتقالية الجديدة لكي تحرز تقدماً في المحور الأكثر تحدياً وهو المحور الاقتصادي، كما يشير إلى ذلك خبير دبلوماسي تحدث لــ(الصيحة) أمس حيث يقتضي هذا التحدي توضيح وجهة نظر الحكومة حول جملة من السياسات المتصلة بهذا المحور وعلى رأسها كيفية إعادة الهيكلة وكبح جماح التضخم واستقرار سعر العملة وتشجيع الاستثمار وذلك بالتوازي مع مخاطبة المجتمع الدولي والإقليمي.
أما في محور العلاقات الخارجية ستكون أزمة سد النهضة وسيطرة السودان على أراضيه في منطقة الفشقة أبرز التحديات لكنها ليست الوحيدة، فعلاقات السودان الخارجية كلها تحتاج إلى إعادة ترميم وتطوير سواء من خلال إعادة تأهيل دور وزارة الخارجية أو من خلال الدبلوماسية الرئاسية وهي أدوار تأثرت بعجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه وزارة الخارجية وبقرارات لجان السلطة الحاكمة التي أحالت الكثير من الكوادر البشرية المؤهلة من السفراء والدبلوماسيين إلى التقاعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى