جوبا.. ملامح خارج الإطار

 

 

هذا ما حدث لحظة اعتقال الأمين داود في مطار جوبا

البرهان غادر جوبا عقب التوقيع مباشرة لهذا السبب (….)  

كباشي رصانة وعسكرية في حفل ندى القلعة

حرس دقلو الخاص يثير الأنظار بأسلحته الحديثة

إعلام الجنوب يطلب من حميدتي نزع كمامته لصورة تذكارية

تحليق الطائرة الرئاسية في الجو قرابة الساعة لظروف الأمطار

جوبا / عوضية سليمان

 اعتقال داؤد

عند الوصول إلى مدينة جوبا، وعلى متن عربة المراسم التي تقل الوفد إلى مقر الاحتفال بالتوقيع بالأحرف الأولى، جاء أفراد يتبعون إلى جهاز الأمن بمدينة جوبا يسألون من بداخل كل عربة عن الأمين داود هل متواجد داخل العربة، وقتها لم يكن موجوداً على متن العربة الأولى والثانية، وعند تفتيش الثالثة تم العثور عليه، وتم اقتياده واعتقاله بمكاتب أمن جوبا. وكان ذلك قبل التوقيع بساعتين وقبل وصول رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان بنصف ساعة، وقتها شاع خبر اعتقال الأمين داود في مطار جوبا ما أدى إلى ربكة سياسية كبيرة جداً في ظل جو تفاوضي مليء بالسماح وإنهاء الحرب والقطيعة ولم الشمل، وأصبح اعتقاله بمثابة صاعقة في نظر المراقبين والموجودين بجوبا، وبدأت التساؤلات والتأويلات، وتغيّر مشهد الحدث إلى حدث آخر غير متوقع في نظر الوفود القادمة، ولكن ربما يكون الأمر مرتباً له من الداخل في دولة جنوب السودان وعلى علم بتحركه من العاصمة الخرطوم.

حميدتي يُهدد

ولكن مصادر ذات صلة أكدت لـ(الصيحة) أن نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو علم بنبأ اعتقال الأمين داود في أقل من خمس دقائق من اعتقاله وقتها رفع هاتفه إلى رئيس دولة جنوب السودان وطالبه بالإفراج عن الأمين داود فوراً دون أن يعلم بذلك بقية المحتفلين بالسلام، وأضاف المصدر: لم يقف الأمر على ذلك، وسرعان ما طلب لقاء سريعاً مع المستشار الأمني لسلفاكير توت قلواك، وقال له بالحرف الواحد بلغة تحمل من الواقعية الكثير إن كانت تهديداً أو صرامة: إذا لم تطلق سراح الأمين داود المعتقل عندكم فسوف إغادر إلى العاصمة الخرطوم الآن وطائرتي جاهزة، ولن أوقع، وازداد حديثه صرامة، وقتها ارتبك توت قلواك وقال له إن الأمر سوف يعالج.

غيرة سياسية

وقبل الإفراج عن الأمين داود، تدخل رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان عبر مكالمة هاتفية انتهت بالإفراج عن الأمين داود، وكان من ضمن الحضور في توقيع السلام، إلا أن هنالك مصادر أكدت أن اعتقال الأمين داود جاء يإيعاز من بعض أهل الشرق أنفسهم الموجودين في المسار. وعزت تلك المصادر الأسباب إلى محاولة إبعاده عن المشهد التفاوضي وكل ذلك بسبب (الغيرة السياسية) بينهم، علماً بأنهم من ذات المسار. فيما تشير المصادر إلى أن أحد أبناء السودان ومن مسار الشرق قدم دعماً مقدراً للتفاوض في جوبا متمثلاً في مساهمته بتوفير الجانب اللوجستي، حيث دعم حكومة جوبا بعدد مقدر من السيارات الناقلة للوفود، دعماً لحكومة الجنوب التي احتضنت المنبر التفاوضي.

عند الاحتفال

أكتست جوبا بأحلى حللها البهية في ذلك اليوم المنتظر، وكانت بشائر الفرح مرسومة على وجوه عابري الشوارع والمارة والأسواق وكل ركن من جوبا يقول سلام.. الترتيب والتنظيم عبر رجال المرور في الشوارع، وعند مدخل قاعة الاحتفال من رجال المراسم، واستمر الرقص الشعبي البهيج والأغاني الحماسية التي يلتقي عندها شعبا الشمال والجنوب.. الاستقبال كان مرتباً للإعلاميين وكان تمييزهم واضحاً، إذ علا صدورهم وسم مخطط بعناية فائقة لا تخلو من اللمسة الفنية، كتب عليه (بطاقة صحفي)، ويتم توجيهك إلى المقر المخصص.. وكانت القاعة مزدحمة ودرجة الرطوبة عالية جداً فرضت على الساحة سخانة وحروراً، رغم وجود المكيفات الهوائية في كل زاوية. وأصابت كتمة الرطوبة بعض الحضور بالملل. تأخر التوقيع عن زمنه المحدد له مما أدى إلى ربكة في جدول البرمجة وكانت الأجهزة الإعلامية الجنوبية تنبه الحضور عبر عيون كاميرات الصحفيين وأن ينتبهوا. وكان التنافس في المطالبات السياسية والتعليق سيد الموقف، كل خطاب يحمل في طياته بما يجيش من خاطر المتحدث..

وبعد التوقيع توجه البرهان عائداً إلى العاصمة الخرطوم على متن طائرته الخاصة واعتذر عن عشاء سلفاكير بالقصر الجمهوري بحجة أن الحكومة كلها موجودة في جوبا.

احتفال القصر

وقتها تغير الوضع والحال من الرسميات إلى الاحتفال والفرح والتعيير عن التوقيع الذي تم عبر دعوة أطلقها رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت للجميع لحضور حفل عشاء بحديقة القصر الرئاسي. وقتها تغير الزي الرسمي بالبلدي عندما ارتدى نائب المجلس السيادي الجلابية والعمامة وأيضا رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك والتعايشي وكباشي بينما ارتدى سلفاكير الزي الجنوبي البلدي عبارة عن جلابية تسمى في العاصمة (على الله)، كذلك السفراء والوزراء والعمد والإدارات الأهلية، لم يكن هنالك لبس رسمي غير رئيس الوساطة توت قلواك بالبدلة الزرقاء بينما كانت وزيرة المالية ترتدي فستاناً جذب أنظار الحضور، وكانت الفنانة ندى القلعة ترتدي الثوب السوداني والأغاني الوطنية للسلام الشيء الذي دفع الجميع حكومة وشعباً أن يرقصوا طرباً وفرحاً بهذا القادم من عمق الأزمة.

دعوة

نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو يحظى بشعبية كبيرة وقبول مجتمعي منقطع النظير، عندما ترأس احتفال منظمة (ليس وحدك) خلال حفل توزيع المشاريع الإنتاجية لأطفال فاقدي السند والمشردين، وقتها طلب منهم صورة جماعية، فيما طالب الإعلام بدوره من حميدتي خلال الصورة الجماعية بخلع (الكمامة) لأجل الصورة، ففعل ذلك وخاطبهم بلغة سهلة وبسيطة وقال لهم (استغفروا كثيراً وجروا السبحة ثلاثة آلاف بتفرج)، ومازح رجال الأعمال بأن البعض منهم (جبارين وماسكين القروش) ودعاهم إلى أن يدعموا ويزكوا وأن المال ليس مدفوناً معهم في القبور، وقال لهم (هنالك مالك يمسك رزق الممسك بالمال ودعاهم إلى أن يشيلوا الشيلة معه).

الدعم السريع

عند مدخل فندق برميد بجوبا حيث يقيم نائب المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو، توجد عربتان أمام البوابة محملة وجاهزة ولافتة للأنظار مما يشعرك بأن الجنرال موجود بالداخل وبالرغم من وجود حرس شخصي خلف حميدتي، إلا أن هنالك حرساً خاصاً جداً يرتدي الزي الرسمي ويحمل من الأسلحة بصورة مختلفة في كتفه وصدره وظهره وعند رجليه وذراعيه، ويحمل على يديه الاثنين سلاحاً بحجم كبير والكلاشنكوف مهامه أن يوصل حميدتي إلى قاعة الاجتماعات ويقف عند مدخل القاعة يكثر من النظر يمنة ويسرة.

تغيير جو

الفريق شمس الدين الكباشي دائماً ما يجلس في المساء في بهو فندق برميد وهو مكان جميل جداً، يجلس الكباشي لمقابلة معارفه دون الرسميات، بينما يجلس حرسه الشخصي بالقرب منه.. الكباشي قال إن وجوده في حوش الفندق تخفيف له من ضغط العمل اليومي والاجتماعات المتتالية، وكان وجوده يكشف عن تواضعه الكبير وإحساسه بالغير في ظل مكانته التنظيمية التي يحظى بها يجد احتراماً كبيراً جداً من الجميع، عندما يكون جالساً معهم دون رسميات ويتحمل لقطات الصور (السلفي) مع الحضور.

دعوة عشاء

قدم الوسيط الجنوبي توت قلواك دعوة عشاء بمنزله على شرف عضو مجلس السيادة الفريق شمس الدين الكباشي والإعلام ورجال الأعمال وقدمت الفنانة  ندى القلعة أغاني وطنية للسلام وأغنية (ما علينا ما علينا مهما يقولو الناس أقول وفي ندى أصلو بقولو ويا توت أصلو بقولو) وقتها ذهب إليها توت للتبشير وسرعان ما غنت لكباشي ولكنه لم يبرح مكانه وكان التعليق العسكرية والصرامة موجودة في كباشي، إلي أن جاءت ندى إلى كباشي في مقر جلوسه، وقتها وقف على رجليه وبكامل تأدبه الجم وهز بقبضة يده ما تشير إلى قوة الرجال دون التبشير، فيما انداح الآخرون طرباً وفرحاً رقصاً ودندنة  دون رسميات، فيما تقدم توت قلواك الوسيط الجنوبي صاحب الدعوة بالشكر للصحفيين بصورة خاصة وإلى زرجته التي نظمت العشاء.

العودة من جوبا

واختتم الفريق أول ركن شمس الدين كباشي الاحتفالات بالتوقيع على السلام في اليوم الأخير بزيارة إلى القصر الجمهوري والتقى بالرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار، ومنها توجه إلى مطار جوبا للعودة إلى العاصمة الخرطوم. واستقلت في الرحلة طائرتان رئاسيتان، وعند الوصول إلى الخرطوم كان الجو ممطراً وعاصفة من الأتربة والعواصف الرعدية تشغل الأجواء، مما أدى إلى أن تظل الطائرة تحلق في سماء الخرطوم لفترة طويلة جداً.. بعد أن حاول الطيار الهبوط على مدرج مطار الخرطوم ولكن انعدام الرؤية جعله يعدل عن قراره بالهبوط، وكان الخيار أن تتوجه إلى بورتسودان وتعود في صبيحة اليوم الثاني، إلا أن الكابتن كان ماهراً فقد ظل يحلق إلى أن هبط في الخرطوم، وكانت هنالك وفود في استقبال الطائرتين  وكلهم يلهج بالدعاء بقول: (حمداً لله على السلامة).

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى