اتفاق السلام.. كيف تُكمل النواقص؟!

 

 

الخرطوم ــ صامد أبو هداية

رغم بشريات الفرح باكتمال ملف السلام الشامل والتوقيع على مصفوفة اتفاق السلام النهائية بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية السودانية في جوبا أمس، إلا أنه وفقاً للمعطيات فهناك العديد من المتاريس والعقبات التي تقف عقبة كؤوداً أمام هذا السلام القادم من عمق الجنوب، ويشير ذلك إلى أن عرس السلام لم يكتمل تماماً، ولأن الباب ما زال مفتوحاً، فإن شيطان التفاصيل قد يجد طريقه لمصفوفة التنفيذ ويشكل جملة جديدة من التحديات والعقبات، خاصة حال الوضع في الاعتبار وجود تجارب لاتفاقيات سابقة مشابهة فشلت في إنهاء الحرب بعدد من مناطق النزاع، وخصوصاً في إقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. ويدخل الاتفاق حيز التنفيذ عقب التوقيع النهائي عليه في غضون أسبوعين، كما خُطّط له من قبل الأطراف الموقعة، وذلك بعد الفراغ من إعداد مصفوفة زمنية للتنفيذ، تشمل البنود السياسية والأمنية والاقتصادية، الشيء الذي يرسم بدوره علامة وإشارات على المشهد السياسي تدفع للبحث عن نواقص الاتفاق وكيفية تجاوزها!!

نواقص الاتفاق

ولعل أولى العقبات تمثلت في غياب حركتين رئيسيتين عن التوقيع، الأولى الحركة الشعبية شمال- فصيل عبد العزيز الحلو، وهي حركة تمثل وجوداً واسعاً في ولاية جنوب كردفان، وتُصنف على أنها الأكثر عدة وعتاداً من بين كل حركات الكفاح المسلح، والحركة الثانية فهي حركة تحرير السودان فصيل عبد الواحد محمد نور، وتحظى بثقل شعبي نسبي في دارفور، خاصة وسط النازحين واللاجئين.

ويرى في ذلك رئيس حركة جيش تحرير السودان د. الريح محمود جمعة في حديثه لـ(الصيحة)، أن السلام الذي تحقق بمنبر جوبا ناقص، نسبة إلى أن حركات ذات ثقل وقواعد جماهيرية عريضة لم تشارك بالمنبر، وقال إن نقصان السلام سيؤثر سلباً على الفترة الانتقالية، وأضاف: “نخشى إعادة تجربتي أبوجا والدوحة”.

قفزة ولكن

ما تحقق بالطبع، خطوة كبيرة ومؤثرة لها ما بعدها في مسار الفترة الانتقالية وسودان ما بعد الثورة بل وفي تاريخ السودان الحديث، لكن العقبات دائماً موجودة، وفي هذا السياق قال القيادي بحركة العدل والمساواة أحمد عبد المجيد دبجو، إن الاتفاق في حد ذاته خطوة مهمة وقفزة عالية للأمام، ولكن هنالك أربع عقبات قد تواجه التنفيذ الفترة القادمة.

وأشار في حديثه لـ(الصيحة)، إلى بندين داخلي وخارجي لابد من أن يعملا بتناغم لإنزال السلام لأرض الواقع، وحتى يؤتي أكله وأولى هذه التحديات التمويل والذي يقابله التزام من الأسرة الدولية والحكومة الانتقالية لتمويل مشروعات السلام، ثانياً إلحاق الرافضين من الحركات وهم نوعان: جزء كان من ضمن العملية التفاوضية مثل حركة الحلو؛ وآخر ظل متعنتاً على الجلوس إلى طاولة جوبا وهي حركة نور، وهذا تحدي إلحاق هذه الحركات لتكون جزءاً من الفترة الانتقالية.

اكتمال بالحوار

من جانبه، قال المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر لـ(الصيحة)، إن المجتمع متطلع لأمن واستقرار، والمسألة خارج دائرة الحزبية والقضايا العقائدية، وأشار إلى ان القضية أصبحت قضية وطن وقضية دستورية.

وفيما يتعلق بمقتضيات السلام والنواقص قال خاطر: “إذا كان هناك نقص في السلام سيكتمل بالتدريب والمشاركة والحوار وقاعدة بناء الدولة على القاعدة المركزية بحيث لا يمكن أن نطلق هذه الاتفاقيات بهياكل لا مركزية وسند شعبي عقائدي”.

وأضاف: “العمل القادم والأهم هو ضرورة أن تبدأ التنمية من القواعد التي أعتبرها مهملة، وكانت جزءاً من السياسات المدمرة”، وشدد على أهمية أن يكون هناك إصلاح هيكلي على حد سواء، وأوضح أن أي تراجع عن هذه المسائل سوف يكون هناك نقص في الاتفاقيات.

ومن وجهة نظره الشخصية أبدى خاطر ترحيبه باتفاقية توقيع السلام شريطة أن يصل الدعم كل أطراف النزاع في السودان خاصة المجموعات التي خارج نطاق الاتفاق كحركة عبد الواحد والحلو.

خطوة مهمة

فيما قال المحلل السياسي البروفيسور صلاح الدومة، إن هذا الاتفاق سيكون أفضل لو شمل عبد الواحد، بيد أنه عاد وقال إن هذه خطوة أفضل من ألا تكون, واعتبر أن الاتفاق سيضعف حركتي الحلو وعبد الواحد وسيزيد من قوة  الحكومة.

وأضاف لـ(الصيحة) بشأن الاتفاق والمكاسب التي سيحققها، بأن هناك جملة من المتطلبات ما لم يتم تحقيقها لن يتحقق أي سلام، وتابع أن هذا التوقيع هو واحد من هذه المتطلبات إذ لا يمكنه تحقيق السلام لوحده. 

وأكد أن تتفيذ مصفوفة السلام تحتاج لإرادة قوية، وبالتأكيد أن التوقيع له ما بعده من الترتيبات الأمنية وجمع السلاح وإغلاق الحدود، وأشار إلى تحدي ضعف الموارد المالية للدولة (الميزانية) وانهيار اقتصادها، وهو ربما يشكل تهديداً آخر أمام تنفيذ اتفاق السلام.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى