زيارة مدبولي للخرطوم.. ما وراء الأكمة

 

 

الخرطوم: مريم أبشر

زيارة رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، التي قام بها للخرطوم وفي معيته خمسة وزراء لأهم وزارات  واستغرقت يوماً واحداً سبقته بعض العطايا للشعب السوداني, اعتبرت الأولى له منذ تشكيل حكومة الفترة الانتقالية برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك .

كثير من الملفات والموضوعات كانت على طاولة البحث خلال البرنامج الماراثوني الذي بدأ لحظة هبوط طائرته بمدرج مطار الخرطوم وحتى مغادرته، تم الكشف بالطبع عن كثير مما دار فيها خلال جلسات المباحثات المشتركة واللقاءات التي جمعت مدبولي ووفده بقيادات المجلس السيادي في البيان الختامي المشترك، بيد أن مراقبين يعتقدون أن كثيراً من الملفات والموضوعات ربما آثر الطرفان عدم إثارتها للإعلام في الوقت الراهن ربما لحساسيتها أو لإتاحة الفرصه لاستكمالها وتمت زيارة رئيس الوزراء المصري للسودان في وقت حساس ومفصلي في ظل التحولات والاستقطابات الكبيرة يشهدها السودان بوجه خاص في هذه الفترة بعد سقوط نظام الإنقاذ.

ما هي الأهداف

ظاهر الزيارة يبدو بالضرورة هو  تعزيز التعاون والتنسيق بين الخرطوم ما بعد الإنقاذ والقاهرة فضلاً  عن  سد النهضة وملف السلام في السودان والمنطقة الإقليمية خاصه دول الجوار، وهي ملفات مثلت  جزءاً  أصيلاً من تلك المباحثات وملفات أخرى كثيرة تهم البلدين إقليمياً ودولياً .

ورغم أن مراقبين يرون أن بعض التعقيدات ربما تقف حجر عثرة فى طريق تنفيذ الملفات ذات الاهتمام المشترك خاصة وأن العلاقات بين البلدين مرت بمرحلة شد وجذب إبان العهد البائد,  إلا  إن  حاجة أي من البلدين للآخر في تلك الملفات قد يسهل عملية الدخول في حوار جدي من أجل حسمها وتحقيق المكاسب المرجوة.

رغبة وإصرار

رغبة وإصرار وعزيمة لدى الجانب المصري لفتح صفحة جديدة مع السودان، يرى السفير والخبير الدبلوماسي الدكتور علي يوسف هي الهدف الرئيس وزراء زيارة مدبولي مؤخرًا للخرطوم، وأضاف أن هناك رغبة من الطرفين لتنفيذ عمل مشترك على الأرض لمصلحة الشعبين وليس تنظيراً وأن يبدآ العمل فورًا، وحصر ذلك في التعاون الاقتصادي وترفيع حجم التبادل التجاري، وأضاف للصيحة أنه ولكي يتحقق، ذلك لابد من أن يضع الطرفان المصلحة العليا. ويعتقد أن رئيسي الوزراء في البلدين ناقشا ملف التعاون والمصالح بصورة موسعة وإيجابية، أضف إلى ذلك وبجانب ما أعلن حول ملف سد النهضة فى البيان المشترك، يقول السفير يوسف إن سد النهضة الذى قررت إثيوبيا لوحدها اتخاذ خطوة مخالفة بإعلانها بدء الملء دون موافقتهما، فإن هذا الموقف أسهم في توحيد موقف البلدين تجاه هذه القضية، ويعتقد أن هذا الملف يكون قد استحوذ على قدر كبير من النقاش باعتبار أن أي خطوة فيه ينبغي أن تكون بموافقة الدول الثلاث وألا   يكون هنالك عداء بينهم .

أما الملف الآخر الذي يعتقد السفير علي يوسف أنه تم التطرق إليه هو النزاع والتوتر الذي يدور حاليًا بليبيا، ووصف الوضع بالخطر جداً والمخيف، لافتاً إلى أنه يؤثر تأثيراً مباشرًا على البلدين بحكم الجوار و جرهما إلى ما لا يحمد عقباه آخذين في الاعتبار ما يسمون بالمرتزقة والمليشيات على الحدود التي تتهم بالتورط في الصراع، ويرى أنه لابد من توحّد المواقف المصرية ــ السودانية حول هذا الملف والعمل على مساعدة الأطراف الليبية بإنهاء هذا النزاع الذي قد يمتد تأثيره ليس على الدولتين فحسب، بل للمنطقة الإقليمية في حال انفجاره. وأما ملف حلايب الذي يمثل خميرة عككنة كلما توترت العلاقات، فيعتقد السفير يوسف أنه إن قّدر لملفه أن يفتح قد يكون على استحياء باعتبار أنه موضوع خلافي حول الحدود فى البلدين، وربما يكون هنالك اتفاق لوضعه جانباً في الوقت الراهن باعتبار أن مسار حل الملف على الأقل من الجانب السوداني فيه خياران فقط هما إما الحل السياسي المبني على التنازلات أو اللجوء لمحكمة العدل العدل الدولية، وهو خيار يرغبه السودان وترفضه مصر . أما في العموم فإن الخبير علي يوسف يرحج أن تكون كل المناقشات ركزت على تثبيت المواقف المنسجمة مع التطورات في العلاقات التي يعيشها البلدان.

سلام السودان

خبير أكاديمي آخر تحدث للصيحة يرى أن مصر تريد أيضًا لعب دور في دفع عملية السلام السودانية، وهو ما برز من خلال زيارة رئيس الاستخبارات المصرية عباس كامل لجوبا عاصمة دولة جنوب السودان مؤخرًا التي تستضيف المفاوضات، حيث أجرى جملة من اللقاءات المكثفة مع قادة الجبهة الثورية التي تضم عددا من الحركات المسلحة السودانية.

تجنب الساخن

أما السفير والناطق الرسمي باسم الخارجية السابق جمال محمد إبراهيم فلديه رأي مغاير  يعتبر أن خلو عدم اصطحاب مدبولي لوزير الخارجية المصري سامح شكري ضمن وفده يعتبر مؤشراً أن مصر لا ترغب في فتح الملفات الساخنة مع السودان في الوقت الراهن السياسية والأمنية منها تحديداً القضايا الحساسة كملف حلايب ويعتقد أن ملف الجامعة العربية كان يفترض لو أن ضمن وفد مدبولي شكري أن تتم مناقشة عضوية السودان في الجامعة العربية وتمثيل الدكتور كمال حسن علي للسودان في منصب مساعد الأمين العام للجامعة العربية وهو قيادي يتبع للنظام البائد، فضلاً عن أنه يواجه ملفات جنائية، وقال للصيحة إنه كان بالإمكان مناقشة تثبيت حق السودان في نيل هذا المنصب ترتيب الأمر مع الحرية التغيير, أما في الجانب الآخر يعتقد إبراهيم أن الطرفين ربما وضعا مزيدا من التنسيق لتعزيز المواقف حيال ملف سد النهضة الإثيوبي خاصة  بعد خلافهما مع أديس حول عملية بدء الملء فضلاً عن التنسيق بشأن أهمية تكوين آلية لفض النزاع الذي تطرحه القاهرة،  وترفضه أديس.

أما الزيارة في مجملها إذا تم استثناء فتح الساخن من الملفات على الأقل في الوقت الراهن فإنها تمثل صفحة جديدة للتعاون بين البلدين في ملفات أخرى عديدة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى