صلاح الدين عووضة يكتب : سقوط  الشماعة   !!

 

مقدمة :

ما أشبه الليلة بالبارحة..

فهذه الكلمة كتبناها عند رفع العقوبات…أيام الإنقاذ..

والآن رُفع اسم بلادنا من قائمة دول الإرهاب…أيام الثورة..

فإذا بالخفة الحكومية هي ذات الخفة…والفرح الطفولي هو ذات الفرح..

والشتائم علينا هي ذات الشتائم…وذاتي أنا هي ذات ذاتي..

ويبقى الفشل – ذو الأسباب الداخلية – هو ذات الفشل..

وكأنما التاريخ يعيد ذاته..

والآن إلى نص الكلمة :

الخميس كان يوم صفقة ورقيص لهاتفي..

وزمان كنا نفرح – ونحن تلاميذ – بهذا اليوم ونغني )الخميس صفقة ورقيص(..

رغم إننا ما كنا نصفق… ولا نرقص… ولا ننشد بيوت الأفراح..

كنا نفرح به فقط لأنه الذي يسبق عطلة الجمعة..

وفضلاً عن ذلك فإنه كان يخلو من الحصص الجامدة… والسياط اللينة..

ويطغى فيه لين قسمات وجوه الأساتذة على ملامح جمودها..

رقص هاتفي طرباً – إذن – ورقص ؛ ووزع رسائل شربات الفرح يميناً وشمالاً..

من أقصى اليمين الموالي- سياسياً – إلى أقصى الشمال المجافي..

ونص الرسالة )مبروك رفع العقوبات عن السودان)..

وتوالت الردود ما بين مستبشر… ومتشكك… ومستيئس… ومستعجب..

وسبب الاستعجاب أن يأتي الفرح من تلقائي؛ صادقاً..

وما ذاك إلا لأنني كنت أسبح عكس اتجاه السابحين – وتيارهم – في السابق..

أو ربما كان التيار معي؛ وهم الذين يسبحون عكسه… وعكسي..

ونسوا كلامنا الكثير عن ضرورة التفكير بمنطق..

عن ضرورة أن يقود العقل العاطفة…لا أن تقود العاطفة العقل..

عن ضرورة أن ننظر إلى الأشياء كما هي…لا كما نشتهي..

وأثناء سباحتنا التي بدت معاكسة كان منطق الأشياء يقول: لا رفع للعقوبات..

و يوم الخميس رأيناه يقول : الآن – والآن فقط – تُرفع..

ففرحنا… ورقصنا… وأحببنا أن يشاركنا آخرون هذا الفرح… قبل موعد إعلانه..

ومن الذين تشككوا الأخ الصديق الطيب مصطفى..

وكان رده على رسالتنا المشار إليها (صدقت؟)… ولا أدري ما المقصود بالسؤال..

هل كان يعني أنني صدقته القول ؟…أم صدقت الشائعة؟..

والآن – وبكل الصدق – نقول أن البعض قد لا يبدو سعيداً بهذا الرفع..

سواء كانوا موالين نافذين… أم معارضين شاطحين..

والنافذون هؤلاء معذورون… فأحد أهم حججهم لتبرير سوء الأوضاع قد زال..

فهم يعلمون أن الأزمة من صنع أيديهم…لا من صنع أمريكا..

أو أن الجانب الأكبر منها ناتج عن سوء تدابير داخلية..

تدابير سياسية ذات ترهل وتمدد وتوسع… أكبر من قدرة اقتصاد البلد على تغذيتها..

تغذيتها بالامتيازات والميزانيات والفارهات…وأثمان الترضيات..

ثم تخصيص نحو (75%) من الموازنة لأغراض التأمين..

وما تبقى من فتات يذهب إلى التعليم… والصحة… والتنمية… وضرورات الناس..

والآن الحكومة في مأزق..

فهي مُواجهة بحقائق مريرة قد تنتقص من فرحة (الصفقة والرقيص)..

وأهمها أنها باتت في مواجهة مع الشعب وجهاً لوجه..

وذلك بعد سقوط شماعة ظلت مثقلة – سنين عددا – بالحجج… والأعذار… والتبريرات..

وقد تؤدي إلى (سقوط  آخر!!).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى