الوقود: تراجُع  الأسعار وشكاوى الندرة

 

الخرطوم: رشا التوم

تشكل  قضية  الوقود  هاجساً يؤرق المواطنين حال ارتفعت أو انخفضت أسعاره وأزمة الوقود تشكل ايضاً ملمحاً من ملامح الأزمات التي ورثتها الحكومة  الانتقالية، ورغم إعلان عدة ضوابط وسياسات جديدة ما تزال صفوف الوقود على حالها دون معالجة جذرية، ويشكل النقد الأجنبي اللازم للاستيراد أكبر المعيقات  في طريق الحل، وما زالت صفوف السيارات أمام محطات الخدمة العنوان الأبرز، وحتى بعد إعلان الوزارة  عن تراجع طفيف في تسعيرة المحروقات  وتحسن موقف  الإمداد، إلا أن الأزمة ما زالت مستفحلة كما في السابق. والشاهد أن ازمة الوقود لم تقتصرعلى العاصمة بل تجاوزت إلى الولايات.

 ما بين السعرين 

وأمس  أعلنت وزارة الطاقة والتعدين عن خفض أسعار البنزين  والجازولين  الحر106 جنيهات اللتر بدلاً عن 120 جنيهاً  ولتر الجازولين الحر من 99 جنيهاً بدلًا عن 106  بينما شهد انخفاض لتر البنزين الحكومي  54.7 بدلاً عن 56 جنيهاً. وكانت الوزارة قد عملت على زيادة أسعار المحروقات أواخر شهر أكتوبر الماضي،  حيث تقرر سعر الجاز التجاري المدعوم اللتر بواقع 46  والجالون 207 جنيهات،  والبرميل 9108 جنيهات  والجاز الحر اللتر بواقع 107  والجالون 4815  والبرميل 21186  والبنزين التجاري المدعوم اللتر 56 والجالون 250 والبرميل 11088 والبنزين الحر  اللتر 120 والجازولن 540 والبرميل 23760 جنيهاً.

وأكد وزير الطاقة والتعدين خيري عبد الرحمن، سعي وزارته لتوفير الوقود  والحرص على استمرار الإمداد، وأوضح أن دور الوزارة فني، وفي نفس الوقت تشارك في العمل على مراجعة الأسعار بالنسيبة للوقود التجاري بالتنسيق مع وزارة المالية.

مبيناً أن ملف الوقود مازال يمثل معضلة أساسية للحكومة مؤكداً على رفع الدعم عن البنزين والجازولين، وقال إن رفع الدعم عنهما له آثار سالبة لكنه يكفل نوعاً من العدالة لمستخدمي السلعتين.

توفر الامداد **

من جانبه،  أكد مدير عام الإمداد  وتجارة النفط  بوزارة الطاقة والتعدين  جمال حسن، أن السودان يحتاج إلى 6 بواخر جازولين،  و2 باخرة بنزين  و6 بواخر غاز  في الشهر.  مشيراً إلى أن أعداد تلك البواخر تتضمن الحاجة الفعلية بالإضافة إلى الاحتياطي الاستراتيجي. وكشف أن العطاءات  التي طرحت  فرزت بشفافية،  مشيرًا الى أن تأخر مصدر تمويل سداد الشحنات أدى إلى  تأخر تفريغ البواخر.

تراجع طفيف

ولندرك آثار قرارخفض المحروقات  على الشارع العام وفي أوساط  سائقي المركبات العامة، قال سائق حافلة كريز في خط الجيلي- بحري،  إن التخفيض في أسعار المحروقات   طفيف يكاد لا يذكر، وليس له أثر في خفض تعرفة المواصلات  والتي  تضاعفت بنسبة 200% قبل فترة زمنية وجيزة، وانتقد عدم ثبات أسعار الجازولين  وسرعة استبدال الأسعار في الوقت نفسه أكد أن حافلات النقل العام مازالت تصطف في الطلمبات من أجل الحصول على الجازولين سواء مدعوماً أو حراً بصعوبة تامة، وفي بعض الأحيان يضطر السائقون للشراء من السوق الأسود لعدم توفر الجازولين الحر في محطات الخدمة، مما يؤدي إلى مضاعفة التعرفة للركاب بغية سد الفروقات في السعر وتغطية تكاليف الصيانة والاسبيرات

 

وفي رصد ميداني لمحطات الوقود العاملة، أن السمة السائدة تراص الصفوف، وتكدس المركبات ووسائل النقل العام وعربات الملاكي في انتظار الجازولين والبنزين، حيث أفاد صاحب طلمبة  ببحري ــ فضل حجب اسمه لـ (الصيحة)، أن الموقف الآن غير مطمئن لعدم توفر الوقود سواء بسعر موحد أو غيره،  مشيراً إلى نقص كبير في الوقود، وشكا من تمدد السوق الأسود رغم الإجراءات  والتدابير التي أقرتها الحكومة.

وقال إن هناك جهات لم يسمها تتسبب في الأزمة ببيعها الوقود في السوق السوداء، وتجاوز سعر البرميل الواحد 35 ألف جنيه.

هرج ومرج

عدد من سائقي المركبات جأروا بالشكوى من عدم الحصول على الوقود، وأجمعوا في حديثهم لـ(الصيحة)، على أن الأمر بات “مهمة صعبة”، وعابوا علي الحكومة ترك الأمر للتجار وشركات الاستيراد الخاص التي باتت تربح على أكتاف المحتاجين للوقود.

وقال إن القرارات أصبحت غير مدروسة وساد الهرج والمرج القطاع، وكل ذلك تحت نظر وسمع  الأجهزة الأمنية، مشيرين ألى أن البعض منهم  اضطر  للبقاء ساعات طويلة في صفوف ممتده  حتى يتزود بالوقود، كما عمقت الأزمة صعوبة المواصلات، والتي بدورها زادت التسعيرة  لتغطي احتياجات الرحلة والاسبيرات للمركبات العامة، ونتيجة أيضاً للوقوف ساعات طويلة مما يقلل العائد المالي لأصحاب المركبات.

وقال صاحب مركبة عامة، إن الأزمة تتجدد في أوقات متقاربة  وخلال الأسبوع الماضي ظل في انتظار دوره للحصول على وقود لما يقارب يومين كاملين، وفي بعض الأحيان لا يحصل على حصته لنفاد الوقود من الطلمبة،  مما يضطره للجوء إلى السوق الأسود لشراء حاجته بسعر مضاعف، مشددًا على أهمية تدخل الحكومة ومكافحة المتعاملين في السوق الأسود لأنهم هم من يتسببون في الأزمة.

ارتباط مباشر  

وفي السياق نفسه، طرح المحلل الاقتصادي د. عصام الزين سؤالاً جوهرياً عطفاً على خطوة تخفيض أسعار النفط هل هنالك صفوف ومعاناة أم لا؟

وقال في حديثه لـ(الصيحة)، إن مشكلة المحروقات الحقيقية ليست في التسعيرة، وإنما هل متوفر؟ وهل يتم الاستيراد بصورة متواصلة؟ وذلك للارتباط المباشر بين المحروقات والعملة الصعبة.

وشدد عصام على أن مشكلة البلاد الرئيسية تتمثل في عدم المقدرة على استيراد المشتقات لعدم توفر النقد الأجنبي،  واعتبر الحديث حول الدعم والتهريب والأزمات التي تحدث في دول الجوار (كلام والسلام) ــ على حسب تعبيره.

وقال إن المواطن العادي (ما عايز تبريرات) إنما فقط ينظر  إلى تحسن الأحوال من عدمها،  ولذلك خفض أو رفع أسعار الوقود لا يشكل فرقاً،  ونوه إلى أن حديث  وزير الطاقة والتعدين عن توقف  عمل المصفاة  في ديسمبر المقبل يخلف قطعاً توقعات بالمزيد من الضغوط  خاصة فيما يتعلق  بتوفر  غاز الطبخ المنزلي وغاز المخابز، مشيرًا إلى كرُّر ذات المشكلة سنوياً، وأبدى أسفه بأن البلاد تعيش نفس المشكلات الموروثة منذ عشرات السنين دون تغيير.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى