البنك الدولي.. تشريح حالة الاقتصاد

 

الخرطوم: رشا التوم

ورثت حكومة الفترة الانتقالية تركة مثقلة من تعطل وتدني العملية الإنتاجية وتراجع الأداء العام للمؤسسات الإنتاجية وفقدان موارد وإهدار المال العام،  ما أفقد الاقتصاد الوطني أهم الركائز والدعامات لتقوية الناتج المحلي الإجمالي، وطبقاً لمؤشرات رسمية صادرة عن البنك الدولي  أظهرت تدني الناتج المحلي الإجمالي للسودان بنسبة 65% خلال العشر سنوات الماضية وبنسبة 70% خلال العامين الماضيين.

تلك المؤشرات قطعًا لها دلالتها وانعكاسها على الاقتصاد الوطني والموازنة العامة وميزان المدفوعات الخارجي، وفي عجالة حاولنا معرفة ماهية تلك الدلالات عبر استنطاق عدد من الخبراء في المجال.

قال  خبير الاقتصاد ومستشار التمويل عبد الله الرمادي، إن تعليقه على ما ورد في تقرير البنك الدولي الخاص بالسودان حول تدني الناتج المحلي الإجمالي وتراجعه إلى 65% يشير الى  التغييرات في الفترة التي حدثت خلال العام الأخير، وفي الحقيقة تحاشى البنك الإشارة إليها بصورة واضحة ومكشوفة

وحمل حكومة الفترة الانتقالية مسئولية التدهور الذي حدث في الاقتصاد الوطني، وأكد  أن الإحصاءات التي أعلنها البنك متوقعة لأن هناك أشياء  تسببت في إعاقة عجلة الاقتصاد السوداني، مشيراً إلي أن البعض منها خارج عن إرادة أي حكومة، ولا نستطيع أن نحمل الحكومة وزر ذلك، ومنها جائحة كورونا التي اجتاحت كل دول العالم دون استثناء وأحدثت إبطاء لعجلة الإنتاج والاقتصاد في كافة بقاع العالم،  ولا سيما أنها وجدت عوامل أخرى مساعدة على المستوى الداخلي منها  التحول والتغيير في نظام الحكم والذي بالتأكيد يخلق درجة من عدم الاستقرار السياسي، وقال إن هناك دولاً لا يستغرق الأمر لديها عدة أشهر، ومن ثم تعود عجلة الاقتصاد للدوران مجدداً  ونسبة لتوفر نظم قائمة يحافظ عليها، وبالنسبة الى السودان لم يحدث ذلك، وإنما أضيرت عملية الإنتاج وحركة الاقتصاد  ضرراً بليغاً نتيجة للهزة وعدم الاستقرار السياسي والذي مازال ماثلاً عقب مرور 18 شهراً  وهي السمة السائدة ما عطل عمليات الإنتاج  نتيجة لانفراط العقد، والآن البلاد تعيش مرحلة (اللادولة) وحقيقة التشاكس بين الأطراف التي تمسك بمقاليد الحكم، وهو وضع غير صحي، ولا يعمل على تحريك عملية الإنتاج والذي تدنى  بصورة كبيرة، علاوة على فقدان مواسم زراعية (صيفي ــ شتوي)، غضافة الى عدم توفر العملات من النقد الأجنبي لاستيراد مدخلات الإنتاج من جازولين وتقاوي وأسمدة وخلافها، وكل هذا يشهد تعطلاً واضحاً مما يدعو الى التساؤل كيف تبدأ العملية الإنتاجية في ظل هذة المعطيات؟

وأكد الرمادي بأن  نظام الحكم  ورث قطاعاً  صناعياً حوالي 80% منه متعطل عن العمل،  وما تبقى يمضي في ذات الاتجاه، وضاعف من ذلك أن إدارة شئون البلاد تتم من خلال بعض اللجان التي تم تكوينها ووضعت يدها على كثير من المؤسسات الإنتاجية وعوقت الإنتاج دون معرفة  حصائل تلك المؤسسات وإلى أين تذهب؟

ولفت إلى أن حجم الفقر تضاعف نتيجة لتوقف العمليات الإنتاجية وتوقف قطاعات الصحة والتعليم والزراعة والصناعة والنقل الذي وصل الحد الأدنى لعدم توفر مشتقات الوقود، وكل هذه العوامل وانفراط العقد ووضع اليد على مؤسسات غنتاجية جعل من العسير أن تدور عجلة الاقتصاد كما كان في الماضي، وكل هذا يؤدي الى ضعف العملية الإنتايجية والناتج المحلي الإجمالي وتناقصه وتوقف الصادر نتيجة الفساد والإهمال وعدم وجود دولة تحاسب.

واستشهد برجوع صادر الماشية 25 مرة دون محاسبة المقصرين.

وأكد أن البلاد تسير الآن بالقدر اليسير من حسن حظ الشعب السوداني أن هناك مؤسسات إنتاجية لم تطلها بعض الأيدي حتى يتوقف إنتاجها. وتقع تحت السلطات الأمنية والجيش والتي سعت إلى حمايتها لضمان استمرار عملها، ونادى لعدم التفريط  فيها، وزاد: (لو لم تكن تحت أيدي القوات النظامية لذهبت مع الريح).

وتساءل عن مصير المؤسسات التي تمت خصخصتها واستردادها، وهل تم حصرها لوزارة المالية؟ وهي تعد جزءاً من الناتج المحلي الإجمالي؟

ولفت الى تعاظم فقدان الموارد، مما دعا البنك الدولي لإصدار تقرير بشأن تراجع الناتج المحلي الإجمالي في البلاد بمثل هذه الضخامة بنسبة 65% وهي نسبة مخيفة مما يؤكد بأن البلاد أصبحت في حاله تعطل، ولا ننسى معدلات البطالة وحالة قياسها ستكون الأعلى في تاريخ السودان نسبة للمجازر التي تمت في الخدمة المدنية وليس بغرض تخفيض الإنفاق الحكومي ولكن لملء الشواغر بكوادرعديمة الخبرة مما عطل المؤسسات الإنتاجية، ولكل هذه الأسباب ليس مستغرباً التدهور الكبير في الناتج المحلي الإجمالي وميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة نتيجة تعطل العملية الإنتاجية، ولم تستثن القطاع الخاص، وفقدان حصائل الصادر نتيجة التسيب والإهمال.

ودعا إلى تفعيل الإجراءات وترتيب البيت الداخلي لإحداث النقلة المطلوبة.

 

وفي تعليقه على ما ورد في تقرير البنك الدولي، أكد وزير المالية الأسبق عز الدين إبراهيم أن التقرير بني على ظاهرة  إحصائية فقط نتيجة لتراجع الجنيه السوداني مقابل الدولار، مبيناً أنه في حال استمرار تدهور سعر الصرف كلما زادت قيمة الدولار، وفي حال قوي سعر الصرف سوف يزيد  الناتج المحلي الإجمالي، مشيرًا إلى أن طريقة حساب الناتج المحلي  الإجمالي لغالبية الدول يتم وفقًا لتحويله الى دولار أو بحسب القوة الشرائية، وهما طريقتان للحساب متعارف عليهما في العالم.  وأكد أن البنك الدولي يعتمد على القياس بالدولار للناتج المحلي الإجمالي،  وهي كما ورد مجرد ظاهرة حسابية ليس إلا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى