التحالفات القادمة.. برامج أم محاصصات؟

 

 

تقرير:صلاح مختار

وجّه الناطق الرسمي للتحالف السوداني حذيفة البلولة هجوماً على الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية بسبب –فشلها- كما قال، إلى جانب الوصول لطريق مسدود في كثير من القضايا، ووصف ذلك بعدم “الجدية” وذات طريقة النظام البائد.

ولعل اطلاق الدعوة ليس مسار دهشة المراقبين باعتبار انها ليست جديدة فقد تم اطلاقها من قبل قوى مشكلة لتحالف قوى التغيير والتي تعبر عن الحاضنة السياسية للحكومة، ولكن يبدو ان التآكل الداخلي جعلها تطلق تلك الرسائل بالتالي السؤال الذي يطرح نفسه الى اي مدى يمكن ان تكون الساحة مهيئة لتقبل ذلك وممن تتشكل الحاضنة الجديدة وهل ستكون التحالفات بناء على برامج سياسية ام محاصصات سياسية؟

وصفة المهدي

كان رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي ابتدر خطوات مشابهة للتي قام بها الحزب الشيوعي في وقت سابق، حينما أعلن عن رغبته في تغيير الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية لتحل محل قوى الحرية والتغيير خلال المرحلة المقبلة من عمر البلاد الانتقالي. في وقت ألقى المهدي بسيناريوهات قال إنها متوقعة للحال السوداني مستقبلاً وقد شكلت مخاوف في الوسط السياسي لجهة أنها حملت أفكاراً وصفها البعض بالمتشائمة.في نفس الاتجاه هبت قيادات المؤتمر الشعبي للقاء الأمة عقب نشر الإمام تلك السيناريوهات مباشرة. ودعا المهدي بعدها للسير نحو تشكيل حاضنة سياسية موسعة تضم القوى السياسية لتكون هادياً ونصيراً لحكومة الفترة الانتقالية لتعبر بها مطبات هذه المرحلة.

مراقبون يرون أن توقعات المهدي الأخيرة شجعت الشعبي للتفكير في تشكيل مثل هذه التحالفات، قائمة على البرامج، و وجدت تلك الدعوة حظها من النقاش في لقاء الحزبين  فأمنوا على أهمية عقد المؤتمر الجامع الذي دعا له حزب الأمة القومي في “العقد الاجتماعي الجديد”، لتكوين حاضنة عريضة لحكومة مرتضاة تسوق البلاد إلى انتخابات حرة تفضي إلى ديمقراطية يتطلع لها شعب السودان؛ كما ورد في بيان الطرفين.

الحد الأدنى

يرى الصحفي والمدافع عن حقوق الإنسان، فيصل الباقر، أن الحاضنة السياسية للحكومة ممثلة في قوى الحرية والتغيير؛ ظلّت تواجه تجاذبات وصعوبات كبيرة في الاتفاق حول تبنّي وتنفيذ برنامج الحد الأدنى للإصلاح الاقتصادي والسياسي وإعادة هيكلة الدولة السودانية، بما يُحقّق أهداف الثورة، وتطلّعات جماهيرها لتنفيذ برنامجها الأساسي (حرية.. سلام.. وعدالة). وأضاف فيصل في حديث لـ(مداميك): “يعود ذلك – في تقديري – لسبب طبيعة وبرامج القوى المشكلة لها، فهناك قوى سياسية تعبّر عن مصالح طبقة اجتماعية ليس لديها مصلحة في التغيير الحقيقي، وتُفضّل الإبقاء على النظام القديم بتعديلات طفيفة في المظهر، وليس الجوهر، لترث النظام القديم”.

تغيير جوهري

وأوضح الباقر طبقا للمصدر السابق أن المطلوب تغيير جوهري بنيوي، يُحطّم علاقات عمل النظام القديم، ويبني منظومة متكاملة في الاقتصاد والسياسة والحوكمة واحترام وتعزيز حقوق الإنسان، وتابع: “وهذا يعني بالضرورة دخول البلاد في مرحلة جديدة من التحالفات الطبقية، التي لا بدّ أن تنتج فرزاً طبقياً جديداً، تُعبّر عنه قوى سياسية واجتماعية وثقافية جديدة”، معتبراً أن النظر لحركات الكفاح المسلّح باعتبارها كتلة واحدة وموحدة ومتناسقة في التعبير عن قضايا الجماهير وقضايا التغيير الحقيقي، تبسيط مُخل. وعليه -يقول فيصل- يصبح من المرجّح أن تحدث تحالفات جديدة، ليس بالضرورة أن تظل فيها حركات الكفاح المسلّح متحدة في جبهة واحدة وموحدة، بل سيتم فرز جديد لقوى الثورة يؤدّي في النهاية لخلق حواضن سياسية جديدة. ويرى الباقر أن هذه العملية لن تتم بشكل هندسي أكاديمي، وإنّما عبر تعبير القوى المختلفة عن برامجها، وتطلّعاتها لكيف يُحكم السودان، وليس من يحكم السودان، وتساءل: “على ماذا يتم بناء التحالفات الجديدة؟ هل على المُحاصصات الحزبية المجرّبة أم على تحالفات برامجية واضحة المعالم؟ وبغض النظر عمّا سيحدث من تحالفات على المستوى القريب”. ويؤكد أنه يبقى أنّ الأهم هو استمرار الثورة واهدافها وتحقيق شعاراتها، وهذا الأمر – حسب قوله – لن يتم إلّا بخلق حاضنة سياسية جديدة من القوى المؤمنة بالتغيير، مؤكداً ثقته الكبيرة في أنّ الشعب والشباب الذي قام بثورة ديسمبر ٢٠١٨، قادر على “استعدال” الوضع مهما كانت التضحيات.

تحصيل حاصل

يقول مصدر مقرب لـ(الصيحة) عن الاتفاق الذي وقعه الحزب الشيوعي مع الحركة الشعبية شمال (جناح عبد العزيز الحلو) بعد  بضعة أيام من جولة المباحثات السرية التي احتضنتها أديس بين حمدوك والحلو وانتهت بتوقيع اتفاق أبرز ملامحه مقترح تطبيق العلمانية، يقول ان تلك التحركات تحمل مؤشرات محاولة الحزب الشيوعي في ان تكون له حاضنة بعيداً عن بقية القوى السياسية المشكلة. واعتبره مراقبون أنه تحصيل حاصل ومحاولة من الحزب الشيوعي لبعث رسالة مفادها أنه حزب فاعل وموجود وله رؤاه الخاصة بعيداً عن “الحاضنة السياسية لقوى الحرية والتغيير” ومحاولة لتغيير المفاهيم وسط القوى السياسية بإمكانية التوجه نحو تشكيل تحالفات وحواضن جديدة بعيداً عن هذه الاختلالات السياسية التي تحتضنها قوى الحرية و التغيير، ورؤاه تلك قد تتطابق مع بعض حركات الكفاح المسلح ومحاولة لينأى بنفسه عن الأحبولات السياسية التي تدور داخل الحاضنة السياسية ومغالطاتها.

لاعبون جدد

وأبدى مصدر آخر عدم تفاؤله من قدرة التحالف الجديد من انقاذ البلاد من فشل اصاب الفترة الانتقالية وقال لـ(الصيحة) اذا أصرت القوى التي أرادت ذلك السير في نفس إتجاه التحالف السابق فإن مصيرها الفشل ورأى ان تحالف الحركات المسلحة سيدخل في تشكيل الواقع السياسي الجديد بعيدا عن تجازبات الداخل واختلالات الواقع واشار الى ان الخلافات التي تضرب تحالف قوى الحرية والتغيير كانت متوقعة ان تعجل برحيلها وابعادها عن الساحة وتركها للاعبين جدد كذلك فشل الحكومة في ملف الاقتصاد والخلافات التي صاحبت ذلك كان مؤشر لاسقاط الحكومة واكد ان اي محاولة تشكيل حاضنة جديدة ربما ستعيد الاوضاع الى سيناريوهات متوقعة في الساحة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى