القيادي بقوى تحرير السودان والجبهة الثورية إسماعيل أبّو لـ(الصيحة)

* ما يفعله الشيوعي (هرجلة)

* جئنا للداخل ولم نحمل حقائب مليئة بالأموال

* السلام تأخر لأن بعض قوى الحرية حاولت أن تستأثر بالسلطة على حساب الآخرين

* الوثيقة الدستورية كشفت لنا نوايا الشركاء بطريقة واضحة

تجمع قوى تحرير السودان هو نتاج لوحدة اندماجية بين مكونات فصائل حركة وجيش تحرير السودان، عقب التشظيات التي ضربت مسيرة الحركة. وتكونت القوى من ثلاثة فصائل انضمت إليها فصائل ومجموعات شبابية أخرى وانضمت أحزاب كانت في طور النشأة. ويتكون التجمع من ثلاثة فصائل هي حركة وجيش تحرير السودان للعدالة بقيادة الطاهر حجر، وحركة تحرير السودان للوحدة بقيادة الأستاذ عبد الله يحيى، وحركة العدل والمساواة الجديدة بقيادة الجنرال عبد الله جنا. من ثم جاءت حركة تحرير السودان القيادة التاريخية وانضمت لقوى تحرير السودان وأيضاً جاءت حركة تحرير السودان الخط الإصلاحي، وانضمامات شباب يرون أن المشهد السياسي يحتاج لعملية تجديد.

الصيحة استنطقت نائب رئيس وفد تجمع قوى تحرير السودان والقيادي بالجبهة الثورية الأستاذ أسماعيل أبو وطافت معه حول معظم القضايا التي تتعلق بالمشهد السياسي عقب عملية السلام وقبله.. فإلى حصيلة اللقاء:

 

حوار/ عبد الله عبد الرحيم

* كيف تنظرون لمسيرة السلام وماذا تبقى لإنفاذه؟

المسيرة بدأت قبل سنة، ولكن السلام تأخر كثيراً، وحسب تقديرنا كان ينبغي بعد سقوط النظام البائد أن تبدأ عملية هيكلة جديدة لبناء وتأسيس منصة انطلاق للسودان، لأن كل الموجودين كانوا يطالبون بالتغيير داخل الكفاح المسلح أو الأحزاب، لتأسيس دولة المواطنة، لكن مشكلة العقل السياسي السوداني بنيت على متناقضات في التفكير يطالبون بالعدالة وغير عادلين في أنفسهم ويطالبون بالديمقراطية وغير ديمقراطيين داخل مكوناتهم الحزبية وتهميشيين، وهذه واحدة من إشكاليات النظام السوداني.  وكان ينبغي أن يكون بناء الوثيقة الدستورية شاملاً  لكل الأطراف بما فيها قوى الكفاح المسلح ومكونات الحرية والتغيير، لكن بعض مكونات الحرية والتغيير رأت أنها يمكن أن تستأثر بالسلطة على حساب الحركات المسلحة بطريقة فيها إرساء لعملية إقصاء وتهميش بطريقة جديدة، وهذا هو ما أدى لتأخير عملية السلام. وقد تم رفض إدماج وثيقة أديس في الوثيقة الدستورية التي يفترض أن تعالج كل القضايا الموجودة. فالوثيقة الدستورية كانت ناقصة بشكل كبير ووضعت بطريقة تفكير قاصر، لم تضمن فيها القضايا المحورية، وكان كل تفكيرهم هو كيف يمكن أن يستولوا على السلطة فقط، وهذا ما أضر بعملية السلام، ولكنها كشفت لنا نوايا الشركاء بطريقة واضحة.

* هل كان شركاؤكم يريدون إبعادكم من الملعب السياسي؟

كل القوى السياسية الموجودة كانت مستفيدة من النظام السابق، وكلهم كانوا شركاء أصيلين له، وظهورهم الآن واحدة من الإشكاليات.

* اتفاقية السلام هل عالجت كل القضايا التي ذكرتها أم أن هناك ما لا يزال يريد بحثاً؟

الاتفاقية في حد ذاتها ناقشت القضايا، ووضعنا كل قضايا الدولة السودانية أمامنا وقسمناها لفئات، الفئة الأولى مثلاً جذور الأزمة التاريخية مثل الظلم والتهميش والاستئثار بالثروة والسلطة واحدة من الاختلالات التاريخية، والجزئية الثانية أفرازات الحرب والتهجير واللاجئين والدمار والإبادة الجماعية، تمت مناقشتها بصورة مستفيضة وتفصيلية. فتقاسم السلطة والثروة تناولناه بطريقة تفصيلية شملت حتى مسألة القرار، وقمنا بتقسيم هذه القضايا لمراحل، فهناك مشاركة فعلية على مقاليد القرار، وهناك جزئية أخرى تتعلق بالبنية التحتية للدولة والخدمة المدنية، فأقررنا نسبة الـ20% لأبناء دارفور، ولم يقتصر الأمر على دارفور فقط، وإنما كل الولايات وجدت حظها ونصيبها من خلال الاتفاقية.

* غياب عبد الواحد والحلو هل يؤثر في عملية السلام؟

نعم، لهما تأثير كبير، ولكنه لن يوقف عملية السلام، هؤلاء رفاقنا ووجودهم مهم في تعزيز عملية السلام وللمشهد السياسي من خلال تعزيز وبناء منصة جديدة لانطلاق بناء دولة سودانية جديدة ولإنهاء التعقيدات التي تشهدها الساحة السياسية والمساهمة في معالجة الوضع الاقتصادي، الامن والاستقرار هو مدخل لعودة اللاجئين والنازحين لقراهم للمساهمة في بناء الواقع والمستقبل للسودان.

* أيهما أكثر تأثيراً على عملية السلام عبد الواحد أم الحلو؟

اتفاق جوبا ناقش كل القضايا السودانية بشمولية الأطراف في كل المسارات الخمسة، ورفيقنا عبد الواحد يمكن يكون له موقف ورؤية مختلفة ومبادرة صريحة سيكون لها وقع خاص ومبادرة حقيقية لدعم عملية السلام من الداخل دعماً لاتفاق جوبا، ونحن في انتظاره.

*هل لكم معه اتصالات؟

كخط وحدوي لتجمع قوى حركة تحرير السودان، دخلنا معه قبل فترة في تكوين لجان مشتركة لدراسة وحدة الحركة، ولكنها توقفت بعد أن دخلنا المفاوضات ورفض هو المنبر لكن الاتصالات موجودة بشكل شخصي.

*وهل رفض فكرة تجمع حركات تحرير السودان في جسم واحد؟

لم يرفضه، ولكن هناك لجان موزعة للعمل المشترك في كل الاتجاهات، ولكن تباعدت الخطوات حينما ركزنا جهودنا على العملية السلمية وأهملنا عملية وحدة الحركة.

* دمج اتفاق جوبا في الوثيقة الدستورية أفرز العديد من وجهات النظر والرفض؟

حاليًا اتفاق السلام أصبح جزءاً من دستور البلاد وإضافة إليه بنسبة 200% فنحن أزلنا التعارض الموجود في الوثيقة الدستورية ومؤاءمته لصالح تنفيذ اتفاق السلام أضفنا بنوداً جديدة وعدلنا في بعضها. ما يهمنا كان مناقشة القضايا بشمولية وليس على إطار ضيق كما تم في الوثيقة الدستورية.

* كيف تنظر لرفض إدماج السلام في الوثيقة الدستورية من بعض الأطراف؟

الذين يرفضون هم ينظرون على أن الاتفاقية سوف تضيف أشياء يمكن أن تخصم من أفكارهم ومصالحهم الضيقة التي ترفض بعض المكونات، لأن بعض الأحزاب سيطرت في كتابة الوثيقة ودخلت في اتفاق مع المكون العسكري والرفض يأتي من هذه الأطراف ذات العقلية الضيقة للمحافظة على امتيازاتهم التي كانوا يجدونها من الأنظمة السابقة.

* الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية نفسها تشهد هذه المغالطات والآن هي في مفترق طرق؟

دعنا نمضي في عملية إصلاح ووفاق الحاضنة السياسية هم رفاق لنا في العمل السياسي والنضالي، ولكن منهم من كان يمتاز بمميزات من النظام السابق، ويريدون أن يوجدوا لأنفسهم مكانة خلال الوضع الجديد. ونحن نعول على الذين يريدون أن يمضوا معنا لنظام جديد موجودين داخل قوى الحرية والتغيير بغض النظر عن الرافضين والذين هم كرسوا مواقفهم على ذلك.

*  الشيوعي قرر مغادرة الحاضنة قوى الحرية والتغيير؟

الأمر ليس جديد، فقد لوح الشيوعي بذلك أكثر من مرة ونحن نقول إذا الشيوعي يريد المغادرة وقرر ذلك فعليه أن يسحب كوادره الموجودين في الحكومة، فنحن سئمنا من مواقفه ونسعى لنؤسس لانطلاقة جديدة، وما يحدث ويصدر من الشيوعي “هرجلة سياسية” فلا يصح أن تكون مع الحكومة ومع المعارضة (كراع جوه وكراع بره)، على الشيوعي أن يذهب ويترك المساحة لنأتي بآخرين يؤيدون الحكومة ويعملون لأجل السودان ونهضته ولديهم الرغبة في تغيير الواقع الموجود.

* برأيك ما الذي لا يعجب الشيوعي في الحاضنة السياسية للحكومة؟

لا يوجد ما يعجب الشيوعي وينطبق عليه المثل (لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب)، فهو يريد أن يسيطر على كل شيء، ولذلك فهو سيفقد كل شيء، ونحن ندعوهم ليكونوا جزءاً من الحاضنة السياسية بعقلية جديدة وإلا فليذهبوا غير مأسوف عليهم.

* ألا يؤثر خروج الشيوعي من الحاضنة السياسية؟

قد يؤثر في تعقيد المشهد بالنسبة للحكومة الانتقالية ويلقي بظلال سالبة فهو ضد الجميع، لكن الحكومة لن تتأثر بذهاب أحد.

* لديه اتفاقية مع الشعبية (الحلو)؟

هو لديه اتفاقيات مع تنظيمات مختلفة ولكنه يعمل ضدها سراً.

*هل لكم اتفاقيات مع الشيوعي؟

نحن والشيوعي لا تجمعنا رؤية إطلاقاً ولا مبادئ مشتركة ولكن يمكن يكون لدينا اتصالات معهم ولكنها ليست لدرجة الشراكة، فالشيوعي جزء من منظومة الاحزاب السياسية الموجودة ولكن تحركاتهم ضد برامج وأفكار وأطروحات الحكومة وخروج شخص لا يؤثر على الحكومة ولا على إنفاذ اتفاقية السلام.

* ما هي الصعوبات التي تواجه الترتيبات الأمنية وما صاحبته من جدال؟

في اتفاقية جوبا الترتيبات الأمنية مختلفة عن تلك التي أبرمت في اتفاقيات سابقة. ففي السابق الاتفاق يتحدث عن دمج فقط للقوات، ولكن هنا اتفقنا على الهيكلة  للمؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية والشرطية كما اتفقنا على أن كل المسميات الأخرى من القوات غير الرسمية اتفقنا على أن تكون خارج السيستم أو أن تدمج في القوات الرسمية وأن نؤسس لنواة جديدة للجيش.

* ما هي المعالجات التي يحملها اتفاق السلام لمعالجة المشكلة الاقتصادية للسودان؟

عقب التوقيع نحن أتينا للداخل ولن نحمل معنا في جيبنا حقائب مليئة بالأموال، وإنما جئنا بمفتاح حقيقي يعالج أزمة التدهور الاقتصادي في السودان، أتينا بالسلام وهو يؤسس للأمن والاستقرار، وفي رؤيتنا في تجمع قوى تحرير السودان أن الأزمة الاقتصادية للسودان لا تحل بالديون ولا القروض وإنما تحل عبر الإنتاج وأحد مفاتيح الإنتاج هو عملية السلام الضامن للأمن والاستقرار.

ولدينا أيضاً رسالة وهي أن يرجع الشعب السوداني للإنتاج وعملية الإنتاج تحتاج للاستقرار وهي مرتبطة بالنازحين واللاجئين، لذلك اتفاقية السلام وضعت أطراً محددة لمعالجة هذه المعضلة التي تتعلق بالنازحين واللاجئين والتي من شأنها أن تعيد هؤلاء للمساهمة في دائرة الإنتاج.

* هل لازالت عودة اللاجئين والنازحين تواجه بعض الصعاب خاصة وأن الحرب قد أنتهت بتلك المناطق؟

الحرب وقفت، لكن العودة مرتبطة بإعادة ما دمرته الحرب عبر المفوضيات التي تم إقرارها في مصفوفة جوبا لبناء السلام.

* وأين هذه المفوضيات الآن؟

وفقًا للمصفوفة، هناك مفوضيات سيتم تشكيلها بعد شهرين من التوقيع، وأخرى بعد ثلاثة أشهر. أمامنا فرصة شهر أو زيادة لتكوين المفوضيات.

* الانفتاح الخارجي للسودان كيف تنظرون للتوجه الجديد للحكومة الانتقالية في التواصل والتطبيع مع إسرائيل؟

هذا هو الخط الصحيح الذي يجب أن يكون، فنحن ليست لدينا مشكلة مع إسرائيل، وإنما المشكلة بين إسرائيل وفلسطين، وهذا الإشكال يعالج في إطارهما فقط، أما نحن كقضية إنسانية وعدالة نقف مع الحق إن كان مع فلسطين.

* كيف تنظر لمشروع السودان مع أمريكا بعد ذهاب ترامب؟

أمريكا دولة مؤسسات لا يؤثر فيها ذهاب رئيس أو قدوم آخر، فهي دولة ملفات وقضايا استراتيجية موجودة، لذلك السودان سوف لا يواجه مشكلة مع أمريكا.

*رسالتك للشعب السوداني؟

اتفاقية السلام اتفاق سياسي بين أطراف العملية السلمية والحكومة ولكن سيعم خيره كل السودان والسودانيين، نعم هناك جزئية استحقاقات أو معالجة المتضررين من الحرب، ولكنها ليست خصماً على حقوق الآخرين، فالذي نريده أن يلتف الجميع حول الاتفاق حتى يتنزل على أرض الواقع.

ولأهل دارفور نقول لهم إن السلام أتى وللكل، مع حفظ حقوق واستحقاقات الذين تضرروا، ونريد أن نؤسس لمنصة جديدة للانطلاق، ونوصي الإدارات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني واللاجئين أن يؤسسوا لمنصة حوار داخلي يختص بالشأن الاجتماعي لتوطيد العملية السلمية التي تمهد لعودة اللاجئين لقراهم.

* وكيف تخاطب الممانعين والرافضين للاتفاق؟

نقول لهم إن وجودكم مهم للمساهمة في وضع حجر الأساس الجديد للسودان، وأن يسرعوا برؤيتهم للمشاركة في هذا البناء.

نحن متفائلون بالسلام رغم أننا وقعنا الاتفاق في ظرف حرج ونعلم جيداً أن البلد ليس فيها شيء، لكن العزيمة التي وقعنا بها الاتفاق هي الضامن الوحيد، ونبشر نحن كأطراف العملية السلمية حكومة وحركات مسلحة بهذا الاتفاق.

* جهود الوسيط في عملية سلام السودان؟

المنبر والوسيط قام بدور كبير جداً، نحن من توافق على أن تكون جوبا هي منبر التفاوض، رغم أنها كانت في حاجة لعملية السلام الداخلي، وحسناً لأن مجريات سلام السودان في جوبا ساهم في إنجاز اتفاق السلام بجنوب السودان بواسطة السودان، وهذه واحدة من المنافع لتبادل الأدوار بين البلدين.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى