صلاح الدين عووضة يكتب : درس حيواني !!

بل ومجاني أيضاً..

فكثير من المخلوقات أوحت إلى الإنسان بفكرةٍ ما… وتعلم منها… وقبل أستاذيتها في تخصصها..

ومنها النحل… والنمل… والطير… والسمك..

فهي حذرة بالفطرة….. ومبتكرة بالفطرة….. وذكية – في مجال تخصُّصها – بالفطرة..

ولكنها تضحى غبيةً حين تشغلها شهواتها..

وتسفر شهواتها هذه إلى صراع بينها يعمي بصرها – وبصيرتها – عن استشعار الخطر..

وغالب مثل هذا الصراع – والعراك – يكون بين الذكور منها..

ولعلنا لاحظنا – عبر بعض القنوات الفضائية – كيف تستغل السباع عراك الحيوانات العشبية..

فتنقض عليها بأقل جهد بدني… وأيسر تدبير ذهني..

والآن لننتقل من عالم الحيوان إلى عالم الإنسان… فبينهما وجه شبه شديد (لا مؤاخذة)..

ولنأخذ نهايات فترة الإنقاذ – تحديداً – كمثال فريد..

فعديد الشواهد كانت تشير إلى بداية النهاية… والقوم عن ذلك لاهون بصراعاتهم الشهوانية..

وتتمثل الشهوة هنا في السلطة… ونعيمها..

كانوا مشغولين بجدل انتخابات (2020)… وكسر رقبة الدستور لضمان استمرار البشير..

فإن استمر البشير ضمنوا هم استمرارهم..

أو – بالأصح – ضمنوا استمرارية تنعمهم من الفساد الذي كان هو الراعي الأكبر له..

وكنا نبصر ما لا يبصرون… والشجر يقترب منهم..

وتثبت ذلك كلمات لنا – موثقات – اجتهدنا في جعلها تمر عبر (معابر) الرقابة الأمنية..

ومنها (فات الأوان)… و(ثم أمطرت)… و(سكت الكلام)..

وقبل ساعاتٍ فقط من اندلاع شرارة الثورة – بعطبرة – كتبنا خاطرة بعنوان (يا ساتر)..

ما كان هنالك زمنٌ لها لتصير كلمة بزاويتنا اليومية… صباحاً..

وكنت أعجب – أيّما عجب – من اصطراع القوم على (بكرة)… ويومهم الماثل مهدد..

من احترابهم على مستقبلهم… وحاضرهم في كف عفريت..

وعندما قلت ذلك لمن كنت تحت (ضيافتهم) – في الزمن الضائع – ضحكوا ملء أشداقهم..

فكذلك هي شهوة السلطة – مع العراك بشأنها – تُورث الغباء..

والآن نرى غباءً مستحكماً من حولنا جرّاء شهوة السلطة ذاتها… والعراك على كيكة محاصصاتها..

ومثلما فعلنا في نهايات أيام الإنقاذ نفعل الآن..

نكتب بالواضح… والمستتر… والعنيف… واللطيف… والتحذير… والترغيب؛ وما من فائدة..

حتى حزب الأمة يناقض نفسه… ويخوض غمار المعترك الشهواني..

وهو الذي كان يقول بالأمس إنه ضد التمكين بالمحاصصة الحزبية… قبل أوان الانتخابات..

ثم يطالب اليوم بما يناسب (وزنه) من تمكينٍ وزاري..

علماً بأن الأوضاع – في الجوانب كافة – أسوأ مما كانت عليه أواخر حقبة المخلوع..

أسوأ بكثير جداً؛ معيشياً… واقتصادياً… وأمنياً… ونفسياً..

كما أن الشجر – وستذكرون ما أقول – يقترب بسرعة أكبر… ويكاد يبلغ مضارب حمدوك..

وحمدوك – كما البشير – في برجه (الثلجي)… غير مُبالٍ..

والغباء – الإنساني – عندما يصل مراحله القصوى لا يُجدي معه التنبيه… ولا التحذير..

ولا الدرس الحيواني !!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى