الشرق ولايات تتصدع

منى أبو العزايم  تكتب :

 

1

في خضم الأحداث التي تتطور بشرق السودان بسبب الاحتجاج على الوالي الجديد صالح عمار، أو بالمقابل  حول تأييد هذا التعيين، ظلت الأسافير والشبكات الإخبارية  تتبارى في نقل وجهات النظر من هذين المعسكرين، معسكر مؤازرة الوالي يأتي ليؤكد أن  مكون الحرية والتغيير بولاية كسلا هو وراء تعيين  الصحفي صالح عمار، وأنه  هو مرشحهم.. وقابله رفض عنيف  من مجتمع الولاية بمسميات تجمع النظار والعموديات وشباب الهدندوة،

2

ويظل هناك أمر محير، هو أن بعض من مكونات مجتمع كسلا يصرون على أن قيادة  الحرية والتغيير هو الأستاذ إحيمر،  والظاهر مع تعقد الموقف يتضح أن  في كسلا هناك اثنان حرية وتغيير.

حرية وتغيير بقيادة إحيمر.. هو معلم درس تقريباً معظم  شباب كسلا الثائرين الآن.. وعرف عنه معارضته للإنقاذ  بشدة.

هو الآن في خندق واحد مع النظار والعمد، ونجد أن شباب الهدندوة ملتفون حوله.

3

تصريح الحرية والتغيير هو تصريح سياسي.. باعتبار أن تعيين عمار اختارته الحاضنة السياسيه للانتقالية، لكن هل بمقدورهم مواجهة المد القبلي “السياسي” ضد تعيين الوالي؟؟؟ بصراحة الأمر أصبح معقداً جداً..

4

ما يحدث بكسلا أيضاً عمل سياسي استغل المكونات القبلية بالولاية حيث مقر عمودية الهدندوة، والتي تحسب على إثنية البجا.

وكسلا أيضاً مقر عمودية البني عامر التي ما زالت تلزم الصمت رغم ما عرف عنها الحكمة التاريخية  لنظارتها، وهناك أيضاً تجد الحكمة عند قيادات معروفه من قبيلة الهدندوة.

5

والمعروف أن التقليد الذي كان مُتّبعاً بعد تقسيم الشرق إلى ثلاث ولايات أن  ولاية  كسلا كانت مصنفة  لتحكم  من  أحد أبناء قبيلة البني عامر، وولاية البحر الأحمر هي ولاية الهدندوة، والقضارف مجموع لكل هذه الإثنيات مع مكونات القبائل العربية.. مثل الضباينة واللحويين والشكرية والبوادرة.

والتقسيم نفسه كان إرضاء سياسياً واجتماعياً لمكونات إثنيات الشرق.. في إطار العدالة في تقسيم الثروة والسلطة..

6

لكن الأحداث الأخيرة بالولايات الشرقيه الثلاث، كان البني عامر هم أحد طرفي الصراع.

هذا مما أدى لوقوف مجتمع كسلا ضد والٍ يأتي  من البني عامر.

7

نحن نفخر كسودانييين بأن هناك من  أبنائنا  السودانيين يتفرقون  في شتى  دول العالم.. وأن منهم بالولايات المتحدة الأمريكية رؤساء بلديات مثل الباشمهندسة  أزاهر في ولاية جورجيا وهي سودانية من الشمالية.

وأيضا أحد أبناء القضارف المحامي  سيف عمر النور خميس والده المحامي المعروف بالقضارف،  وهو الآن عضو في برلمان فدرالي أمريكي بواشنطن.. فهل سمعنا أن هناك  احتجاجا من  الأمريكان  الأصليين بالميلاد، على جنسية أزاهر وسيف بأنهما أمريكان مجنسون؟؟

*8*

موقف الزعيم الديني الكبير الخليفه سليمان علي بيتاي إزاء الأزمة الحادثة بولايتي كسلا والقضارف، وتداعيات الأحداث التي اصطحبت معها ولاية البحر الأحمر، أعتقد أنه موقف قوي من زعيم ديني وزعيم مجتمعي معروف محلياً وإقليمياً، له وزنه الكبير في  السودان وإرتريا ودول أفريقية تفخر وتؤكد باتفاقها عليه  وأن مده الروحي وإخلاصه في إذكاء نار القرآن بتلك الأنحاء تحتم عليه أن ينحو هذا المنحى.. وأن يعلن دفاعه لكل إثنيات الشرق وتجنيب الشرق ونسيجه التصدع والتهتك.. مما يتطلب منه كزعيم ديني ومجتمعي كبير أن يعلن أنه يربأ بنفسه من إشعال نار الفتنة القبلية. وخوض غمار الأجندة السياسية البغيضة، وأنه في اتجاهه لمؤازرة ابن الشرق الشاب صالح  عمار، هو إعلان لمؤازرة إثنية سودانية عظيمة متداخلة مع دولة حدودية بالتاريخ والجغرافيا والأجندة والمصالح الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، فهل يمكن بجرة قلم أن تُمحى كل تلك الملامح القوية التي تشكل جزءاً أصيلاً من مجتمع شرق السودان؟؟ الشيخ سليمان علي بيتاي من منطلق موقفه كزعيم فهو يقف أمام الجميع بمسافة واحدة. ومما يجعله موضع ثقه واحترام أنه محسوب على إثنية البجا.

9

موقف الشيخ سليمان بيتاي وأسرته الفاضلة يأتي ليؤكد دورهم الروحي والمجتمعي وتوافق مجتمع الشرق البسيط الطيب والتفافه حول منهج المؤسس الشيخ الكبير علي بيتاي يتوجب من أبنائه وأحفاده المدافعة عن هذا المجتمع المترابط والمتماسك في  نسيجه الاجتماعي، والمحافظة على إذكاء نار القرآن  التي تشهد عليه خلاوى القرآن بهمشكوريب، والتي كانت ملتقى مشهوداً تطور من تجمعات قبلية ليصبح مأمناً  لكل من يريد تعلم وحفظ القرآن من جميع أنحاء السودان والدول المجاورة، وليمتد إلى دول أفريقية ما زالت  تحفظ الجميل لهذه الأسرة العظيمة.

10

هذا الموقف من الداعية الخليفة سليمان بيتاي وبدون أجندة خافية.. هذا موقف رجل داعية كبير أجندته المحافظة على مجتمع الشرق وإبعاده عن كل مسببات التصدع والخلاف.

بل وتمتد هذه الرسالة إلى مجتمع مجتمع إفريقيا حيث هناك خلاوى الشيخ بيتاي المحتشدة بالتلاميذ والمريدين، لتنشر منهجاً يشيع أواصر الترابط والتوافق والمحبة.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى