صلاح الدين عووضة يكتب : ولا أنا!!

 

كان كاتباً نجماً..

وظل الأكثر مقروئية في الوطن العربي إلى أن مات..

وقبل موته بقليل أُجري معه آخر لقاء تلفزيوني سُئل فيه عن هذه الحقيقة فقال (آه) وصمت..

فهو سؤال مُحرجٌ… وكان بطبعه خجولاً..

إنه الكاتب الصحفي أنيس منصور الذي هرب من عوالم الجامعة إلى دنياوات الصحافة..

ورغم تخصصه في الفلسفة فقد كان كلامه سهلاً… وكتاباته أسهل..

وقبل أن يدفع بعموده إلى سكرتارية الجريدة كان يدفع به إلى ساعيه الخاص ليقرأه أولاً..

ثم يسأله إن كان قد فهمه أم لا..

فإن أجاب (نعم) اطمأن إلى أنها كلمة مفهومة… وإلا أعاد تبسيطها إلى أن يفهمها الساعي..

وعكس نهج أنيس هذا نفعل نحن في بلادنا..

سواء على صعيد الكلام – في ضروبه كافة – أم على صعيد الكتابة الصحفية… والأدبية..

فنحن ننفر من الكلام السهل… ومن الكتابة السهلة..

ونظن – وبعض الظن غباء – أننا إن بسَّطنا دل هذا على بساطتنا… وسطحيتنا… وتسطحنا..

سيما الذين يسبق أسماءهم حرف (الدال) منا..

فالسهل من الكلام – والكتابة – في نظر الأخيرين هؤلاء عيبٌ كبير ينتقص من (دالهم)..

وليتهم استمعوا إلى العالم (العالمي) أحمد زويل في آخر محاضرة له..

فقد كانت سهلة… متبسطة… منبسطة؛ تحفها الفكاهة… والطرافة… واللطافة… وخفة الدم..

وهي مزايا نفتقر إليها مثل افتقار فترتنا الانتقالية هذه للنجاح..

ونلخص لكم الآن نموذجين من نماذج العسم الكلامي لرمزين من رموز هذه الفترة (المعسمة)..

والذي لا تتوقع منه إلا انعكاساً (متعسماً) على أرض الواقع..

فمن لا يفهم ما يقول – ولا يفهم الناس ما يريد قوله – من البديهي ألا يفهم ما يفعل لينجز..

أسمعوا هذا القول واحكموا بأنفسكم:

لابد من وضع خطة لكافة العمليات الإحصائية من تعدادات ومسوحات وتوفير المعلومات..

فقضية الفقر تمثل أكبر التحديات لتحقيق التنمية..

فمن الضروري وضع سياسات وبرامج تستند إلى أدلة ومؤشرات تعكس حجم الظاهرة..

طيِّب؛ قائل الكلام أعلاه هو وزير مجلس الوزراء..

وكان كلامه عن كيفية محاربة الفقر… فهل عرفتم لِمَ نحن فقراء الآن رغم (ثراء) ثورتنا؟..

وأزيدكم من الشعر بيتاً (معسماً)..

فربما تقولون: ما له والفقر؟……. فهذه مسؤولية الوزيرة المسؤولة عن قضية الفقر..

أسمعوا – إذن – ماذا قالت الوزيرة المعنية:

إن مسح ميزانية الأسرة والفقر سيوفر الإحصاءات التي تعكس حقيقة الوضع الراهن..

يعني الوضع الآن غير (منعكس)… فتأمّل..

والآن بعد أن أوردت لكم الجانب الذي رأيته (مفهوماً) – إلى حدٍّ ما – من كلام عمر مانيس..

والجانب الأكثر (تبسيطاً) من كلام لينا الشيخ..

فهل فهمتم – أنتم – شيئاً دعكم من (سعاة) مكتبيهما؟..

ولا أنا!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى