محمد شرف  الدين يكتب : تشييع الأستاذ الجامعي حياً….!!!

 

يحفظ الجميع منذ أيام المدرسة هذا البيت:

العلم يرفع بيتاً لا عماد له  والجهل يهدم بيت العز والشرف… ولعل  وزيرة التعليم العالي تحفظه أيضاً…!!! مجرد حفظ…! دون عمل ملموس يصب في جهد رفع بيت للسودان  عماده الأستاذ الجامعي… بل ترك الأمر هاكذا للجهل ليهدم بيت عز السودان وشرفه…!!!  فواقع الحال الجاثم على كاهل الأستاذ الجامعي يجسد المأساة ويستبشع هول المصيبة..!  وضعٌ يقدح في قول الشاعر تماماً…… وربما تمنى لو لم ينظم هذا البيت، إذا كان يدرك بأنه سيأتي يوم في السودان ، تتسيد فيه عواصف الجهل الهوجاء، وتحاول بممارساتها الفطيرة إخماد مشاعل المعرفة والاستهانة بها، وكأنما تبادل العلم والجهل موقعيهما فصار العلماء يتوسلون مستحقاتهم وعرقهم من لا يقيم لهم وزناً……. فالمشهد المكلوم لوضع الأستاذ الجامعي  يوحي لنا  ويقول: أقروا هذا البيت  هكذا: الجهل يرفع بيتاً لا عماد له، والعلم يهدم بيت العز والشرف…!!

بأي ذنب يصطلي الأستاذ الجامعي بلظى المعاناة ومشقة الحياة؟ ألم يكن من الذين  يحملون مشاعل الاستنارة والتطور والعطاء. ؟! ألم يكن من الذين يناط بهم التخطيط والتطور في بناء الدول الحديثة؟ ألم يكن هو من يستشار ويشير بسديد الرأي لأصحاب القرار؟  لماذا يترك نهشًا لغول الأسعار، ومهانة الإضراب والوقفات الاحتجاجية من أجل حقه المشروع؟ ولماذا يُدفعون  دفعا لاستجداء رزقهم الزهيد  –  بالقطارة – … رزق  تفانى من أجله ليل نهار يُعلم الأجيال لرفعة الوطن وبناء مستقبله ؟؟ هل حقاً نحن نريد النهوض والارتقاء سلم المجد لبلادنا… أليس من المعلوم  بأن لا بلوغ إلى السمو دون علم، والعلم هو السلطان المسخر لخدمة الإنسان.. دول العالم التي تعرف قيمته وسر قوته … وضعته على  قمة مملكة المعرفة لأنه مفتاح سرها الذي استفادت منه دول كثيرة فنهضت وتفوقت وهي الآن تتربع على عرش الرفاهية والرخاء لشعوبها… كيف يستقيم العلم وتزداد المعرفة وتزدهر الأبحاث في مجالاتها المختلفة، طالما من يقوم عليها طريح  الإهمال والتهميش المادي… فبدلًا عن إعمال معارفه و جهده وزمنه في التحضير والأبحاث والتنقيب في دهاليز العلم ومغاراته…. يظل يلهث من صف لصف أو من وقفة احتجاجية وأخرى!

وضع الأستاذ الجامعي الأليم، يفرض  علينا طرح  عدد من الأسئلة  مباشرة على وزيرة التعليم العالي: هل أنت راضية تمام الرضا أن يظل زملاؤك في الجامعات أسرى بين فكي المعاناة والبؤس؟ هل راضية عن أدائك في الوزارة وقد عجزت عن تحقيق مثقال ذرة من  كافة الالتزامات أمام  زملائك؟ عام مضى على توليك الوزارة، ما هو حصادك أو رصيدك في مجال التعليم الإكتروني أو عن بعد؟ هل أنت راضية عن أن تكوني وزيرة لجامعات موصدة الأبواب، ولم تقدمي حلولًا جذرية لاستمرار العملية التعليمية؟ مع العلم بأن دولاً كثيرة أحدث تاريخياً منا لم تتوقف فيها العملية التعليمية…!!! بحثوا عن البدائل فوجدوها… بينما لم يكلف من يحملون أمانة أجيالنا القادمة  أنفسهم  عناء البحث لهم عن بدائل…

كل المعطيات بخصوص وضع أساتذة الجامعات، ومطارة رواتبهم بين الوزارات، تؤكد بلا شك، بأن الأستاذ الجامعي ليس عنصراً أساسياً في معادلة بناء الدولة السودانية، وليس خلايا حية في نسيج التخطيط الاستراتيجي لنهضة الدولة، فكل هذه المعطيات تشير إلى  من يخطط  لتشييع الاستاذ الجامعي حياً….!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى