قطاع النفط.. احتياطي ضخم ينتظر فرص الاستكشاف

 

الخرطوم: جمعة عبد الله

يُمثِّل قطاع النفط السوداني، أحد أهم القطاعات التي يمكن أن تصعد بالبلاد لمستويات أكبر من حيث الإنتاج، بيد أن تحقيق الهدف يلزمه اجتذاب شركات عالمية في المجال، ولكن من غير الواضح الجزم بإمكانية ذلك من عدمه، حيث يشير مسؤولون بإمكانية تطوير الإنتاج من الحقول الحالية، لكن من غير اليسير الدخول في استكشافات جديدة.

وأدى توقف بعض الحقول وتناقص إنتاجية حقول نفطية أخرى، إلى تراجع إنتاج السودان النفطي إثر انفصال جنوب السودان، من 450 ألف برميل إلى ما دون 100 ألف برميل، وتواصل الانخفاض خلال العامين الأخيرين إلى أدنى من 70 ألف برميل يومياً، مع تزايد حجم الحاجة للطاقة والمشتقات النفطية، وهو ما أرغم الحكومة على استيراد أكثر من 60% من المواد البترولية، لتلبية الاستهلاك المحلي.

معلومات

يُصنَّف لسودان كتاسع دولة عربية من حيث كمية الاحتياطي النفطي، بتقديرات بين “5 إلى 6” مليار برميل من النفط، ويستحوذ على 0.3 في المئة من الاحتياطي العالمي المؤكد، إضافة إلى “2” ترليون متر مكعب من الغاز موجودة تحت الأرض، بيد أن استخراج واستغلال هذا الاحتياطي يحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة لم تكن متاحة طوال السنوات الماضية.

فيما يمثل الاستهلاك اليومي نحو 150 ألف برميل من النفط ومشتقاته تعادل 0.1 في المئة من الاستهلاك العالمي، فيما يبلغ متوسط إنتاج النفط الحالي بين 60 إلى 70 ألف برميل يومياً، أي ما يقل عن نصف احتياجات الاستهلاك.

تنقيب قديم

تاريخياً، بدأت عمليات التنقيب عن النفط في السودان فعليًا بعد توقيع اتفاقية مع شركة شيفرون الأمريكية 1975 وبناءً على النتائج الجيدة لأعمال التنقيب تم التوقيع على اتفاقية أخرى ثنائية مع شركة شيفرون نفسها عام1979 أعقبها إبرام اتفاقيات مع شركتي توتال الفرنسية، وصن أويل الأمريكية وبعد إجراء مسوحات جيولوجية وجيوفيزيائية في مناطق مختلفة من البلاد تم حفر 95 بئراً استكشافية منها 46 بئراً منتجة مثل حقول سواكن، أبوجابرة، شارف، الوحدة، طلح، هجليج الأكبر، عدارييل وحقل كايكانق، و49 بئراً جافة، غير أن هذه الاستكشافات لم يتبعها أي نشاط إنتاجي.

زيادة الإنتاج

وخلال النصف الثاني من العام الجاري، نجحت الحكومة في إضافة “3” آلاف برميل من إنتاج حقل الراوات، كما نجحت اختبارات بئر بترول استكشافية بإنتاجية تبلغ (840) برميلاً في اليوم بحقل أبوجابرة مربع (17)، ضمن خطة لوزارة الطاقة والتعدين لزيادة الإنتاج النفطي. وأوضحت أن شركة شارف في إطار خطتها في زيادة الإنتاج عملت بالتركيز على حقلي أبوجابرة وشارف، من خلال حفر (2) بئر استكشافية و(3) آبار تطويرية، بجانب زيادة الإنتاج باستخدام الطرق المحسنة (IOR) حفر البئر الاستكشافية الأولى (Sharif w1) بنجاح تام وهي في انتظار الربط والدخول في منظومة الإنتاج، بجانب اكتمال حفر البئر الاستكشافية الثانية (AGSE-1) بنجاح ووضعها في الإنتاج التجريبي لفترة من الزمن، وما زالت الاختبارات مستمرة لعمل مضاهاة ومقارنة لهذه الطبقة مع مثيلاتها في الآبار المقبلة بهدف زيادة الإنتاج ويعتبر مربع (17) من المربعات الواعدة بفرص استكشاف وتطوير الموارد النفطية بصورة كبيرة تتميز بجودة خاماتها.

مزاد عالمي مرتقب

ولتطوير الإنتاج النفطي، تعتزم وزارة الطاقة والتعدين الإعلان عن مزاد عالمي قريباً تطرح فيه 27 ترخيصاً لامتيازات البحث والتنقيب عن النفط والغاز وتنميتهما، منها 24 امتيازاً في مناطق برية و 3 امتيازات في مناطقبحرية، بحسب ما قال الوزير المكلف خيري عبد الرحمن أن السودان يأمل في جذب “شركات ذات قدرات تكنولوجية واستثمارية قوية”.

ضعف مواعين التخزين

يقول وزير النفط الأسبق، إسحق جماع، إن السنوات التي أعقبت خروج حقول النفط جنوباً مع الانفصال، لم تنقطع المحاولات لتطوير مناطق النفط المتبقية، بيد أن عقبات التمويل وقفت حائلاً دون إتمام مشروعات كثيرة.

وقال جماع لـ “الصيحة”، إن الاستشكاف والإنتاج يحتاج لميزانيات ضخمة وشركات كبرى، وأوضح أن الاستثمار في قطاع النفط رغم ربحيته العالية للشركات والمستثمرين إلا أنه بطيء العائد وقد يستغرق عشرات السنوات.

وأشار جماع إلى أن عدداً من الشركات العالمية الكبرى جاءت في العام الماضي لبحث الاستثمار النفطي في السودان، بيد أن الامر توقف عند الزيارة دون أن تبدأ خطوات لاحقة فعلية، وأكد وجود مواقع تحوي إحتياطات كبيرة بحسب المسوحات غير أن الاستكشاف كما قال “مكلف جدا”، لافتاً إلى أن الاستثمارات الكبيرة تحتاج إمكانيات وتجهيز البيئة المحلية، موضحًا أن الوضع الحالي غير مساعد للاستكشاف، لكن من الممكن تركيز الاستثمار في زيادة المواقع الحالية ورفع مواعين التخزين لأن البلاد لا تملك مواعين لتخزين كميات كبيرة من النفط.

سياسات متكاملة

وترى الخبيرة الاقتصادية د. إيناس إبراهيم، لتسريع وتيرة العمل في المُربّعات المُستكشفة تمهيداً لإدخالها في دائرة الإنتاج لسد العجز المحلي، مُوضِّحةً في حديث لـ”الصيحة”، أن إدخال حقول النفط الجديدة سيجعل الحكومة في موقف أفضل حال أرادت تحرير سوق المنتجات النفطية، وأشارت لحاجة القطاع النفطي لسياسات مُتكاملة وليست مُعالجات جزئية، ونوّهت إلى عجز الإنتاج المحلي عن تغطية حاجة البلاد من الاستهلاك.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى