(المهنيين).. هل انقلبوا على الثورة؟

تقرير- نجدة بشارة

عامان مضيا على ثورة ديسمبر التي أسقطت دكتاتورية (30)عاماً.. وعادت الاحتجاجات مجدداً تجوب شوارع الخرطوم.. بذات الوجوه، السحنات لم تغير الملامح لكن الأفكار تغيرت.. والمطالب والشعارات.. (عيش بالكيلو مابنشيلوا)..

حدثني ثائر يحمل علم بلادي وينزوي متطرفاً عن  رفقائه بموكب وسط الخرطوم أمس الأحد.. حينما سألته لماذا خرجتم وماذا تطلبون.. قال كلمة واحدة لــ(الصيحة) لم أشأ أن أساله بعدها.. قال: الخبز   ..!!.. مطالب بسيطة من حق كل إنسان أن يتمتع بها لكن عجزت الحكومة الانتقالية أن توفرها لشعبها  ومع ذلك ينقسم الناس إلى اثنين بين من يردد عائدون إلى الاحتجاجات حتى يتصحح مسار الثورة وتتحقق المطالب.. وبين من يتساءل.. عن لماذا عادت.. هذه الاحتجاجات ومن يقف خلفها..؟!

احتجاجات متفرقة ..

وشهدت أمس تظاهرات متفرقة واحتجاجات شملت أحياء.. الصحافة بالخرطوم.. وبانت وبعض أحياء العباسية والصحافة وشمبات احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية بالولاية.

وأغلق مواطنون غاضبون، ظهر أمس الأحد، شارع الستين بالخرطوم، وأضرموا النار في إطارات السيارات، احتجاجاً على غلاء المعيشة وانعدام السلع الضرورية.

وردد المحتجون هتافات منددة بسياسات حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك التي أدت لتفاقم الأوضاع الاقتصادية في البلاد، من قبيل (لا غاز لا عيش تسقط يا حمدوك معليش)، وحمل صبي فوق العاشرة من عمره لافتة كتب عليها (إلى متى؟ أبسط حقوق المواطن في الحياة أصبحت مستحيلة).

وندد المواطنون بالمحاصصات الحزبية، وإهمال هموم المواطن كما نددوا باستمرار الأزمات وصفوف الخبز والغاز، وزيادة تعرفة الكهرباء، مطالبين بإلغائها، كما طالبوا حمدوك وحكومته وكل السياسيين بعدم التصدر للمسؤولية إن لم يكونوا أهلاً لها.

والأسبوع الماضي كانت هناك مسيرة احتجاجية لكن تم تفريقها قبل وصولها للقصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم. وطالبت المسيرة برحيل الحكومة، ورفع المنظمون لافتات وشعارات تندد بالأوضاع الاقتصادية وأخرى تطالب بالقصاص لشهداء ثورة ديسمبر. وشهدت الشوارع المحيطة بالقصر الرئاسي حالة ازدحام مروري جراء التدافع الكبير للمحتجين.

من خلف الاحتجاجات؟!

في هتافات المسيرات والمواكب السابقة إبان سقوط النظام السابق كانت الهتافات ترتفع عالياً.. الجوع.. ولا الكيزان.. كان الجميع يردد عالياً.. حكومة الجوع تسقط بس.. واليوم يحدثني القيادي بتجمع المهنيين الذي عاد مجدداً إلى تحريك الشارع د.إبراهيم حسب الله عندما سألته عن عودة المواكب بكثافة مؤخراً بلا أهداف واضحة.. قلت له ضد من يهتف الثوار أجابني: الناس الآن لاتحتاج إلى تحريك أو دعوة الناس بدأت تخرج للشارع تلقائياً للبحث عن المعاش.. عن  لقمة العيش  الغلاء أصبح طاحناً فوق طاقة الناس.. الخبز.. انعدام الغاز.. الكهرباء.. المياه.. الوقود.. إذن ما الذي يجعل الناس لايخرجوا ..هم يخرجون لا.. لشيء في نفوسهم تجاه الحكومة.. لا لمآرب سياسية هم يخرجون فقط لأجل الخبز الحاف. وهذه الأهداف لاتحتاج لمن يحرك الشارع لأجلها.. وأردف حسب الله في حديثه لــ(الصيحة) صحيح أن الشوارع ليست الحل.. لكن الناس صبرت على الحكومة سنتين.. وكلما صبروا وصابروا.. بعدت الحكومة الانتقالية عن قضاياهم أكثر وانشغلت عنهم بسفاسف الأمور.. حتى رموز النظام لم تتم محاكمتهم.. ولجنة إزالة التمكين لم تقدم شيئاً يرى بالعين.. المجلس التشريعي لم يتكون.. لم تتحقق أي أهداف من ثورة ديسمبر لذلك خرج الناس مجدداً للشوارع كوسيلة للضغط على الحكومة.. لالتفاتة منها والنظر إلى قضايا المواطن  بعين المسؤولية.

من يحرك الشارع؟

كان تجمع المهنيين السودانيين، قد أعلن عن، جدول التصعيد الثوري، وشمل جدول التصعيد الثوري، على مظاهرات ليلية في كل الأحياء ابتداءً من بداية الأسبوع، بجانب مخاطبات وندوات داخل الأحياء، فضلاً عن تسيير مواكب داخل الأحياء تختتم بمخاطبات ثورية وتنويرية. وقطع التجمع، بعدم التراجع عن المطالب العادلة والمشروعة التي تقدمت بها في حملة الحرية والكرامة والحق في الحياة.

لكن متابعين انتقدوا خيارات التجمع الأخيرة بالعودة للشوارع وقالوا.. الآن وبعد أن أنجزت مواكب قوى إعلان الحرية والتغيير وتجمع المهنيبن أهدافها الأساسية في إسقاط الإنقاذ وإقامة الحكومة المدنية من قوى تمثلها ألا يجب إطلاق تساؤل شرعي: لماذا يسير تجمع المهنيين مواكب جديدة؟

هل يريد الضغط على حكومته؟ وهل هذا شيء طبيعي أن تسير الحكومة مواكب ضد نفسها ؟.. تجمع المهنيين هو نفسه الآن جزء من هذه الحكومة وعدد من الوزراء اختارهم ذات هذا التجمع، مما يجعله شريكاً في الحكم لا ينبغي أن ينظم المواكب ضد نفسه، وإنما عليه أن يناقش ويوصل صوته ورسالته داخل الحكومة عبر الوزراء الذين اختارهم،  وكذلك على بقية فصائل قوى إعلان الحرية والتغيير فعل نفس الشيء، بأن تضغط من خلال ممثليها في الحكومة.

بعد نجاح تجمع المهنيين السودانيين، في قيادة الشارع طوال ثورة ديسمبر المجيدة، تفاجأ الشعب بانشقاق واحد من أكبر الأجسام السياسية في المشهد السوداني، وتبادل الاتهامات بين أطرافه. لاحقًا، قال مراقبون للشأن العام إن التجمع بدأ في فقدان شعبيته وجماهيره، مستدلين بالتعليقات المهاجمة للتجمع على منصات التواصل الاجتماعي.

بعد عامين من الثورة، يسأل متابعون لماذا يعود التجمع للشارع وما الذي أنجزه من أهداف الثورة؟

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى