دمج اتفاق السلام في الوثيقة الدستورية.. جدل مستمر!

 

تقرير/ عبد الله عبد الرحيم

رغم إجازته مؤخراً من قبل الحكومة الانتقالية مجلسي السيادة والوزراء، إلا أن عملية دمج اتفاق السلام في الوثيقة الدستورية لا زال يواجه جدلاً مستمراً وسط المكونات السياسية المختلفة، وصارت بالتالي إحدى العقبات التي تعترض اتفاقية السلام الموقعة بجوبا. فقد برز الخلاف جوهرياً بين الجبهة الثورية وقوى الإجماع الوطني المكون الأبرز للحرية والتغيير من قبل حول دمج الاتفافية داخل الوثيقة الدستورية، بيد أن الخطوات سارت وتم الدمج أمس الأول، وكانت “قحت” تصر على رفض دمج الاتفاقية بواسطة مجلسي السيادة والوزراء، وتطالب بأن يكون الأمر عبر المجلس التشريعي، بينما ترى الثورية أن مجلس السيادة والوزراء هما المنوط بهما التشريع حالياً وتقع عليهما مسؤولية دمج الاتفاقية، الشيء الذي يجعل مراقبين يتساءلون عن مستقبل الاتفاقية في ظل هذه التقاطعات، وما هو موقف الرافضين لهذه الخطوة في الوقت الذي تأمل فيه قيادات الحركات المسلحة إكمال الخطوة للمسارعة في إنزال الاتفاقية على أرض الواقع فهل سيطول الانتظار؟

إجازة مشروطة

تأتي إجازة مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، للوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية (تعديل) لسنة 2020م، حدثاً مهماً هذه الأيام فقد استطاعت أن تصمت الكثير من الألسن التي تشير إلى أن ذلك من المستحيلات، وكانت بمثابة عقبة كؤود أمام إنزال مستحقات السلام التي وردت في الاتفاقية المشهودة أوائل شهر أكتوبر المنصرم. وأقرت التعديلات اعتبار اتفاق جوبا لسلام السودان المرفق بالوثيقة والموقع في 3 أكتوبر 2020م، بين حكومة السودان الانتقالية وأطراف العملية السلمية جزءاً لا يتجزأ منها، وفي حال التعارض بينهما يزال التعارض بما يتوافق مع نصوص اتفاق جوبا لسلام السودان.

دمج مفاجئ

وأكد دكتور أبوبكر آدم محلل سياسي لـ(الصيحة) أن عملية الدمج التي وقع عليها رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وتم نشرها في الجريدة الرسمية لجمهورية السودان العدد (1908) بتاريخ 2 نوفمبر 2020م.  كانت مفاجئة للوسط السياسي، لأن الكثير من اللغط دار قبل عملية الدمج التي جاءت في بنود اتفاق جوبا، وقال إنه وبحسب الاجتماع المشترك للمجلسين، فإنه سيعمل بها من تاريخ التوقيع عليها. وأكد أن التعديلات بحسب رأيه جاءت مقبولة لجهة أن هذا المطلب هو ما يحقق كل ما جاء في الاتفاقية للتماشى مع رغبات وقناعات موقعي اتفاقية جوبا لتضمن مسيرة السلام بسلاسة.”

ويرى أبوبكر أن معظم قوى الحرية والتغيير مع دمج الوثيقة عبر المجلس التشريعي وفقاً لنص المادة (78) من الوثيقة الدستورية ولن نسمح مطلقاً بتعديل الوثيقة الدستورية بإدخال اتفاق سلام جوبا عبر اجتماع مشترك ما بين مجلسي السيادة والوزراء.

جدل قانوني

فيما أكد الخبير القانوني د. السر محمد حسن لـ(الصيحة) أن التعديل الذي ورد في المادة 11 يلغي البند (2) ويستعاض عنه بـ “يشكل مجلس السيادة من أربعة عشر عضواً، خمسة أعضاء مدنيون تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير، وخمسة أعضاء يختارهم المكون العسكري، وعضو مدني يتم اختياره بالتوافق بين المكون العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، وثلاثة أعضاء تختارهم أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، ويجوز للجهات التي قامت بالاختيار حق تعيين واستبدال ممثليهم”  أرضى كل الأطراف لجهة أن الأغلبية التي كانت تعارض على الدمج هي قوى الحرية والتغيير، ولكن حصر التمثيل في الأطراف التي نصت عليها الفقرة كانت مقنعة للكل، لذلك يرى السر أن التعديل قانونياً جاء بحصافة عالية روعي فيه روح الوفاق لإكمال الوثيقة الدستورية التي أكد موقعوها أنها ستتماشى مع رغبات الحركات المسلحة التي لم تحضر التوقيع عليها في العام 2019م.

ويضيف السر بقوله: رغم أن هناك جدلاً قانونياً حول عملية الإلغاء التي صاحبت تعديلات البند (1) في المادة 15 واستعاضت عنه بالبند “يتكون مجلس الوزراء من رئيس، وعدد من الوزراء من كفاءات وطنية بالتشاور، يعينهم رئيس الوزراء من قائمة مرشحي قوى إعلان الحرية والتغيير، وأطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان على أن يكون من بينهم نسبة 25% تختارهم أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، وقال إن الاتفاق نص على ضرورة أن تكون الحكومة مكونة من الخبرات والكفاءات بغض النظر عن انتمائهم السياسي من غير المؤتمر الوطني وزاد: يضع هذا التعديل في تعارض واضح وصريح مع نص الوثيقة الدستورية التي أوجبت ذلك.

نجاح كامل

وأكد القيادي بالجبهة الثورية د. محمد زكريا في حديثه بأنه على الأطراف أن تنظر بإيجابية لاتفاق السلام، مشيراً إلى أن الاتفاق أفلح في إسكات صوت البندقية وحقن الدماء، وذلك يعتبر نجاحاً كاملاً، ومن لديهم ملاحظات على اتفاق جوبا ان ينظروا للنصف الممتلئ من الكوب، وأكد أن الاتفاق الحالي جديد في محتواه وأطرافه تمثل كل السودان شماله وشرقه وغربه.

ورأى زكريا أن الحديث عن الصراع حول السلطة يعتبر نظرة معيبة، وأن المخرج من الأزمة السودانية في التوافق على كيف يحكم السودان وليس من يحكم السودان، وقال من البدهي أن تعمل الأطراف التي وقعت على الاتفاق في متابعة تنفيذه عبر المشاركة في السلطة لضمان نجاح الاتفاق نفسه، وأن مشاركتهم في السلطة تمت إجازتها ضمن اتفاقية السلام من أجل مراقبة تنفيذ الاتفاق، مشيراً إلى أن من يتخوف من إيقاف تمددهم ومشاركتهم في السلطة عليه تغيير نظرته،  وأن الوظيفة العامة يجب أن تكون من أجل خدمة الشعب. وأكد زكريا أنهم جلسوا مع الحكومة الانتقالية بحضور ممثلي الحرية والتغيير لدمج اتفاق السلام ضمن الوثيقة الدستورية، هناك أخذ ورد فيما يلي إدماج الاتفاقية ضمن الوثيقة الدستورية، تجاوزنا الكثير من العقبات وما تبقى من نقاط يحتاج لتطوير وأخذ ورد، ولكن لا توجد صعوبة في دمج الاتفاق ضمن الوثيقة الدستورية والحوار مع الحكومة الانتقالية وممثلي “قحت” تشهد تقدُّماً ملموساً.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى