إسماعيل حسن يكتب : إنا لله وإنا إليه راجعون

 

* عشرة أيام مرت على رحيلك أخي.. شقيقي.. صديقي.. عادل..

* مرت وكأنها عشرة قرون..

* ويعلم الله ويشهد.. أنني اشتقت لك شوقاً لا حدود له.. شوقاً يصعب عليّ أن أعبّر عنه..

* ويشهد الله الواحد الأحد.. صورتك وأنت تسلم الروح لبارئها أمام ناظري، لا تزال معي أينما جلست.. أو وقفت.. أو رقدت..

* طيفك وأنت تكابد سكرات الموت، وتحتملها بكل جلد وإيمان؛ يحلق أمامي.. وفوقي.. وتحتي.. وعلى يميني.. وعلى يساري.. لا يفارقني لحظة..

* ضحكاتك الخجولة، وكل شيء عشته معك أخي عادل، وعشته معي، ينتصب أمام أعيني… فقد كنت خير أخ.. وخير صاحب.. وخير صديق.. وخير معين.. وخير سند.. الله الله الله… يمين الله.. إن فقد الأخ لا يعوض.. لا يعوض.. لا يعوض..

* لقد عانيت ما عانيت في الشهور الأخيرة أخي عادل، ولم تتضعضع أو يضعف إيمانك… بل تضاعف.. ووراء البسمات والضحكات كتمت دموعك.. وخبأت آلامك.. فكنا كلما نسألك: (أها الليلة كيف؟): تجيبنا (الحمد لله أحسن كتير).. ويا للأسى.. يا للأسف.. لم نكن ندري أنك تسير نحو الموت في صمت.. ويسير نحوك مسرعاً..

* اللهم يا حنان يا منان يا رحيم.. نسألك ببركة هذه الأيام الطاهرة، أن تجعلنا ممن عفوت عنهم.. وغفرت لهم، وحرمّتهم على النار، وكتبت لهم الجنة، نحن ووالدينا ومن نحب..

* وارحم اللهم عبدك عادل حسن موسى محمد، وآنس وحشته، واجمع بينه وبيننا وبين أمنا شامة، وأبانا حسن وأخانا خضر، وأمة محمد، في الفردوس الأعلى يا رب العالمين..

* آمين يا رب العالمين.. آمين يا رب العالمين.. آمين يا رب العالمين..

رسالة إلى وزير الصحة

* بدون أي مقدمات اسمح لي أخي وزير الصحة أن أسألك.. هل تعلم أن معظم الوفيات التي حدثت في الشهور الأخيرة كان سببها الرئيس هو القرار الصادر للمستشفيات بأن لا تستقبل أي مريض في حالة حرجة إلا إذا أبرز شهادة تؤكد أنه لا يعاني من “كورونا”؟؟!!

* عانى أخي عادل في الشهور الماضية من فطريات في القدمين.. ولم تجد كل محاولات علاجه علاجاً جذرياً بالسودان، وفكرنا في علاجه بالخارج، إلا أن جائحة كورونا وقفل المطارات حالا دون ذلك.. وفي الأيام الأخيرة اشتدت عليه الآلام فحملناه صبيحة يوم الجمعة قبل الماضي إلى مستشفى “بست كير”.. باللاماب الخرطوم.. وبعد عدد من الفحوصات، أكد الأطباء أن ملازمته السرير لفترة طويلة أثرت على انسياب الأوكسجين إلى الرئة، وأنه يحتاج لعناية مكثفة غير متوفرة لديهم.. وبدأنا رحلة البحث عن عناية مكثفة في أي مستشفى بالخرطوم..

* ما خلينا رويال كير لا علياء لا الإنجاز لا الساحة لا إبراهيم مالك لا التميز لا الجودة لا مستشفى الشعب..

* رفضت كلها استقباله إلا إذا كان بحوزته فحص يثبت أنه لا يعاني من كورونا.. ولأن نتيجة فحص الكورونا لا تصدر إلا بعد 24 ساعة، فقد تكرم علينا الأطباء في بست كير بتقرير يؤكد أن ما يعانيه المريض هو هبوط حاد في الدورة الدموية، ورغم هذا التقرير الذي يشير “ضمنياً” إلى عدم معاناة المريض من أعراض كورونا، إلا أن معظم المستشفيات  رفضت استقباله، بحجة أن التقرير ليس من جهة مختصة بفحص الكورونا.. وهكذا ظللنا نتجول من مستشفى إلى مستشفى منذ الخامسة عصراً وحتى الحادية عشرة ليلاً، دون جدوى رغم تحركات عدد كبير من الأطباء الكبار معنا.. على رأسهم دكتور عمر محمود خالد والدكتور سامي عبد الدائم والدكتور شهاب الفاتح – لهم الشكر والتقدير الكاملين – وعدد آخر من الأقارب والأهل العاملين في الحقل الصحي.. لنفجع عند الحادية عشرة وخمس وعشرين دقيقة ليلاً برحيل أخي إلى الدار الآخرة مبكياً على شبابه.. ولن نقول إلا ما يرضي الله “إنا لله وإنا إليه راجعون”.. صدق الله العظيم..

* أما الأدهى والأمر.. فكل من رويت له قصة رحيل أخي، ذكر لنا قصة مشابهة راح ضحيتها أبوه أو أخوه أو صديقه أو جاره أو حبيبه، بسبب هذا القرار الغريب، لا بسبب كورونا كما يظن الكثيرون.. فهل يا ترى تراجع الجهة التي أصدرت ذلك القرار قرارها، وتوجه المستشفيات باستقبال أي حالة حرجة تحتاج لعناية مكثفة، أم تصر عليه وتكون بذلك أخطر على شعبها من جائحة كورونا؟؟

* ختاما.. شكري الجزيل نيابة عن الأسرة، لأسرة مستشفى بست كير التي لم تقصر أبداً في تقديم كل عناية ممكنة للمريض.. والشكر للجيران بالصحافة مربع 24 شارع الأشراف.. والأحباب بكل المربعات.. والشكر للأهل بالخرطوم وجلاس وبورتسودان وعطبرة والأحباب والأصدقاء بدول المهجر.. وللإخوة الزعيم محمد الياس ويحيى مرسي واللواء عامر عبد الرحمن والدكتور حسن برقو ومولانا مجذوب مجذوب والإخوة جمال الوالي وعلي أسد والزاكي التيجاني.. وللأساتذة الأجلاء الطاهر ساتي وخالد السكينة ونصر الدين فاضلابي وود الشريف وناصر بابكر ومعتز عبد القيوم ومعتصم محمود وبابكر سلك وزهير عبادي وإبراهيم عبد الرحيم وأبوبكر الماحي ويس على يسن وشجرابي ودسوقي ومزمل أبو القاسم وحافظ خوجلي ومأمون أبوشيبة وعابد سيد أحمد وعبد العليم مخاوي وعبد الله التمادي والأستاذ أحمد حسن “ظلال” وللزميلين أحمد محمد أحمد وعبد الباقي شيخ إدريس وعبد الله مراد بالإمارات، ولأسر القروبات والمواقع الحمراء بالفيس بوك والوات ساب، وروابط المريخ في قطر والإمارات والسعودية، وكل من اتصل أو أبرق في الخاص.. سائلاً الله أن لا يريهم مكروها في عزيز لديهم..

* وكفى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى