تجدّد الصراع القبلي في بورتسودان

 

بورتسودان- إيهاب محمد نصر

تحوّل الصراع القبلي في حاضرة ولاية البحر الأحمر مدينة بورتسودان، إلى حدثٍ مُنتظمٍ رغم أنّه يقع دون مقدمات أو أسباب واضحة، وأصبحت لا تمر فترة طويلة على حدوث الصدام وبدء لملمة آثاره، حتى يتجدّد بصورة أفدح وأكثر تأثيراً في المدينة التي تضم ألوان الطيف السوداني من أقصاه إلى أقصاه، الأمر الذي حيّر الحكومة وسكان المدينة، وأعيا الحلول والوساطات المتتالية من المركز والأطراف، وأمس شهد عدد من أحياء بورتسودان مواجهات قبلية جديدة أدّت إلى وفيات ووقوع جرحى وخسائر أخرى، وأدت إلى فرض حالة حظر التجوال مرة أخرى، في مشهد تكرر كثيراً خلال الأشهر الأخيرة!!

مسيرة ومواجهة

وتجدّد الصراع مجدداً بين مكوني البني عامر والنوبة في مدينة بورتسودان، رغم توقيع الطرفين اتفاق صلح ووقف العدائيات (القلد) قبل أشهر، وأفاد شهود عيان (الصيحة)، بأنّ أبناء النوبة نَظّمُوا مسيرة تُندِّد بالعُنصرية وحَملت لافتات “لا للعُنصرية ضد كباشي”، حيث حدثت مُلاسنات بين الطرفين، أعقبه قصف بالحجارة ومن ثَمّ حشود كبيرة توافدت من المكونين عند لفة أزرق، ذات المنطقة التي بدأت منها كل شرارات الصراع القبلي بين النوبة والبني وبلغت في مجملها خمس مواجهات عنيفة خلال عامٍ واحدٍ، أسفرت عن عشرات القتلى ومئات الجرحى.

وبحسب شهود عيان تحدثوا للصحيفة من موقع الأحداث، أنه بعد هذه الحشود بحوالي الساعة جاءت قوات أمنية فرّقت المُحتشدين، ثم بدأت التجمُّعات مرة أخرى، وهذه المرة حدثت اشتباكات عنيفة بالأسلحة البيضاء.

وأكد شهود عيان أنّه عقب عودة الموكب وفراغه من تسليم المُذكرة،  تجدّدت الاشتباكات بين الطرفين وتم حرق جُزءٍ من حي فيليب، فيما ردّ النوبة بإحراق أجزاء من حي دار النعيم.

وأفادت مصادر (الصيحة)، بوقوع حوالي أربعة قتلى وأكثر من (30) من الجرحى، كما تم حرق عدد كبير من المنازل في مناطق سكن المكونين المتصارعين.

وقد حاولت (الصيحة)، الاتصال بمدير عام وزارة الصحة بولاية البحر الأحمر لمعرفة مزيدٍ من التفاصيل، ولكن باءت كل المحاولات بالفشل.

حظر التجوال

عقب هذه الأحداث وعلى الفور، اجتمعت اللجنة الأمنية لولاية البحر الأحمر، وأصدرت قراراً بإعلان حظر التجوال في الأحياء التي بها الأحداث اعتباراً من الساعة الخامسة مساء أمس الأحد وحتى الساعة السادسة صباح اليوم الاثنين.

كما قرّرت اللجنة الأمنية، تحرُّك قوة مشتركة إلى موقع الأحداث والتعامُل مع التجمهر باستخدام كل وسائل الردع (السوط – العصي والبمبان) واستخدام الذخيرة إذا استدعى الأمر – حسب توجيه وكيل النيابة المُشرف، والقبض على المُتجمهرين وفتح بلاغات في مُواجهتهم وإيداعهم الحراسات.

مسؤولية الأجهزة

(الصيحة) تواصلت مع العديد من القيادات الأهلية بولاية البحر الأحمر بشأن الأحداث الأخيرة، وجميعهم ألقوا باللائمة على الأجهزة الأمنية بسبب تصديقها لمسيرة ومرورها بخط سير في مناطق التهاب شهدت صراعات ومُواجهات عديدة دُون أن يكون هناك تأمينٌ لخط سيرها، الأمر الذي يتوقّع ألا يمر مروراً عادياً وقد كان حسب ما توقّع الكثيرون.

وقد أفاد شهود عيان بأنه كان هناك استعدادٌ لدى الطرفين نتيجة للحشود السريعة، وقد أكّد عددٌ من المراقبين لـ(الصيحة) أنّ استعداد الطرفين للمُواجهات أمرٌ مُتوقّعٌ نتيجة للصراعات الشرسة التي حدثت بينهما خلال عامٍ واحدٍ، وكذلك لفقدهم للثقة في السلطات المعنية لاعتقادهم أن دور تلك السلطات كان سلبياً.

إحصائية أولية

من جانبها، قالت لجنة أطباء السودان المركزية فرعية ولاية البحر الأحمر، إن مدينة بورتسودان تمُر بأحداث مؤسفة ذات طابع قبلي في بعض الأحياء السكنية، وأشارت إلى إعلان اللجنة الأمنية بالولاية حالة الطوارئ وحظر التجوال من الساعة الخامسة مساءً وحتى السادسة صباحاً ابتداءً من الأحد في الأحياء المُتأثِّرة.

وكشفت اللجنة أنّ الأحداث خلّفت (4) وفيات، وما يقارب الـ(35) إصابة متفاوتة، منهم (4) نظاميين جميعها بالذخيرة الحَيّة حتى الآن. ودعت اللجنة الطبيبات والأطباء والكوادر الطبية بالولاية عموماً، وطبيبات وأطباء الجراحة خصوصاُ بالتوجُّه إلى مستشفى الحوادث (جراحة) ومُستشفى الموانئ البحرية للمُساعدة بإسعاف المُصابين، كما دعت المُواطنين إلى التبرُّع بالدم ببنك الدم المركزي، وقالت إنها ستتابع تفاصيل الإصابات والتطورات فيما بعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى