يس إبراهيم الترابي.. يكتب مديرة مدرسة مخضرة النوايا والأعمال والبيئة والتفوق الأكاديمي

بدأت أتحسس خطواتي وأتبين معالم محلية شرق النيل وأتعرف على معلميها وقياداتهم وأهلها ورياداتهم رويداً رويدا منذ أن دلفت أقدامي بها مطلع هذه الألفية، وذلك بطلب ونداء من الأستاذ الخلوق محمد الأمين شفاه الله الذي كان آنذاك مديراً لمدرسة البنبوناب الثانوية المشتركة وهي حديثة التكوين وفي أطوارها الأولى، فأراد أن أعينه في إنشائها، فلبيت طلبه واستجبت لطلبه خصوصاً بعد أن عملنا سوياً بمدرسة الخرطوم التجارية التي عليها مبنى الاتحاد المهني للمعلمين بولاية الخرطوم، وكان مديرها حينها مدير قامة بمعنى الكلمة وهو الأستاذ إبراهيم الحفيان الذي استفدنا منه كثيراً، فكان أن طاب بي المقام بشرق النيل بسبب أصالة أهالي منطقة البنبوناب ورجالها الأوفياء ومجتمعها الفريد.

وبعد استقراري في مدرسة البنبوناب وكجانب طبيعي ابتدرت علاقاتي بخطوات متسقة ببعض الموجهين والمعلمين والمعلمات والإداريين بمكتب تعليم المرحلة الثانوية بمحلية شرق النيل، وقد هالني التعامل الراقي والمعرفة الكثيفة بأمور وقضايا التربية والتعليم وكيفية التعامل مع مجتمع محلية شرق النيل والصدر الواسع الذي بنى عليه حياته والتسامح الملموس في كل تصرفاته، إنه الأستاذ الخلوق المهذب بدرالدين الفكي الذي تولى إدارة المرحلة الثانوية بشرق النيل في أخصب فتراتها، وأنشأ وشيد ما بين سبع إلى عشر مدارس رأسية دلقت فيها مداد قلمي لكلمات إشادتي ومدحي لهذه الجهود.

وبسبب ذلك تعلقت به، فعلمت بالصدفة أن زوجته تعمل معلمة للغة العربية بمدرسة دار السلام الثانوية بنات وهي أول مدرسة رأسية تبنى بمحلية شرق النيل، وكانت حينها في أوج عظمتها وافتخار الناس بها، بعد ذلك قابلتها بعد أن أخفت وجهها بالنقاب عندما كانت وكيلة لمدرسة الشهيد أبوبكر الطيب النموذجية بنات، وكانت لقاءاتي بها عابرة مثلها والمعلمين والمعلمات اللائي لم أحظ بالعمل معهم.

ما انا بصدد الحديث عنها انتقلت من مدرسة الشهيد أبوبكر بعد أن تم اختيارها مديرة لمدرسة الخير موسى الثانوية بنات، وهنالك هداها تفكيرها في أولى خطوات أعمالها أن تستغل المساحات الشاسعة في المدرسة لزراعة مختلف الأشجار المثمرة والظليلة، وكذلك اهتمامها بالتنجيل والورود والزهور، وقد ساعدتها في ذلك أمور كثيرة أعانتها بأن تشيع الخضرة والبهجة والجمال في أركان المدرسة وتجعلها واحة غناء مما زادها بهاءً على بهاءٍ.

كلما سنحت لي الفرصة للتحدث معها عن العمل التربوي على عمومه والجانب التعليمي بكل همومه أجد التفاؤل يحيط بها والخلق الرصين ديدنها والأخلاق الفاضلة مناط تعاملها مع المعلمات والطالبات وأولياء الأمور، وقد اهتمت أيما اهتمام باخضرار أرض المدرسة مما جعل منظرها متعة للأبصار متأسية في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم (لئن يكن في يد أحدكم فسيلة فليزرعها ولو كان في رمقه الأخير) أو في معنى الحديث الشريف، وقد أبرزت لنا بمثل هذا الاهتمام بالتشجير نواياها المخضرة عملها ودربها الأخضر.

لقد قرنت الأستاذة إخلاص عثمان مديرة مدرسة الخير موسى الثانوية بنات اهتمامها بفلاحة الأرض واخضرارها بالاهتمام بإشباع العقول بالعلوم الأكاديمية المفيدة وتنمية قدرات ذكاء الأذهان وتزكية نفوس الطالبات بالإرشادات التربوية القيمة، فضلاً عن سعيها الدؤوب لجعل المعلمات يعملن بروح الفريق الواحد وقد صهرتهن في بوتقة واحدة ووحدت رؤاهن ووجدت الثناء بمشاورتهن واهتمامها بشؤونهن، مما جعل التحابب بينهم يصل مداه والتوادد يصل لغاياته المنشودة وإخلاص العمل يطرق نهاياته، وهذه من أسباب جلب التوفيق وإدراك التفوق في الجوانب الأكاديمية.

وهذا ما كان لها في أول سنواتها في المدرسة إذ أحرزت نسبة نجاح طيبة، وتواصل هذا الأمر في هذا العام الذي أحرزت فيه المدرسة نسبة نجاح بلغت ٥’٨٨٪، وهي نسبة عالية ومقدرة جداً، وكان لجهود المعلمين والمعلمات الفضل الكبير والأثر البليغ في نسب النجاح العالية في مختلف المواد الأكاديمية، فكانت نسبة نجاح طالبات المدرسة في مادة اللغة العربية ١’٩٥٪  واللغة الإنجليزية ٦’٨٣٪  والتربية الإسلام ٤’٩٣٪ والرياضيات المتخصصة ٦٥٪ والرياضيات الأساسية ٦’٩٧٪ والجغرافيا ٦’٩٧٪ والتاريخ ٨’٨٧٪ والدراسات الإسلامية ٩’٩٤٪، والفنون ١٠٠٪ والعلوم العسكرية ١٠٠٪ والحاسوب ١٠٠٪، والفيزياء ٨٠٪، والكيمياء ٨٠٪، والأحياء ٧٣٪.

فيما جاءت الطالبة أروى الوليد الأولى في المساق الأدبي بنسبة نجاح ٩’٨٦٪، وأحرزت المركز الأول في المساق العلمي الطالبة إحسان آدم بنسبة نجاح ٩’٨٢٪، وتصدرت الطالبة فاطمة الطيب طالبات اتحاد المعلمين في المساق العلمي بنسبة نجاح بلغت ٤’٨٧٪، وهنالك العديد من نسب النجاح العالية التي تحصلت عليها طالبات المدرسة مما أثلج صدورهن وأسرهم ومديراتهن ومعلماتهن وجميع معارفهن.

هكذا حصدت إدارة ومعلمو ومعلمات المدرسة ومجلسها التربوي النجاح الكبير ونالت العز والشرف وتوّجت جهودهم بهذه النسب العالية والتفوق الأكاديمي والنجاح المستحق، وقطفوا ثمار متابعاتهم وتعبهم ورهقهم ونصبهم المتواصل حتى تذوقوا طعم وحلاوة النجاح بعد مشاوير طويلة وعام دراسي استثنائي، فهنيئاً لهم ونبارك هذا التفوق، ونسأل الله أن يعظم أجرهم ويثقل ميزان حسناتهم ويثيبهم خيراً وفيراً وأن يسدد رميهم ويجعل التوفيق حليفهم في كل خطواتهم.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى