زيادة رسوم السحب النقدي والمقاصة.. تهديد الدفع الإلكتروني

 

الخرطوم: جمعة عبد الله

زيادة جديدة

أعلن بنك السودان المركزي عن تعديل رسوم تحصيل الشيكات عبر نظام المقاصة المصرفية الإلكترونية إلى 25 جنيهاً بدلًا من 3 جنيهات، كما أعلن في تعميم عن زيادة رسوم خدمة السحب النقدي من الصرافات الآلية بحد أقصى لتصبح 2 جنيه عند سحب 500 جنيه، وأربعة جنيهات عند سحب ألف جنيه، وخمسة جنيهات عند سحب 1500 جنيه، وزادت رسوم تحصيل سحب الـ2000 جنيه إلى 8 جنيهات، وفي حالة بطاقة العميل والصراف الآلي يتبعان لمصرفين مختلفين، فإن رسوم سحب 500 جنيه أصبحت 3 جنيهات بينما رسوم سحب الأ2000 جنيه اصبحت 12 جنيهاً.

قبل الزيادة

وكانت آخر زيادة قد تمت في 2018 وحينها تمت زيادة رسوم السحب النقدي لتصبح “4” جنيهات عن كل عملية سحب بغض النظر عن ملكية البنك للصراف الآلي، وكانت رسوم الصرف جنيه واحد عن كل صرافة بغض النظر عن نوع البنك أو ملكية الصراف الآلي، ويتم تقاسم الجنيه ما بين البنك المسحوب عليه والبنك صاحب الصراف والشركة المالكة لمحول القيود القومي والمملوكة لبنك السودان

وحتى نهاية العام 2016م لم تكن رسوم السحب من الصراف الآلي تتجاوز الخمسين قرشاً يتحملها كاملة المصرف المصدر للبطاقة دون خصمها من حساب حامل البطاقة.

بعدها بفترة قصيرة تم إصدار منشور آخر يفرق بين الصرافات الآلية وفق ملكيتها، فتتضاعف رسوم الصرف حال كان الصراف الآلي يخص بنكاً آخر غير البنك الذي فيه حساب العميل، وفي حالة حساب الرسوم المفروضة من المبلغ، فإن النسبة تبدو فيها مبالغة وإجحاف في كثير من الحالات، فعند صرف مبلغ 10 جنيهات من صراف لا يملكه بنكك، فإن الرسوم ستكون جنيهين، تساوي 20% من أصل المبلغ، وبالمحصلة بات سحب مبلغ من 10 إلى 500 جنيه، فإن الرسوم تبلغ جنيهاً أو جنيهين حسب ملكية الصراف، ومن 510 إلى ألف جنيه تصبح الرسوم جنيهين أو أربعة حسب ملكية الصراف.

تأثيرات القرار

ويرى المدير السابق لشركة الخدمات المصرفية الإلكترونية وعراب خدمات الدفع الإلكتروني، عمر حسن عمرابي، إنه مع ارتفاع التضخم وتصاعد الأسعار المستمر ازدادت تكلفة تقديم الخدمات المصرفية الإلكترونية بشكل كبير جداً.

وأوضح عمرابي لـ “الصيحة”، أن كثيراً من هذه الخدمات تقدم بواسطة شركات خاصة لن تتحمل هذه الخسائر، لهذا شهدنا تراجعًا في تقديم خدمات الدفع الإلكتروني وجودة هذه الخدمات كما أصبحت الشركات التي تقدم هذه الخدمات مترددة في الاستمرار، موضحًا أن استرجاع تكلفة نقطة البيع يحتاج لأكثر من 12 عاماً بالتعرفة القديمة، وأن تكلفة عملية السحب من الصراف الآلي تتجاوز 30 جنيهاً وهكذا وبالتالي تدهورت هذه الخدمات، فنجد أن أكثر من نصف الصرافات أصبحت فارغة في معظم الأحيان كما نجد أن تقديم الخدمات الإلكترونية  الأخرى تباطأت بشكل كبير.

ودعا عمرابي الحكومة لتحمل مسؤولية تحقيق التحول الرقمي وتحقيق الشمول المالي ونشر الدفع الإلكتروني، وقال إنها المستفيد الأول منها من ناحية إدخال السيولة للنظام المصرفي وتحقيق الشمول المالي والاقتصادي وتشجيع الاستثمار ومحاربة الفقر وتحقيق السياسات النقدية إضافة إلى استفادة المصارف من دخول السيولة للمصارف واستخدامها في الاستثمار وزيادة الودائع كما أن من  مسؤولية المصارف تقديم خدمات حديثة وجيدة لعملائها.

وشدد على أهمية أن تتحمل الدولة مسؤولية تحقيق التحول الرقمي وتحقيق الشمول المالي من خلال وضع استراتيجية واضحة لتحقيق ذلك وتحمل مسؤولية تمويل هذه الاستراتيجية بدلًا من تحميل ذلك للمواطن والذي سوف ينفر من الدفع الإلكتروني

علماً بأن كل الحكومات التي تهتم بالتحول الرقمي تتحمل مسؤولية قيادة وتمويل ذلك ضاربًا المثل بحكومات مصر والإمارات والأردن، علماً بأن تكاليف تمويل التحول الرقمي في السودان لا تذكر مقارنة بالفوائد التي تعود على الحكومة والمصارف والاقتصاد، والتأكيد هناك استعداد كبير من المجتمع الدولي لدعم ذلك إذا أحسنا وضع استراتيجية مقنعة تضمن اندماج السودان في النظام المالي العالمي والسلامة المالية.

هدم البناء

ووصف عمرابي تحميل مسؤولية نشر الدفع الإلكتروني للمواطن بالكامل ردة كبيرة قد تقود الى تدمير ما تم إنجازه في مجال الدفع الإلكتروني طوال السنوات السابقة أيضا تحميل المسؤولية لشركات القطاع الخاص لن يجدي، وسوف يقود لتدمير الجهود أيضاً لهذا على الحكومة والبنك المركزي والقطاع المصرفي تحمل مسؤولية قيادة وتمويل التحول الرقمي الى حين انتشار الخدمات ووصولها لمرحلة عدم الحاجة للدعم وحتى يتم تحقيق الشمول المالي والاقتصادي والاجتماعي وإصلاح الاقتصاد كما تفعل كل الدول الأخرى.

مبدياً أمله بأن يستعين  البنك المركزي والحكومة بخبراء مؤهلين لوضع استراتيجيات التحول الرقمي والشمول المالي حيث تعاني المؤسسات الحكومية من الكفاءات المؤهلة لقيادة هذا العمل دون مساعدة من خبراء ولا تكفي الاستعانة بالمنتجات الدولية فقط، بل يجب أيضاً الاستعانة بخبراء يعرفون واقع السودان ونظامه المصرفي ومشاكله جيداً.

غياب الرؤية الحكومية

ووصف الناطق الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتغيير محمود الجمل قرار زيادة الرسوم البنكية للمقاصة الإلكترونية وطرق الدفع الإلكتروني بالافتقار للرؤية الحكومية في إيجاد حلول ترفع المعاناة عن كاهل المواطن، وفي كل يوم تؤكد الحكومة ذلك باتخاذها إجراءات عقيمة تزيد من معاناة المواطن، وقال إن القرار سيدفع المواطنين للتجمع والتجمهر داخل البنوك في ظل جائحة كورونا.

وتساءل عما قدمته حكومة الثورة للمواطن البسيط إلى الآن بل كيف تفكر الحكومة؟ وزاد: ولماذا ثار الناس على نظام الإنقاذ أو ليس كل ذلك بسبب تدهور الأوضاع المعيشية، وقال إن الحكومة أثبتت فشلها في رفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وتركت المواطن الذي أتى بها لمواجهة مصيره مع الغلاء والوباء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى