الحكومة القادمة.. مولود تُهدِّده التشوُّهات؟

 

 

تقرير: صلاح مختار

رغم أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تسلم قوائم ترشيحات الوزراء المقدمة من قوى إعلان الحرية والتغيير، حيث بلغت الترشيحات “49 مرشحاً ومرشحة لـ14 وزارة، و16 مرشحًا ومرشحة لـ5 مجالس وزارية متخصصة”، إلا أن التشكيل الوزاري يواجه صعوبات وعقبات قبل إعلان الشكل النهائي للوزارات.

وفيما تتمسك بعض الأحزاب في قوى الحرية والتغيير بوزارات محددة، برزت اتجاهات داخل الجبهة الثورية في إسناد بعض الوزارات إليها، وفي ذات الأثناء طالبت بعض القوى السياسية بوزارات بعينها. وبرغم هذه الضجة حول الوزارات، إلا أن المراقب للأحداث يرى حجم المساومات التي جرت تحت “تربيزة التشكيل”، بجانب أن هناك ضغوطاً مورست من أجل إتمام المحاصصة في التشكيل الوزاري الجديد، وبالتالي دفع هذا الأمر ليتساءل البعض عن المعايير التي اتبعت في اختيار وتشكيل الوزارات في ظل وجود الوثيقة الدستورية!

أقصى تقدير

وسبق أن أكد محمد الفكي، المتحدث باسم مجلس السيادة، في تصريحات سابقة، أن إعلان تشكيل الحكومة الانتقالية سيكون في غضون 48 ساعة “على أقصى تقدير”. وقال عقب اجتماع استثنائي عقده المجلس بالقصر الجمهوري، بحضور رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إن الاجتماع بحث قضيتين أساسيتين، هما تشكيل مفوضية السلام، وتأخر تشكيل الحكومة الانتقالية. وأضاف أن الاجتماع أكد على ضرورة الإسراع في تشكيل مفوضية السلام لارتباطها بالتفاوض مع الحركات المسلحة، ولارتباط قضية السلام بالأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية، حسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية . وبشأن تأخر تشكيل الحكومة، أوضح الفكي أن الاجتماع استمع إلى شرح من حمدوك حول الأسباب والصعوبات التي تواجه التشكيل في بعض الوزارات، التي أوجزها في رغبته في أن تكون الحكومة أكثر تمثيلاً لولايات السودان وللأجيال التي قامت بالثورة، إضافة إلى مقتضيات التوازن الجندري. وأوضح الفكي أن المجلس تفهم أسباب التأخير، ووعد بالمساعدة في إكمال أسماء الوزراء، مشيراً إلى أن الإعلان عن الحكومة سيتم خلال 48 ساعة كأقصى تقدير. ووفق المصدر نفسه، فإن المجلس سيعقد اجتماعاً بحضور رئيس الوزراء فى إطار التدارس والتشاور بين مجلس السيادة والجهاز التنفيذي.

مراجعة القوائم

كما أعلن د. عبد الله حمدوك الاتفاق مع قوى الحرية والتغيير على “مراجعة قوائم المرشحين للمناصب الوزارية وفق جدول زمني محدد”. ولم تتضح تفاصيل الجدول الزمني، إلا أن القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد ضياء، قال لـ”الأناضول”، إنهم اتفقوا مع حمدوك، على تأجيل إعلان تشكيل الحكومة.

فرض الأجندة

غير أن الكاتب والمحلل السياسي بروفيسور الفاتح محجوب يصف في حديث لـ(الصيحة) عملية المساومات في الحياة السياسية بالعملية الطبيعية وممارسة ديمقراطية في الأنظمة السياسية لجهة أنه لا توجد جهة مسيطرة تستطيع أن تفرض أجندتها دون ذلك، وبالتالي وجود المساومات شيء طبيعي ولذلك تجري في العادة ضغوط ومساومات من أجل الوصول في النهاية إلى اتفاق على شكل الحكومة النهائي، وضرب مثلًا بالجبهة الثورية التي دخلت في مساومات داخلية مع القوى المُشكّلة للجبهة كذلك قوى الحرية والتغيير أجرت مساومات من أجل الوصول لرؤية موحدة ومتفق عليها في أمر التشكيل الوزاري، ولكن في إطار الكفاءات والتكتلات داخل الأحزاب في قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية ومن داخل كل حزب تجري مساومات سياسية، غير أن أي لديه ممارسة سياسية لا غبار عليها ويقع عليها أس العملية السياسية، ولا يوجد عمل سياسي دون مساومة، لكن الذي يتخوف منه الناس أن تقود المساومات إلى إعطاء المناصب في الحكومة أو في التشريعي الانتقالي لأناس ليسوا من الكفاءة، وأن التجربة السابقة للحكومة الانتقالية ليست جيدة، حيث كان أداء الكفاءات أقل من المتوقع منهم، ووصفت الفاشلة ولم يكونوا كما قيل عنهم أما لانعدام الخبرة ـو الكفاءة أو لأنهم بعيدون عن الوطن، بعيدون عن مشاكل البلد، وبالتالي تنقصهم الخبرة، ولذلك الكثيرون منهم ليسوا على قدر ذلك الطموح.

عدم الخبرة

وأقر محجوب بأن تجربة المحاصصة الجديدة الآن يتخوف منها البعض في ظل الحديث عن شخصيات أقل كفاءة، غير أنه يقول: الراجح أن تكون المساومة سياسية من الدرجة الأولى بأن يكون الاختيار على الكفاءات السياسية، ورأى: إذا كانت الحكومة السابقة غاب عنها الكفاءات في ظل عدم الخبرة ولم تكن سياسية ومحترفين ولحد ما تكنوقراط ووصفت بالفشل، فإن الحكومة المقبلة او الجديدة ستكون سياسية ممثلين لأحزابهم وأن عدم وجود سياسيين بارزين في الحكومة السابقة كان وراء فشلهم، ولكن الحكومة الجديدة ستغلب عليها الصفة السياسية من قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية، وبالتالي ما رشح من وجود مساومات أمر طبيعي وليس مفاجأة، وهو أمر جيد للدفع بوجوه سياسية جديدة ستكون مفاجأة الوسط، وهو أمر جيد وجود سياسيين لإدارة الوزارات لأنهم الأقدر على التفاوض وتفهم الأوضاع السياسية.

من أجل التغيير

ويرى القيادي بالحزب الشيوعي عضو قوى الحرية والتغيير كمال كرار، أن الثورة عندما اندلعت كان ذلك من أجل تغيير نظام مختلف بإرث جديد في المناصب أن يكون التغيير ليس بالولاءات وإنما بالكفاءات، وبالتالي أي اتجاه لاستعادة النظام السابق حسب المعيار السياسي خروج من أهداف الثورة في تشكيل الحكومة، وقال لـ(الصيحة): يفترض في تشكيل الحكومة أن يكون على كيفية وضع الرجل المناسب في المنصب المناسب، وليس محاصصات. وقال: التشكيل الوزاري للحكومة الجديدة خضع للمساومات السياسية بين الأحزاب السياسية وهو ما أدى إلى تأخير إعلان التشكيل حتى الآن كذلك المجلس التشريعي الانتقالي، أيضا خضع للمساومات السياسية، وأدى ذلك إلى تأخير إعلان تشكيلته حتى الآن، وبالتالي المشهد السياسي يضعف أثر تدخل قوى الحرية والتغيير ويعطي إشارات سالبة للمقاومة بأن التشكيل الجديد للحكومة خاضع لأهداف سياسية وليست وطنية أو حكومية، وقال: يفترض أن يكون الالتزام بالوثيقة الدستورية التي نصت على الالتزام بها وليست بالمحاصصة، ولفت بالقول: يكفي التجربة السابقة للنظام البائد أنتجت إدارة ضعيفة وكانت صفراً على الشمال ويفترض من خلال المسؤولية الوطنية أن يعمل الجميع من أجل التغيير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى