صلاح الدين عووضة يكتب : هروب !!

 

فلنهرب اليوم..

نهرب من واقعنا البئيس هذا الذي مجرد التفكر فيه – وفي مآلاته – بات لا يقل عنه بؤساً..

فالمآلات صارت على مرمى حجرٍ منا..

ورغم ذلك نحن نتقمص حالة وزير حربية نظام عبد الناصر ليلة الخامس من يونيه حزيران..

فقد كان يلهو مع برلنتي عبد الحميد ؛ رقصاً وطرباً..

وطائرات إسرائيل تهرع – تحت جنح الدجى – نحو القاهرة لضرب مطاراتها العسكرية..

وقومنا هنا يلهون مع شبيهات لبرلنتي هذه بجوبا ؛ رقصاً وطربا..

بل وربما اختاروهن تحديداً لهذا الغرض ؛ فهن لا يعرفن لأي غرض دعين إلى هناك..

ففراغ الرؤوس تم تعويضه بامتلاء أماكن أخرى..

أماكن لا تفكر ؛ ولكن يُفكر فيها بعقول اُفرغت من محتواها… إزاء راهننا الأليم هذا..

فأضحت في مثل فراغ رؤوس شبيهات برلنتي..

والدليل ألا أحد يفكر الآن… ولا ينتبه… ولا يتدبر… ولا يسمع أزيز الخطر في جنح الدجى..

وعلى الأقل يُحمد لعامر إنه انتحر ندماً ؛ رغم حرمة الانتحار..

وها نحن ننغمس في الراهن هذا رغم عزمنا المعلن على الهرب منه ؛ إلى أية جهة..

وفي مرحلة الشباب نوينا – ذات مرة – الهرب إلى أية جهة..

فقد كان الواقع أيضاً – آنذاك – بئيساً ؛ تظاهرات….. ومطاردات…. ومسيلات دموع..

وفي واحدة من المطاردات هذه ضُرب زميلنا بشارة..

ضُرب على رأسه إلى أن أُغمى عليه ؛ وكان رأسه ممتلئاً – غير فارغ – رغم ميعة الصبا..

كان ممتلئاً ذكاءً… وعلماً… وفكراً إخوانياً..

فقد كان من الإخوان المسلمين ؛ مثل أخ لنا – وله – اسمه دفع الله… ولقبه (أبو نضارات)..

وكلا الأخوين – الزميلين – هذين لم يظهرا عند ظهور زمانهما..

زمان حكمهما الإخواني الطويل ؛ فكان هذا مبعث حيرة لي طيلة ذياك الزمان… و هذا..

وأعني عام ثورتنا هذا ؛ وازددنا أشهرا..

والذي رقص الثوار في بدايته فرحاً ؛ ورقص قادته في نهايته – مع شبيهات برلنتي – سفهاً..

وأقول نهايته لأن معالم النهاية أكاد أراها رأي العين..

تماماً كما كنت أرى معالم طريق العودة التي عميت عن سائقنا حين هربنا إلى كسلا..

وكما عميت عن (قائدنا) الآن معالم طريق الثورة..

فلا النثريات المليارية من المعالم…ولا الفشل الغبي للوزراء… ولا الرقص مع السرحانات..

والسرحانة أنثى الذئب؛ وفي البال فيلم (الرقص مع الذئاب)..

وفي كسلا نغص علينا متعة هربنا زميلٌ لنا كان يعشق من يماثل اسم أبيها اسم والد برلنتي..

فدفعه هروبه معنا – وفراقه لها – إلى أن يثرثر مثل عباس مدني..

ثرثرة جوفاء؛ لا هو يستفيد منها… ولا نحن… ولا فتاته… ولا الغرض الذي من أجله هربنا..

كما لاتستفيد من ثرثرة مدني إلا مساحات التلفزيون الزمنية (الفارغة)..

كفراغ رأس برلنتي… و(برلنتيات) جوبا… وزماننا الثوري هذا الذي أمسى كفؤاد أم موسى..

فهل هربنا ؟!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى