شرق جبل مرة .. محاولة الخروج من غرفة الانعاش

 

 

رسالة مهمة من أهالي (سوني) لـ(عبد الواحد نور)

 

افتقار المنطقة للتحصين أدى لظهور حالات شلل وسط الأطفال

 

مشاهد مؤلمة.. مواطنون يحملون مرضاهم على اعناقهم واكتافهم 

الصحة بالولاية تقر بظلم اهالي شرق الجبل وتتعهد بتقديم الخدمات

سوني: حسن حامد

برغم جمال المناظر والطبيعة الخلابة التى تتمتع بها مناطق سُوني وجاوة التى تقع فى أعلى ققم جبل مرة بمحلية شرق الجبل بجنوب دارفور وبرغم الثروات والخيرات الكبيرة التى توجد بتلك المناطق إلا أن انسانها يعاني غياب الخدمات الاساسية من صحة وتعليم وغيرها علاوة على انعدام شبكات الاتصالات فى المحلية وزاد تلك المعاناة وعورة الطريق المؤدى الى تلك المناطق السياحية.

حقا انها جنة الله فى الارض تلك المواقع السياحية المنسية التى تقع فى ارتفاع ١٧٧٠ متر فوق سطح البحر تمكنا من الوصول اليها برفقة وزارة الصحة بجنوب دارفور بقيادة مديرها العام د. محمد إدريس عبد الرحمن فى زيارته التفقدية لاحوال المواطنين فى مناطق محلية شرق جبل مرة والتى انتهى بها المطاف فى سوني العروس التى كان الوصول اليها بشق الانفس بسبب وعورة الطريق المؤدى اليها ولكن الوصول الى سوني وطبيعتها الخلابة ازالت عنا رهق السفر رغم الحزن الذي اعتصرنا بتدمير البنى التحتية لتلك المناطق ومعاناة اهلها بفقدهم للخدمات كافة وخاصة الصحة التى غابت فى الكثير من المناطق.

*الطريق إلى سونى

ثلاثة ايام قضاها وفد وزارة الصحة فى سفوح وتضاريس هذا الجبل الشامخ بعد ان كان المبيت فى حاضرة المحلية دربات التى مازالت تنشد الاعمار وعودة الحياة لطبيعتها وفى منطقة ابوهريرة التى استهل بها الوفد جولاته كلنت المعاناة العنوان الابرز حيث توجد أعداد كبيرة من المواطنين بلا خدمات سواء كانت صحية او تعليمية وغيرها.

 

فمنطقة ابوهريرة التى تحيطها مناطق تيو شرق، وسط، غرب، تارنقا، برتا، بقنقا، كازميل غرب وشرق بالاضافة لتلو، كلها هذه المناطق يعتمد ابناؤها فى التعليم على مدرسة وحيدة فى ابوهريرة وطالها التدمير والانهيار منذ العام ٢٠٠٣م مما جعل الاهالى هنا ان يقيموا نفيراً شعبياً شيدوا من خلاله مدرسة مكتملة الفصول بالمواد المحلية يدريها ستة معلمين اثنين فقط معينين بحسب سيف الدولة الطاهر احمد احد اعيان المنطقة والذي قال لـ(الصيحة) إن الصحة بمناطق أبو هريرة صفر ويتلقى الاهالى العلاج فى دربات حاضرة المحلية وليبا بعد قطع مسافات بالدواب تتراوح مابين اربعة الى ستة ساعات كما يواجه المواطن معاناة كبيرة فى المياه ويعتمدون فقط على مجاري الخيران التى تمتلئ فى فصل الخريف وهى غير صالحة حسب تعبيره مطالبا بإنشاء مضخات ودوانكى والاستفادة من المياه المهدرة بقيام السدود.

بينما شكا المواطن زكريا على بكر من معاناة الطرق وصعوبة التواصل عبر الدواب خاصة نقل المرضي الى اقرب موقع للعلاج مشيرا الى انهم يحملون الحالات الحرجة من المرضي على الاكتاف فى سرير) يتبادل حمله الرجال حتى مركز العلاج.

وفى جاوة كشفت زيارة وزارة الصحة عن حالات مشتبهة بالشلل وسط الأطفال اقر بها مدير عام الوزارة وذلك بسبب غياب خدمات تطعيم الاطفال طوال السنوات الماضية بحسب الاهالى.

 

وفى حاضرة الوحدة الادارية جاوة التى نظم فيها يوم علاجي مجاني اقامته الوزارة والتامين الصحي إتضحت الصورة الكاملة بغياب خدمات الصحة بعدد من مناطق الجبل فحالة انهيار البنى التحتية لمركز صحى جاوة الذي تأسس فى الخمسينيات تؤكد ما ذهبت اليه فى غياب الخدمات، وتدافع المواطنين الكبير أرسل رسالة واضحة للسلطات الصحية بحاجة المنطقة لتوطين العلاج بتلك المناطق.

*ظلم جاو

يقول المعلم بمرحلة الاساس بوحدة جاوة الادارية الفاضل اسحق عبدالرحمن إن سكان جاوة مظلومين من ناحية توفير الخدمات ومن اولاها الصحة والتعليم والمياه إضافة الى حوجتهم الماسة لسفلتة الطريق الذي يربط بين نيالا ومناطق الجبل حتى سوني.

وأضاف الفاضل انهم مقطوعين تماما عن السودان ومايجرى حولهم بفقدهم لشبكات الاتصالات فى كافة مناطق جبل مرة مطالبا حكومة الفترة الانتقالية بالنظر اليهم خاصة وان مناطقهم تم تدميرها بالكامل بفعل الحرب مشددا على اهمية الطريق والاتصالات سيما وان جاوة من أكبر المناطق المنتجة للدخن والصلصة والويكة بالاضافة للمنتجات البستانية من برتقال وتفاح وعنب ومانجو ورمان وجوافة التى ترقد جانينها فى وادى أورتل وبودكو بشرق جبل مرة مشيرا الى ان سوق جاوة قبل الازمة يستقبل عدد (١٧) شاحنة تقل خيرات المنطقة الى اسواق ام درمان و(١١) عربة الى نيالا بالاضافة الى (١٣) عربة الى الفاشر وتابع الان بدأت هذه الحركة التجارية تعود مجددا ونطالب الحكومة بتوفير الظلط وشبكة الاتصالات.

بينما يقول بشير ارباب ان المواطن فى جاوة لاول مرة يشعر بإهتمام من قبل الدولة بعد زيارة وزارة الصحة التى قدمت لهم الكثير آملا فى ان لا تنقطع زيارة المسؤولين عنهم واعادة ما دمرته الحرب وحصول المواطن على الخدمات الاساسية مشددا على اهمية وجود الطريق المسفلت الذي سيوفر خيرا كبير للبلاد من خيرات جبل مرة المنسية التى تغذي اسواق الولايات والعاصمة.

*سونى العروس تحتضر*

 

من غير المعقول مناطق سياحية مثل سوني التى تمتلك اطول شلال الا تلتفت اليها السلطات وتجعلها قبلة للانظار العالمية من حيث السياحة التى ستدخل لخزينة الدولة أموال طائلة فمناظرها الخلابة وخيراتها الوفيرة فقط تحتاج لايصال الطريق المسفلت اليها خاصة وان الاهالى قالوا ان هنالك دراسة سابقة لطريق نيالا جبل مرة لكنها وضعت فى سلة المهملات.

ويقول الشيخ على عبد النور بحر أن منطقة سوني تأسست فى العام ١٩٥٠م أسسها الشرتاي الراحل  ابراهيم بحر الذي رحل عن الدنيا بعد عمر ١٣٦ سنة مشيراً إلى أن المنطقة منذ التاسيس ظلت عامرة وتوسعت حقولها البستانية ولكنها تدمرت بظروف حرب دارفور واحرقت الحقول فى العام ٢٠١١م، لكنهم بعد جهود مضية قادها الشيخ على بالتواصل مابين قادة الحركات والجانب الحكومى حتى تمكن فى ارجاع اهله الى المنطقة فى العام ٢٠١٣م وعادت معهم الطبيعة والانتاج الى ماضيها لكنه قال ان المنشآت تدمرت حتى طالت استراحة سوني الشهيرة التى تنتظر من يخرجها من غرفة الانعاش لتصبح شامخة لاستقبال السواح فى زمن الانجليز.

واضاف على لـ(الصيحة) إن المنطقة الآن تشهد استقراراً كبيراً لكنها محتاجة للخدمات وعلى رأسها الطريق فى إشارة الى معاناتهم فى نقل المنتجات الى الفاشر ونيالا وام درمان مؤكدا وقوفهم مع حكومة الثورة التى طالبها بالنظر اليهم ليكتشفوا القيمة الاقتصادية التى تتتمع بها المنطقة خاصة فى أعالى قمة الجبل وتابع (مادام رجعنا عودة طوعية نحلم بأن تتواصل معنا الحكومة وتوفر لنا الخدمات وان يأتى الينا السياح واليوم المواطن (مبسوط) وزيارة الصحة والمدير التنفيذي للمحلية نعمة كبيرة فقط نحتاج للطريق والصحة والتعليم واعادة تاهيل سد سوني الذي كان يسقى الحقول ويوفر الماء للمواطنين)

فيما قال المواطن شيخ الدين عبدالجبار احمد إن سونى ظلت تعانى الكثير من المشكلات على رأسها وعورة الطريق الذي جعلها بعيدة عن المناطق الاخرى فى السودان واضاف ان الاهالى وبالجهد الشعبى قاموا بفتح الطريق المؤدى من دربات الى جاوة وسوني حتى تمكنت الشاحنات التجارية من الوصول الى المنطقة وعادت الأسواق تنتعش مجددا مشيرا الى انهم حتى الآن رصدوا خمسة عشر مشوار للحركة التجارية من سوني الى ام درمان ونيالا والفاشر والنهود وزاد نأمل من حكومة الثورة انصافنا بهذا الطريق وان تكون هناك نظرة خاصة لتنمية هذه المنطقة”.

*الحزن يخيم*

الايام العلاجية التى اقامتها وزارة الصحة والتامين الصحى بمنطقتى جاوة وسوني كشفت عن غياب الخدمات الصحية حيث ابدى مدير عام الصحة د. محمد ادريس عبد الرحمن بالغ حزنه لما وجده على الارض وقال ان هناك اعداد كبيرة من المواطنين وقرى كبيرة بلا خدمات وأضاف ” فى ابوهريرة تفاجئنا بوجود حالات متوقع إنها شلل أطفال لأكثر من اربعة اطفال وبالمعلومات تأكدنا من عدم وجود خدمة تحصين الاطفال وهذا زاد من حزننا).

وتعهد ادريس باعادة تاهيل مركز صحي جاوة الذي شيد فى العام ١٩٥٦م بجانب انشاء مركز صحي في ابوهريرة واخر فى سوني التي لا توجد بها غرفة واحدة للخدمة الصحية وتابع بالقول ” فى سونى اقمنا يوما علاجيا ولم نجد فيها خدمة تحصين نهائي ولا صحة انجابية ارعاية صحية اساسية بصورة أشمل فهذه مشكلة ومع وعورة الطريق شفنا المعاناة الكبيرة التى تواجهها المرأة لذلك ستجد هذه المناطق العناية من قبل الصحة خلال الفترة المقبلة”.

 

*إستنجاد حكومة المحلية*

المدير التنفيذي لمحلية شرق جبل مرة د. الطاهر نورالدين قال ان الايام التى اقيمت فى جاوة وسوني والتردد الكبير للمرضي أدى الى انقطاع الدواء في فترة وجيزة، دلالة على الحوجة الماسة لتوطين العلاج بالوحدة الادارية جاوة وسونى على وجه التحديد آملا ان تجد تعهدات مدير عام الصحة التمويل من الدولة والمنظمات حتى تصبح الصحة واقعا يمشي بين الناس.

وطالب الطاهر وزارة الصحة باستمرار الايام العلاجية كل ٤٥ يوم لحين قيام المؤسسات العلاجية التى تقدم خدمات للمواطنين واختتم حديث بتوجيه الدعوة لرئيسى مجلس السيادة والوزراء بزيارة منطقة سونى.

*غياب الخدمات*

الادارات المتخصصة بالصحة التى رافقت مديرها العام فى تلك الزيارة اقرت بغياب خدماتها عن تلك المناطق حيث يقول مدير التحصين د.عمار احمد ان زيارتهم كشفت عن غياب الخدمات التى غابت طوال سنين الحرب فى دارفور وتلاحظ غياب خدمة التحصين الموسع فى كل المناطق التى طافوا عليها عدا دربات وبلى سريف أما بقية المناطق ولظروف الحرب السلطات لم تتمكن من الوصول اليها وجزء كبير من الاطفال لم يتلقوا خدمات التحصين آملا ان يكون هناك سلام عاجل يمكن ايصال الخدمات الى هؤلاء الاطفال وتعهد عمار بتوفير ثلاجة لحفظ الامصال فى مركز جاوة وان يتم تغطية بقية المناطق عبر الجوال لحين اكمال الخدمات وقال انهم وتحقيقا للشعار المرفوع ” لن نترك طفل خلفنا” سنصل الى كل أطفال السودان فى محلية شرق  جبل مرة مناشدا كل السودانيين في حركات الكفاح المسلح والحكومة بالتوصل لسلام فى اقرب وقت خاصة وان هذه المناطق لثمانية عشر عاما السلطات المقدمة للخدمة ماقدرت تصلها واختتم حديثه قائلا ( الدعوة من سوني نرسلها لعبد الواحد نور بالحلوس والتفاكر حول مستقبل أطفال مناطق جبل مرة.

 

بينما قال نائب مدير الطب الوقائي د. النذير حسين الجزولى انهم من خلال الزيارة اجروا مسحا مبدئيا حول امكانية تقديم الخدمات الوقائية بهذه المناطق التى كان الوصول اليها غاية فى الصعوبة فى السابق مشيرا الى جلوسهم مع الاهالى والتأمين على دور المشاركة الجماهيرية فى خدمات الصحة الوقائية ومنها تقديم الخدمات العلاجية بالنسبة للامراض المتوطنة وتوفير الدواء المجانى للملاريا والبلهارسيا بجانب تدريب الكوادر على كلورة المياه لتصل المواطن آمنة من التلوث كما التفاكر معهم على كيفية ايصال الناموسيات المشبعة التى صعب توصيلها خلال السنوات الماضية.

 

بجانبها قالت مساعد منسق الصحة الانجابية بالولاية د. مناسك علم الدين انهم وجدوا عدد من المناطق خارج التغطية بخدمات الصحة الانجابية وتمكنوا من اجراء مسح شامل حول احتياجات المرأة الحامل وفى سن الانجاب بعد ان علموا بموقع الخلل واضافت ” بصعوبة الوصول لهذا المناطق عبر هذا الطريق الوعر سنقدم لانسان شرق جبل مرة وسنضع لهم الاولوية خاصة لمساعدة المرأة فى هذه المناطق قاسية الوصول.

وقالت مناسك انهم من خلال الزيارة استطاعوا تقديم خدمات للنساء الحوامل وتوزيع الناموسيات المشبعة بالاضافة للعيادة المجانية والادوية فى هذا المجال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى