موقف تفاوضي أم تكتيكي ..  هيكلة الجيش.. هل كلمة حق يراد بها باطل؟

 

 

الخرطوم: عوضية سليمان  6 سبتمبر2022م

انتقد مستشار القائد العام للجيش الطاهر أبو هاجة، بشدة حديث بعض السياسيين حول هيكلة الجيش، وقال: إن خروج الجيش والقوات النظامية الأخرى من المشهد السياسي لا يعني مطلقاً إخلاء الجو للحديث غير المسؤول عن هذه القوات, وأكد أبو هاجة أن إفساح المجال للحوار لا يعني تطاول بعضهم وخوضهم فيما لا علم لهم به، وقال للأسف هؤلاء لم يتعلموا حتى الآن من تجاربهم ولم يعوا معرفة الخيط الرفيع الذي يفصل بين الحرية والفوضى، واسترسل قائلاً: حديثهم عن هيكلة القوات المسلحة ما هو إلا (هترشة بلاء وعي). إذاً الحديث عن هيكلة الجيش هل موقف تفاوضي لبعض السياسيين أم تكتيكي للوصول إلى الهدف؟ أم كلمة حق أريد بها باطل؟

عمل بالخارج

يرى الخبير الأمني فريق أول ركن محمد بشير سليمان،  أن الحديث عن هيكلة الجيش ليس جديداً, إنما منذ 2012 ومن قبل انفصال الجنوب. عبر لجنة مكوَّنة من قيادات الحركة الشعبية من بينهم  ياسر عرمان ومالك عقار وخبراء ومستشارين من داخل وخارج السودان وأساتذة جامعات وقتها تم استخراج  وثيقة لها رؤية كاملة تتحدث عن العلمانية تحت مظلة الحركة الشعبية شمال  باسم كيف يحكم السودان, وجاءت عليها وثيقة السلام  الذي تم توقيعه بجوبا  وكيف يحكم  وساروا على هذا الخط إلى أن جاءت الثورة. وأكد سليمان  لـ(الصيحة) أن الثورة سارت في نفس الاتجاه بأن يمحوا  اسم الجيش وتكوين جيش حركات مسلحة, وهذه هي  القضية،  وأضاف بعد إجراءات 25 أكتوبر، الذي قام به البرهان أصبحت العقدة كيف يفكك الجيش السوداني وبرؤية  حزب الأمة والحزب الشيوعي الذي كله حركات مسلحة. مؤكداً بأن من يقصدون هيكلة الجيش السوداني يقصدون -أيضاً- الدعم السريع. في ظل وجود دولة علمانية جديدة تدعو وتتحدث وتحارب الجيش.

تفكيك الجيش

ورأى سليمان من المستحيلات تفكيك الجيش وهم لا يملكون القدرة على فعل ذلك وكل مافي الأمر أنهم مسنودين من القوى الخارجية من الترويكا وغيرها, وهذا هدف استراتيجي لتلك الدول. وتساءل كيف يفكك الجيش السوداني؟  وعلق قائلاً:  حتى اتفاقية جوبا لم تنفذ فيها كل البروتوكولات موضح أن الذين  يتحدثون عن هيكلة الجيش ليسوا مسؤولين وليسوا وطنيين, ليس هنالك شخصاً عاقلاً يتحدث عن تفكيك دولته, وأضاف هؤلاء إذا وجدوا فرصة سوف يتم تفكيك الجيش, لذلك على الجيش أن يعي ذلك. وقال: نحن ضد هذه الرؤية الآن ليس هنالك سلطة حاكمة, لذلك الحديث عن تفكيك الجيش هدف استرايجي للدول بالخارج, وهنالك من يخدم هذه الاستراتيجية.

أمر خطير

وذهب الخبير الأمني اللواء  أمين إسماعيل، في نفس الاتجاه بأن هيكلة القوات المسلحة والقوات النظامية هو مصطلح ظهر بعد الثورة تحديداً في الوثيقة الدستورية, وعقب اتفاق جوبا للسلام. وأكد لـ(الصيحة) أن المصطلح لديه تعريف علمي واضح وأن الهيكلة تعني ترتيب المجموعات أو الوحدات أو الإدارات أو الأقسام بأن تكون رباعية أو ثلاثية, كذلك ترتيب أفقي ورأسي للقوات النظامية. وقال استخدم المصطلح من قبل المجموعات السياسية وبعض الحركات المسلحة بمعنى تفكيك القوات المسلحة والقوات النظامية, مؤكداً أن استخدام المصطلح بهذا المعني أمر خطير جداً لا يجد أي قبول من النخب الأخرى سوى  كانت نخب سياسية أو من الشعب السوداني, باعتبار ان التفكيك أضر بجهاز أمن الدولة في عام 1985م، كمثال لتفكيك عانى منه السودان كثيراً, وتضرر وتعرَّض لاختراق مخابراتي إقليمي ودولي, لسبب حل جهاز أمن الدولة.

دمار الدول

وأضاف إسماعيل: لو نظرنا في الإقليم تفكيك أو حل الجيش الإثيوبي كانت له نتائج كارثية على إثيوبيا حتى اليوم, وقال إذا نظرنا إلى أفريقيا الوسطي وليبيا نجد تفكيك أي جيش أو قوات مسلحة أو أجهزة نظامية تجده يساعد على دمار الدولة, ويساعد على اختراقها سياسياً وعسكرياً وأمنياً, وقال: إن استخدام هذا المصطلح أصبح الآن كرت ضغط على المكوِّن العسكري باعتبار المكوِّن العسكري في أثناء التفاوض وضع هذا الكرت بدون تفاصيل, موضحاً بأن الطريق الآن يسير في اتجاه توحيد كل المليشيات والجيوش الموجودة التي أتت بها اتفاقية جوبا للسلام, أن تدخل تحت مظلة القوات المسلحة وتكوين جيش واحد.

مواقف تفاوضية

وقال أمين: إن هنالك مصطلح يستخدم عن توحيد العقيدة العسكرية له مدلولات علمية, باعتبار أن العقيدة العسكرية تعني لماذا نقاتل؟ هل للتوسع أو ضم أراضي جديدة لتصبح العقيدة عقيدة عسكرية هجومية؟ وتساءل إذا كنا نقاتل لحماية الحدود, بالتالي الحفاظ على وحدة الوطن تصبح عقيدة عسكرية دفاعية, مشيراً إلى ما يعرف بالعقيدة القتالية ويعني كيف نقاتل لنظام القوات المتخصصة؟ وقال إن مسألة العقيدة المقصودة من بعض القوى السياسية تتحدث عن التوجيه المعنوي والاتجاه الآيديوولجي للقوات، بمعنى أن القوات المسلحة في عهد الإنقاذ كانت ذات توجه إسلامي ديني, وكانت هنالك أناشيد ومحاضرات تسير في هذا الاتجاه, والآن يمكن تغيير التوجيه المعنوي بأن يتم تدريب القوات النظامية على الديموقراطية وواجباتها واختصاصاتها, وهو المطلوب الآن من ناحية علمية,  بدلاً من الاستخدام الخاطي, وأكد أن الحديث عن هيكلة الجيش كلمة حق يراد بها باطل وهي التفكيك, وأن أي سوداني وطني يحب الوطن يذهب بالعقيدة التي يحبها الشعب السوداني, مبيِّناً أن ما يصدر من تصريحات هنا وهناك هي مواقف تفاوضية سواءً أكانت على هيكلة أو موافقة على إدماج واستيعاب القوات بالضغط -أحياناً- أو بالقبول من القوات النظامية. ولكن في النهاية مصلحة الدولة الحفاظ على الأمن الوطني السوداني هو المصلحة العليا ولا مانع من دمج كل القوات المسلحة, وكل المليشيات, وكل جيوش الحركات بموجب اتفاق جوبا للسلام.ولكن التدخل الفني, ومحاولة رفد أو إبعاد شخصيات أو ضباط بحكم أن لديهم انتماء هذا الأمر فيه شيء من الخطورة .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى