صلاح الدين عووضة يكتب.. زمان !!

ولن يعود أبداً..

ولو غنت له أم كلثوم (قول للزمان أرجع يا زمان)..

ولو تحسّر الكحلاوي على حب الزمن الذي مضى مُترنِّماً (ريدة زمان)..

ولو حن أحمد المصطفى – لحناً – إلى (أيام زمان)..

فهو زمانٌ – كما وصفه صديقي الشاعر عزمي أحمد خليل – (عدى فات زي كل غيمة)..

ونحن في زماننا هذا أشدّ إحساساً بقيمة ما كان (زمان)..

وما دمنا بدأنا بالطرب فيكفي أن تقارن بين مغنيّ الماضي والحاضر… وكذلك الشعراء..

فبعد كم من الزمان سُميَّ أحمد المصطفى عميداً؟..

وبعد كم من الزمن لُقب محمد وردي بمطرب أفريقيا الأول؟..

وبعد كم الزمن أُطلق على زيدان إبراهيم تسمية العندليب الأسمر؟..

أما في زماننا هذا فإن المطرب – مجازاً – يبدأ مشواره الغنائي باختيار اللقب؛ أولاً..

هل يصلح له لقب الملك؟… أم الزعيم؟… أم الإمبراطور؟..

فإن انتهى من هذه المهمة (الشاقّة) التفت إلى بقية الأدوات (السهلة)..

ومنها النص؛ فليكن أي كلام وخلاص… فسوف يطغى عليه الإزعاج الموسيقي..

قنبلة… حقنة… حرجل… خالة؛ أي كلام والسلام..

حتى الإنسان ما عاد هو إنسان (زمان)؛ دعك من الأشياء… والحُب… والخبز..

وبمناسبة الخُبز هذا؛ حتى الوزراء ليسوا كوزراء زمان..

ويكفي كمثال على هذا – وأكبر دليل – السيد (كلوش)… ثم ولاء… وخيري… والتوم..

وفاكهة الآن تَختلف طعماً – ونكهةً – عن فواكه زمان..

وكذلك الخضروات… والزيوت… والطحنية… والبسكويت… والشاي… والأجبان..

كل شيء – وذي روح – ما عاد كما كان زمان..

سيما – من ذوي الأرواح هذه – الذباب الذي انتبهت إلى صفة عجيبة فيه..

فهو بات يتبعك حيثما ذهبت؛ يدخل معك… ويخرج معك… ويمشي معك… ويجلس معك..

وإذا رقت لتنام (لَزقَ) في السرير معك..

فهل كان كذلك ذباب زمان؟… حتى البعوض أمسى يلدغك (على طول)… دُون مُقدِّمات..

بينما بعوض زمان كان (يناور) حولك أولاً… كأنّه ينذرك..

أو كأنّه يستأذنك بأدب؛ كما كان يفعل مُتسوِّلو زمان… إذ يناورون حولك (بمدحة) أولاً..

أما الآن فالمُتسوِّل تُفاجئك قبضة يده على وجهك..

ويمكن أن يصفعك بقبضته هذه – أو لسانه – إن لم تستجب له قبل أن تفتح إشارة المُرور..

نعود إلى السياسة؛ فليس وزراؤنا وحدهم هم العجيبون..

ليسوا وحدهم مَن يختلفون عن رصفائهم زمان؛ حتى في (الطلة)… والكلام… و

الكاريزما..

وإنما أعضاء مجلسنا السيادي أيضاً..

وأحد أوجه الخلاف العجيبة كثرتهم العددية التي لم تشهد لها قصور الدنيا الرئاسية مثيلا..

ثم (كثرة) امتيازاتهم – ونثرياتهم – رغم (زحمتهم في الفاضي)..

بل إن ثورتنا هذه نفسها – ثورة ديسمبر – ليست كثورات زمان… إذ أفرزت لنا أمثال هؤلاء..

ثم أفرزت لنا – كذلك – ظاهرة المحاصصة الحزبية… قبل الانتخابات..

كما أفرزت لنا أمراً ثالثاً غريباً؛ وهو (لَزق) الأجساد على الكراسي بصمغ السماجة العربي..

وذباب زماننا هذه سَمِجٌ جداً… يَلزق فيك (غَصبَاً عنك)..

لا كذباب زمان !!.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى