الحصانة السيادية.. تسديد فواتير التطبيع!

 

ترجمة ــ إنصاف العوض

كشفت صحيفة “هيل” المقربة من البيت الأبيض الأمريكي، عن عرض إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب (850) مليون دولار على ضحايا الإرهاب لإنقاذ الصفقة بين السودان وإسرائيل.

وقالت الصحيفة: عرضت إدارة ترامب ما يصل إلى 850 مليون دولار لضحايا الهجمات الإرهابية الأمريكية كجزء من الجهود المبذولة لإنقاذ صفقة مع السودان لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل. فيما يرفض السودان تماماً إلحاق اسمه بأية تهمة تتعلق بتفجيرات 11 سبتمبر والتي تخلو صحائفه من جريمتها، وأكد أن ما يجري ما هو إلا إسفاف وحرق للزمن دون خروجه من مآلات التدويل الحرجة لقضايا ليس طرفاً فيها.

وما بين هذه التداعيات وماراثون البيت الأبيض لإكمال صفقة التطبيع مع إسرائيل؛ هل ستنتهي فصول معاناة السودان مع هذه الأحابيل التي ألصقت به بسبب جرائم ليس عنصراً ولا حتى اسمه التصق بمنفذيها في تلك الاوقات، بيد أن إيفاء واشنطن بالتزماتها تجاه السودان لا زال رهينة الحصانة السيادية للسودان لضمان عدم حدوث أي التفاف بإلصاق تهم إضافية عليه قد تعيده للقائمة مرة أخرى. فهل ستكتمل فصول إنهاء معاناة السودان مع هذه القضايا أم إن فواتير التطبيع مع إسرائيل والتي اشترطها السودان قد تطول فصولها؟

تفاوض مشحون

وبحسب مصدرين مطلعين على المفاوضات، أن التعويضات شملت (700) مليون دولار لضحايا هجمات 11 سبتمبر الإرهابية وما يصل إلى (150) مليون دولار لمئات المواطنين الأمريكيين المتجنسين الذين وقعوا ضحايا التفجيرين التوأمين لسفارتي الولايات المتحدة في كينيا عام 1998م وتنزانيا، غير أن أحد المصادر قال للصحيفة الأمريكية، إن تلك العروض انهارت بعد ظهر الإثنين، وسط مفاوضات مشحونة بين البيت الأبيض ومبنى الكابيتول هيل استمرت منذ يوم الجمعة. وأضاف المصدر قائلا “نحن صريحون. نحن على أجهزة الإنعاش.

ووفقاً للصحيفة فإن عرض إدارة ترامب البالغ (850) مليون دولار لتعويض ضحايا الإرهاب الأمريكيين هو جزء من جهود البيت الأبيض للتوصل إلى اتفاق مع الكونجرس لإصدار تشريع يعيد الحصانة السيادية للسودان، ما يسمى بالسلام القانوني، كجزء من شطبها من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وكانت قناة إيه بي سي، أول من تحدث عن التسوية لأول مرة يوم الجمعة، وقالت إن إدارة ترامب عرضت (700) مليون دولار لضحايا 11 سبتمبر الذين يتابعون دعاوى ضد السودان.

صراع أمريكي

ولفتت الصحيفة إلى أنه من غير الواضح من أين ستحصل إدارة ترامب على (850) مليون دولار، غير أنه  يُعتقد أنها ستمول على الأرجح من دافع الضرائب الأمريكي. ونوهت الصحيفة إلى أن إدارة ترامب ألغت تسمية السودان الخاصة بـقائمة الإرهاب يوم الإثنين، وهي خطوة رحب بها أعضاء الكونغرس من الحزبين للاعتراف بالانتقال الديمقراطي الثوري في البلاد بعد الإطاحة الشعبية بالديكتاتورية التي استمرت 30 عامًا لعمر البشير في أبريل 2019. لكن إقرار “السلام القانوني” وصل إلى طريق مسدود في الكونجرس بسبب مخاوف من أن الضحايا وعائلات ضحايا الإرهاب قد لا يتمكنون من رفع دعاوى ضد السودان. ويشمل ذلك تفجيري 1998م اللذين استهدفا السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا، اللذين نفذهما تنظيم القاعدة، وهجمات 11 سبتمبر الإرهابية. وامتنع البيت الأبيض، الذي كان يركز على فتح العلاقات بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية، عن التعليق.

وكان الرئيس ترمب أعلن في أكتوبر أن السودان سيقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، بعد انفراج العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين، وقد احتفل الرئيس بهذه الإنجازات الدبلوماسية، المعروفة باسم اتفاقيات أبراهام، باعتبارها واحدة من أهم إنجازاته في السياسة الخارجية، ويقال إن البيت الأبيض يستعد لحفل توقيع مع السودان قبل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن.

تحفظات سودانية

وأشار مسؤولون سودانيون، إلى أنهم مستعدون للتراجع عن دفء العلاقات مع الدولة اليهودية إذا فشلت إدارة ترامب في تأمين تشريع يحمي الخرطوم من الدعاوى القضائية المتعلقة بالإرهاب.

وقال مصدر قريب من المفاوضات، إن حجب العلاقات مع إسرائيل هو الضمان الوحيد الذي يتمتع به السودان من خلال التأكد من تمرير التشريع قبل تولي إدارة بايدن السلطة، وأن هناك دعماً قوياً من الحزبين في الكونغرس لدعم حكومة السودان الديمقراطية الانتقالية. لكن أكثر من عام من المفاوضات بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية والكابيتول هيل فشلت في تحقيق اتفاق يرضي مخاوف ضحايا الإرهاب والسودان.

وضع السودان (335) مليون دولار في حساب ضمان يهدف إلى تعويض الضحايا الأمريكيين في تفجيري السفارة المزدوجة عام 1998م ومع ذلك، لن يتم تحرير الأموال للضحايا إلا بعد مرور تشريع السلام القانوني. إذا لم يتم تمرير التشريع بحلول نوفمبر 2021م، فستتم إعادة الأموال إلى السودان. ووفقا للصحيفة أصبحت المفاوضات أكثر صعوبة حيث تهدف إدارة ترامب إلى تمرير تشريع السلام القانوني قبل انتهاء ولاية الرئيس.

خيارات تشريعية

ويقول زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر وبوب مينينديز، إنهما اقترحا خيارين تشريعيين على الأقل. وقال شومر ومينينديز في بيان الأسبوع الماضي يدعم الديمقراطيون الرئيسيون في مجلسي النواب والشيوخ كلا النسختين من مشروع قانون مينينديز-شومر ، ونحن على استعداد لتمرير أي منهما قبل نهاية العام نحن نؤيد بشدة الانتقال الناجح إلى الديمقراطية في السودان؛ إن جعل هذه الصفقة تعمل لصالح ضحايا الإرهاب يجب ألا يتعارض مع هذا الهدف. ومع استمرار المفاوضات مع إدارة ترامب، ندعو الجمهوريين في مجلس الشيوخ ووزارة الخارجية إلى العمل معنا لضمان حقوق الجانبين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى