السلطان/ كيجاب يكتب : لماذا تأخَّرنا رياضياً رغم إمكانياتنا البشرية والاقتصادية والمادية.. السبب الدولة!

 

هذا السؤال ظل يدور في محور ذاكرة كل السودانيين العاملين في مجال الرياضة، لماذا سبقتنا دول كثيرة أقل إمكانيات مثلنا مقارنة بالسودان تفوقوا عالمياً وأولمبياً وأصبح لهم وجود في المسرح الرياضي، بينما ظل شعارنا الصفر، وهنا نسأل أنفسنا من هم المتهمون بالإهمال الرياضي وما مدى تقصيرهم وماذا قدموا للرياضة ومن هم المسئولون عن هذه النكسه الرياضية ابتداء من رجل الشارع وحتى رئيس الدولة، ولكننا نحاسبهم في حدود المعطيات التي أتيحت لهم، وهذا معيار المحاسبة والمساءلة التي يجب أن تكون في حدود الإمكانيات التي وفرتها لهم الدولة، فالطريق إلى منصات التتويج وإحراز البطولات في العصر الحديث أصبح أمراً شاقاً وطويلاً يحتاج إلى إمكانيات بشرية ابتداء من الناشئين من سن 5 سنوات ومدربين مؤهلين ومؤسسات رياضية متخصصة أعدت ومهدت وقدمت ابطالا في كل الألعاب رغم أن السودان بلد المواهب المتعددة رياضياً وفنياً، فالمواهب لم يبحث عنها أحد لتستقطب وتوضع في بيئات الرعاية الرياضية الصالحة لنموها، هذا موطن الداء ونقطة البداية التي لم تتحقق لغياب من يرعاها كأساس للهرم الرياضي ونحن في السودان لازال شعارنا التخبط العشوائي وعدم الاكتراث واللامبالاة.

ونعين من لا يفهم فيما لا يعلم ومنذ اشتراكنا في أول دورة أولمبية عام 1960م في دورة روما حتى الآن حصادنا تذاكر السفر ذهابًا وعودة وميدالية فضية في دورة بكين، وأحسن شيء نتميز به رياضياً معارك الانتخابات في الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية والافريقية الرياضية، نحن في السودان ينقصنا وضع السياسة الرياضية كبناء صالات متكاملة سليمة وحتى يتم التوصل إلى كيان راسخ فلابد له من أسس وقواعد ومتطلبات، فالسياسة الرياضية يجب أن تحدد أساليب البحث والتنقيب عن الخامات والمواهب في كل أنحاء البلاد كقاعدة أساسية وتحديد الأعمار التي يدار بها وتكوين أجهزة محلية لإشباع المخطط والتنفيذ والمتابعة إلى جانب إنشاء مجلس رعاية الناشئين والموهوبين وهم يمثلون عصب السياسة الرياضية فالمدرب هو الشق الأخير يجب صقلهم محلياً وعالمياً وهم أساس اللبنة الأولى.

في إظهار وإعداد المواهب ومع المدربين لابد أن يتواجد الكشافون ووظيفتهم البحث والتعرف على المواهب الرياضية الفطرية، ونحن في السودان لم نستفد من خبرات الدول التي سبقتنا والتي بدأت من الصفر لسنين طويلة، ولكن بالعزم والإصرار والخطط والاستراتيجيات وصلت بعض هذه الدول إلى قمة الأداء والأرقام العالمية في عدد البطولات والميداليات. وهذه الدول لم يقف عائقاً في طريقها عدد السكان فبعضها ما بين أربعة ملايين وستة وعشرة ملايين مثل كوبا ولم تقف المستويات الاقتصادية عقبة أمامها فمعظمها متوسط دخل الفرد فيها ضعيف للغاية ولم يقف التكوين الجسماني وحجمه كمانع فأبطال كثر من هذه الدول متواضع الحجم والتكوين، والدرس المستفاد هنا أن جميع الموانع والعقبات تزال وتختفي كمؤثرات سلبية إذا اهتمت الدولة بالرياضة ووفرت لها الإمكانيات وتوفرت النية والعزم والإصرار والإرادة مع الأساليب الجديدة والتقدم العلمي والتكنولوجي وهذه الدول قفزت فوق الحواجز وتخطتها وكسروا أسطورة العشوائية والأداء المتدني أذهلوا العالم بنتائجهم الرياضية، هذا هو الإنسان في أرقى وأسمى صورة، لم يستسلم لعوائق الطبيعة عندما تتفاقم عليه المشاكل والصعوبات التي تتحدى قدراته فيستغل قدراته الفعلية والابتكارية، فالإنسان مبدع بطبيعته في مناحي العلم والرياضة والفن، وهذه كلها دروس لابد أن نستفيد منها لأنها دافع وحافز لنا أن ننهض من فشلنا الرياضي ونترك العشوائية ونحذو حذو كوبا وأستراليا وجمايكا وكوريا الجنوبية الذين ظهروا بعد دورة لوس أنجلس الأولمبية وحصدوا الميداليات الأولمبية بالرغم من أنهم لم يكن لهم تاريخ في الأولمبياد بل كانت كل مشاركتهم طيلة السنين الماضية شعارهم الصفر.

وهناك حقيقة واقعيه لابد من معرفتها كيف توصلت هذه الدول للأسرار التي ساعدتهم شامخين على المسرح الأولمبي، والإجابة بسيطة، وضعت هذه الدول سياسات طموحة وإنشاء مؤسسات وهيئات متخصصة لرعاية آلاف من الناشئين وبذلك تحطمت كل العقبات فأصبحت الميداليات في متناول الجميع ولن ينالها إلا من عرف سر الاستعداد لها.

وإذا قمنا بمقارنة بأقرب دولتين  جارتين وتعيش في بيئة ومناخ واحد ظلت كينيا وأثيوبيا تحققان نتائج مشرفة منذ دخولهما الألعاب الاولمبية، وكلاهما ظهر عام 1960م مع السودان في دورة روما، وبدأت كينيا بداية ضعيفة، ثم قفزت وتخطت أثيوبيا رقم تعداد سكانها 103 ملايين وكينيا 49 مليوناً والسودان 43,634,311 وبحساب المجموع الكلي للميداليات الأولمبية أحرزت أثيوبيا 38 ميدالية طيلة مشاركتها بينما حققت كينيا 75 ميدالية والسودان ميدالية فضية في دورة بكين، ويرجع تفوق كينيا أن هناك وزارة خاصة اسمها وزارة ألعاب القوى رصدت لها ميزانيات ضخمة من قبل الدولة ووفرت لها كل الإمكانيات وهم يظلون في معسكرات وتدريب حتى الدورة القادمة.

ومن خلال حضوري ومشاركتي في الدورات الأولمبية وزيارتي للقارات للست ووقوفي ومشاهدتي للبنية التحتية للمنشآت الرياضية ومدى اهتمام الدول بالرياضة التي أصبحت الوسيلة لمدى تقدم الشعوب وزياراتي للميادين الرياضية والأكاديميات الرياضية كنت قد اعددت بحوثاً في كيفية النهوض بالرياضة في بلادنا وليس هناك شيء صعب سوى غهمال المسئولين والدولة التي لم تع أهمية الرياضة وفوائدها كسفارة متحركة، وطالبتا بإنشاء الأكاديمية الرياضية وبناء المدارس الرياضية وهي العمود الفقري للرياضة وبناء أحواض السباحة في كل الولايات والمدن والصالات الرياضية داخل الأحياء وإنشاء البنك الرياضي وهو العمود الفقري في دعم الرياضة وبناء الميادين وقدمت اقتراح قيام البنك الرياضي في عام 2005م، والذي أجيز في المؤتمر، ولكنه حتى اليوم لم ير النور، وقلت لهم في المؤتمر يا جماعة الحيوان عندو بنك اسمو بنك الثروة الحيوانية نحن الرياضيين أكبر شريحة في المجتمع ما عندنا بنك ما عيب عليكم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى