استجواب البشير… تفاصيل ما حدث

ممثل الدفاع: البشير لن يتحدث مع اللجنة وسيُقاضيها

 

الخرطوم: أم سلمة العشا

العاشرة من صباح أمس، التفت جموع كبيرة حول مجمع نيابات الخرطوم شمال، الانتشار الكثيف لسيارات الشرطة والجيش والأمن، والنجدة والعمليات، طوقت المكان، تأجيل عمل العرائض لساعات في النيابة، كانت الأمور تبدو غير عادية، وكأنما الجميع في انتظار أمر جلل، في المقابل اصطف مراسلو القنوات الفضائية أمام النيابة، وبدأوا في تجهيز كاميراتهم للظفر بالتقاط الصور. الحادية عشرة، تقدم عدد من جنرالات السلطات المختصة بالتأمين صوب نيابة الخرطوم شمال، وصعدوا الطابق الأول، ناحية القاعة المخصصة لاستجواب الرئيس السابق المخلوع عمر البشير، من قبل اللجنة المكلفة بالتحقيق في بلاغ تدبير انقلاب 1989م، الذي قاده البشير آنذاك.

قبيل صدور الحكم على البشير بتهمة الثراء الحرام، والمشبوه، والتعامل غير المشروع بالنقد الأجنبي، والمحدد في الرابع عشر من ديسمبر الحالي، شرعت اللجنة المكلفة بالتحقيق في بلاغ انقلاب 1989م، بتهمة تقويض النظام الدستوري، في اتخاذ إجراءات قانونية، واستدعت أمس البشير، بعد مخاطبة رسمية لسلطات سجن كوبر، لبدء إجراءات استجوابه في البلاغ المقدم ضده من قبل محامين وناشطين، حيث وافقت السلطات على طلب النيابة، وأحضرت البشير وسط إجراءات وحراسة أمنية مشددة، شملت الشرطة، الجيش الأمن، الاستخبارات العسكرية، قوات الدعم السريع.. بجانب وجود أعضاء من هيئة الدفاع عن البشير ممثلة في هاشم أبو بكر الجعلي، محمد الحسن الأمين، وعواطف الجعلي، في انتظار موكلهم.

دخل البشير بحراسة أمنية مشددة، لقاعة الاستجواب التي تضم اللجنة المكلفة، وأغلق الباب، في الأثناء ردد بعض مناصريه الموجودين بالنيابة، عبارات التهليل والتكبير، واستمر التحقيق مع البشير ساعة كاملة بالتمام والكمال، لم يكن بوسع الدفاع معرفة ما دار بشأن الاستجواب، حينها تفضلت بسؤال ممثل الدفاع محمد الحسن الأمين، هل يتم الاستجواب دون حضور المحامي، رد قائلاً: إن العرف القانوني في السودان أن يتم الاستجواب للمتهم فقط، بخلاف ما يتم في القانون الأمريكي، وزاد: أن تدخل المحامي مرتبط بمرحلة توجيه التهمة.

عقب الفراغ من التحقيق الذي تزعمه وكيل النيابة أحمد النور الحلا، باعتباره عضواً ومقرراً في البلاغ، ضجت الحركة داخل قاعة الاستجواب، حيث أحضرت القهوة بناءً على طلب البشير، بعدها غادر القاعة وسط تهليل وتكبير.

في الوقت الذي ينتظر فيه الصحفيون الحصول على معلومة عن مجريات الاستجواب، حيث امتنعت النيابة واللجنة عن الإدلاء بأي معلومة حفاظاً على السرية التامة لمجريات التحقيق.

كشف ممثل الدفاع محمد الحسن الأمين عن معلومات تفيد بأن البشيبر وفقاً لاتفاق مسبق مع هيئة الدفاع عنه لن يدلي بأي معلومة، في الاستجواب بخصوص بلاغ 1989م، وأضاف” حسب اتفاقنا مع البشير لن يتحدث مع هذه اللجنة وسيقاضي اللجنة باعتبار أنها ليست محايدة، ولن يفضي بأي كلمة”، وقال الأمين: كذلك سيمتنع بقية المتهمين في البلاغ، عن التحدث لحظة الاستجواب.

وقال في تصريحات للصحفيين إنه تم أمس استدعاء البشير للتحقبق معه في البلاغ المفتوح حول 1898 حسب ما تم تشكيل لجنة له برئاسة أحد روساء النيابة، من قبل النائب العام، وأضاف: “نحن في هيئة الدفاع نعتبر أن البلاغ مفتوح مسبقاً، من النائب العام حينما كان مواطناً عادياً، ومعه ثلاثة محامين”، وأشار إلى أنه تم التحقيق مع الصادق المهدي، ومهدي بابو نمر، من بعد ذلك تم تعيين الحبر نائباً عاماً وكوّن هذه اللجنة. وقال إن اللجنة غير محايدة باعتبارها مكونة من قبل الشاكي الذي فتح البلاغ، وإن كانوا هم قد أتوا بشاكٍ آخر، وقال إنه تم إخطار البشير بخطاب مكتوب بأنهم سيواصلون التحقيق في البلاغ رغم الطعن الدستوري الذي تقدمت به هيئة الدفاع، باعتبار أن اللجنة مكونة من شاكٍ وغير محايدة، كما تم أمس استدعاء سليمان محمد سليمان عضو مجلس قيادة الثورة في 1989، قائلاً “نحن لا ندري ماذا حدث داخل غرفة التحقيق”، ولكن تم التحقيق مع البشير وسليمان محمد سليمان، وأوضح أن القضية سياسية لها 30 سنة، ومضت عليها أحداث كثيرة شارك فيها عدد كبير، بالتالي لا نعتقد أن المسألة إجراءات قانونية أو قضائية، وإنما هنالك جهة تسلمت السلطة وأن هنالك أجهزة كانت موجودة، في كل الأحداث، وأكد أن القضية ليست قانونية، وإنما سياسية.

وفيما يتعلق بالاتهام الآخر الذي يواجهه البشير، قال الأمين إنه تم تسليم مرافعة الدفاع الختامية، وسيتم إصدار القرار في الرابع عشر، وقال أيضًا إنها قضية سياسية وليست قانونية، وأشار إلى أنه ليس هنالك في الوثيقة الدستورية ما يجعل هذا الإجراء ممكناً. وأشار إلى أن بعضاً من هيئة الدفاع ذهبوا للمحكمة الدستورية بشأن ما تم في الطعن المقدم، وحتى الآن لم يصدر أي تعليق بالنسبة للطعن الدستوري، وأكد أن هيئة الدفاع تتوقع براءة الرئيس باعتبار أنها مدافعة عن الرئيس بكل ما تملك وتتمنى أن يُبرّأ من هذه الجريمة السياسية، وأن الفعل الذي قام به البشير هو فعل وطني فيه غيرة وأمانة على أموال الشعب السوداني، وعلى الأموال التي قُدمت إليه من قِبل أحد الرؤساء، وبالتالي لا نعتبر أنه موقع لجريمة وإنما هي سياسة.

إجراءات اتخذتها اللجنة المكلفة بالتحقيق في البلاغ المدون ضد مدبري ومنفذي أنقلاب 30 يونيو 1989، حيث تمت مخاطبة سلطات السجون بتسليم المتهمين، عمر حسن أحمد البشير، وعلي عثمان محمد طه، ونافع علي نافع، وعوض أحمد الجاز، وبحسب مصادر أن التحقيق مع البشير يعد الأول في البلاغ، وأنه رفض التحقيق معه بسجن كوبر، في الفترة الماضية، وطبقاً للمصادر أن البشير رفض التحدث في عدم وجود محاميه.

كما شملت الإجراءات في البلاغ إصدار أوامر قبض في مواجهة كل أعضاء مجلس قيادة انقلاب الإنقاذ العسكريين الأحياء، إضافة إلى علي الحاج وإبراهيم السنوسي القياديين في حزب المؤتمر الشعبي الذي كان يتزعمه الدكتور حسن الترابي، والذي شكله بعد المفاصلة بينه وبين نظام البشير عام 1999.

عقب خروج البشير من النيابة، اصطفت جموع غفيرة من الثوار أمام نيابة الخرطوم شمال، وهتفوا في وجه البشير، هتافات عالية، رددوا خلالها مكانك كوبر، الدم قصاد الدم لن نقبل الدية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى